هل يفجر التوتر التركي اليوناني مواجهة عسكرية بين البلدين؟

ضياء غنيم
تصاعد التوتر التركي اليوناني يهدد استقرار شرق المتوسط

يفرض التوتر التركي اليوناني حضوره في أي مناسبة دولية يحضرها قادة البلدين، وآخرها تصريحات الجانبين عقب القمة الأولى لـ”المجتمع السياسي الأوروبي”.

وجدد الرئيس التركي أردوغان تهديداته لليونان ورفضه الحوار مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، الذي سعى بدوره لضمان الدعم الغربي في مواجهة تركيا وإجراءاتها في شرق المتوسط، فيما يتخوف محللون من جدية التهديدات بنشوب صراع بين البلدين الحليفين، فإلى أين يتجه التصعيد التركي اليوناني؟

اشتباك لفظي

عَدَّ ميتسوتاكيس، يوم الجمعة 7 أكتوبر 2022، قمة المجتمع السياسي الأوروبي، في 6 أكتوبر بالعاصمة التشيكية براج، فرصة مثالية لإثبات أن تركيا هي المعتدية على حقوق بلاده، التي تدافع عن سيادتها وحقوقها السيادية دون إغلاق الباب أمام الحوار، وذلك بعد مواجهة قصير مع الرئيس أردوغان خلال مأدبة غداء، أمام 42 من قادة الاتحاد الأوروبي ودول الجوار، حسب صحيفة كاثميريني المحلية.

وقالت الصحيفة إن ميتسوتاكيس “أُجبر” على التدخل للرد على اتهامات أردوغان لليونان بتأجيج التوترات في شرق المتوسط باتخاذ إجراءات استفزازية، في إشارة إلى تسليح جزيرتي ليسبوس وساموس ببحر إيجه، ودعا رئيس الوزراء في المقابل إلى وقف مطالبة أنقرة بالسيادة على الجزر، حاثًّا الرئيس التركي على الحوار والتواصل وتجنب “الخطاب المتطرف”، على حد تعبيره.

العامل الأمريكي في التوتر التركي اليوناني

في ظل تغير السياسة الخارجية الأمريكية، ورفع حظر التسليح عن قبرص، منتصف سبتمبر 2022، لتقييد الوجود الروