هل تشكل معركة الحُديدة بداية النهاية لانقلاب الحوثيين في اليمن؟

حسام السبكي

حسام السبكي

أيامٌ قليلة وربما ساعات، ويُعلن عن تحرير محافظة الحُديدة الساحلية الاستراتيجية في اليمن، من قبضة الميليشيات الحوثية الانقلابية، بعد الحملة الجديدة التي شنتها قوات التحالف العربي، بدعم قوي من القوات المسلحة الإماراتية، والتي أضحت المنفذ الاستراتيجي الوحيد للميليشيات المدعومة إيرانيًا للحصول على الدعم العسكري المطلوب لإكمال عدوانهم على الشعب اليمني وتنفيذ المخططات الطائفية لملالي طهران.

في التقرير التالي نرصد أبعاد التطور العسكري الجديد في اليمن، ومدى تأثيره على الانقلاب والتعجيل بعودة الشرعية إلى البلاد بعد أكثر من 3 أعوام.

الحُديدة.. مسرح جديد لعمليات التحالف العربي

فبدعمٍ وإسنادٍ إماراتي، واصلت قوات الشرعية والجيش اليمني المدعومة من قبل التحالف العربي، نجاحاتها العسكرية على الأرض، والتي تأتي بالتزامن من التطورات السياسية التي شهدها الملف اليمني خلال الأسبوع الماضي، بعد انفضاض تحالف صالح والحوثيين، واندلاع انتفاضة كبرى من قبل الشعب اليمني وقوات حزب المؤتمر، والذي بلغ ذروته باغتيال الرئيس السابق “علي عبد الله صالح”، لتفتح المعارك الجديدة في الساحل الغربي لليمن، الباب على مصرعيه أمام طرد مرتزقة إيران، وسدًا للمنافذ التي يتغذى عليها المتمردون الحوثيون.

وتظهر نجاحات القوات الشرعية المدعومة من قبل قوات التحالف العربي الإصرار على مواجهة ودحر الحوثيين، والتقدم في سبيل السيطرة على عدد من النقاط الاستراتيجية المهمة، لا سيما في معركة الساحل الغربي عقب أن تمت السيطرة على مديرية الخوخة التي تعتبر أولى مديريات محافظة الحديدة الساحلية، بالإضافة إلى السيطرة على معسكر أبو موسى الأشعري الاستراتيجي داخل المحافظة.

وتهدف العملية العسكرية التي أطلقتها قوات الشرعية والتحالف العربي من محاور متعددة الوصول إلى السيطرة الكاملة على مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، التي تتمتع بميزة استراتيجية خاصة.

فتح جبهات والقضاء على رئة الحوثيين في اليمن

وفي غضون التطورات العسكرية والميدانية الجديدة، يرى المحلل اليمني “فيصل المجيدي” -في تصريحات نقلتها صحيفة “البيان” الإماراتية- أن القوات المسلحة اليمنية وعناصر الشرعية، المدعومين من قبل التحالف العربي، بإمكانهم تحقيق تقدمات كبرى على الأرض، لها تأثير واضح على المشهد اليمني، موضحًا أن عملية فتح جبهات جديدة على الساحل الغربي يستهدف بالأساس القضاء على رئة الحوثيين المباشرة والرئيسية والتي من خلالها يتلقون الدعم اللوجيستي والمادي من إيران وغيرها، وبالتالي فالسيطرة عليها له أهمية استراتيجية بالغة.

وأضاف “المجيدي”، بأن كلًا من قوات الشرعية والتحالف العربي أصبح لهم رصيد كبير من الخبرة في العمليات العسكرية، ولم يعد بوسع الميليشيات الانقلابية مجاراتها أو مواجهتها في المناطق الساحلية تلك، حيث تمتلك قوات الشرعية والتحالف العربي خبرة تفوق ما لدى الحوثيين في المعارك التي تكون تلك المناطق الساحلية مسرحًا لها، وفي حال واصلت قوات الشرعية والتحالف العربي الضغط بنفس الوتيرة خلال الفترة المقبلة في تلك الجبهات، فإن تحقيقات نجاحات أكبر خلال المرحلة القادمة سيكون مرشحًا وبقوة، خصوصًا مع أنباء عن فتح جبهات أخرى في مناطق ما بين الجوف وصعدة في الشمال اليمني.

وأشار المحلل السياسي اليمني، إلى أهمية أخرى تكمن وراء التحركات العسكرية المتصاعدة سواءً من قبل القوات الشرعية اليمنية أو التحالف العربي أو حتى من أنصار الرئيس الراحل “علي عبد الله صالح”، وتتمثل في كون التحرك العسكري هو الحماية حاليًا لجموع الشعب اليمني من تهور الحوثي وجبروت الإيرانيين ومشاريعهم في المنطقة، بشكلٍ خاص بعدما أثبت الحل السياسي فشله في التعامل مع الحوثيين، بعد مقتل “صالح” في الأسبوع الماضي، الأمر الذي يجعل التعامل العسكري هو الحل الأنجع والأوحد بالنسبة للأزمة اليمنية.

الطريق إلى صنعاء من جبهة الحُديدة

وبناءً على ما سبق، فإن محافظة الحُديدة تتمتع بميزة استراتيجية أخرى يشكل السيطرة عليها نقطة تحول جديدة في طريق قوات الشرعية والتحالف العربي باتجاه المعركة الأهم والأبرز للسيطرة على العاصمة “صنعاء” التي أضحت المعقل الأبرز للانقلاب الحوثي بعد “صُعدة”، حيث تبعد الحُديدة عن صنعاء نحو 226 كيلو مترًا في الجانب الغربي من اليمن، وتحديدًا في منطقة الساحل المطلة على البحر الأحمر.

في غضون ذلك، يرى القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام “عصام شريم” -في تصريحات نقلتها صحيفة “البيان” الإماراتية- أن معركة “الخوخة”، وهي إحدى المديريات التابعة لمحافظة الحُديدة غربي اليمن، يكتسب أهمية كبيرة، حيث أنها تشكل المُفتاح الرئيسي والمباشر للمدينة، والسيطرة عليها والتي باتت في حكم المنتهي، تشكل مرحلة فاصلة في معركة تحرير الساحل الغربي اليمني.

تطورات جديدة

شهدت الساحة اليمنية، خلال الفترة الأخيرة، تحرير مديرية “الخوخة” بشكلٍ كامل، والتي تعتبر المديرية الأولى في محافظة الحُديدة المُطلة على ساحل البحر الأحمر، ويأتي تحريرها استكمالًا لتحرير منطقة جبل حرزين الزهاري والرويس والوعرة ويختل وموشج شمال المخا بمحافظة تعز، حيث عادت الحياة بصورتها الطبيعية إلى مدينة الخوخة، فضلًا عن إعادة فتح مستشفى الخوخة.

وبدأ “الهلال الأحمر الإماراتي” -الذي يُمثل الذراع الإنسانية لدولة الإمارات العربية المتحدة ضمن خطة الإغاثة التي ينفذها في اليمن- تقديم المساعدات لسكان المناطق المحررة الذين تضرروا من احتلال ميليشيات الحوثي الإيرانية وشملت إرسال قوافل إغاثية إلى مدينة الخوخة والقري المجاورة لها كخطوة أولى، حيث تم توزيع آلاف السلال الغذائية لإغاثة السكان الذين يعانون ظروفا معيشية صعبة جراء الحصار الحوثي.

ومنذ تدخل دول التحالف العربي وبإسناد كبير من القوات المسلحة الإماراتية دعما لليمن الشقيق لتخليصه من المخطط الإيراني الإرهابي عبر مليشيات الحوثي الإجرامية كان التحرير يتواكب مع العمليات الإنسانية الأساسية والضرورية لإغاثة الأشقاء ودعمهم لتجاوز الظرف العصيب الذي يمرون به وخلال التدخل، كان لابد من أن يتم العمل على مناحي عدة عسكرية وأمنية وإنسانية، فكان التحرير يتبع بالتطهير من فلول المليشيات الإجرامية والإرهابيين بالإضافة لمشاريع إعادة التأهيل لتستعيد الحياة دورتها الطبيعية.

الحُديدة في سطور

نظرًا للأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لمحافظة الحُديدة اليمنية، فإننا في السطور التالية نقدم تعريفًا مبسطًا حولها:

* تقع على ساحل البحر الأحمر وتبعد عن العاصمة صنعاء بنحو 226 كيلو مترًا، وتعتبر واحدة من أجمل مدن اليمن.

* تُلقب بـ”عروس البحر الأحمر”، ويشكل سكانها قرابة 11% من سكان اليمن، وهي تحتل بذلك المركز الثاني بعد تعز من حيث عدد السكان.

* تعتبر مدينة الحديدة مركز المحافظة، ويبلغ عدد مديرياتها 26.

* يعد النشاط الزراعي المجال الاقتصادي الأبرز في محافظة الحديدة، وتحتل به المركز الأول على مستوى المحافظات اليمنية، حيث تساهم في الناتج المحلي بنسبة 28.6%.

* تتميز المحافظة كذلك على المستوى الاقتصادي بنشاط الاصطياد السمكي، بحكم إطلالها على ساحل البحر الأحمر الغني بالأسماك ومختلف الأحياء البحرية.

* يعتمد النشاط التجاري للحديدة على الاستيراد والتصدير، فهي ثاني ميناء رئيسي في اليمن.

* تحوي الحديدة العديد من المعادن من أبرزها “الجرانيت”، “الرمال السوداء”، “السيراميك”، “الأصباغ”، “الملح الصخري”، “الجبس”، وغيرها من المعادن الطينية الأخرى.

* يوجد في الحديدة أيضًا العديد من المعالم السياحية والتاريخية، تكمن أغلبها في مدينة “زبيد التاريخية”، ومن بينها “الجامع الكبير”، و”جامع الأشاعر” الواقع في مدينة “بيت الفقيه”.
https://www.youtube.com/watch?v=LY6s3kLZd6M

ربما يعجبك أيضا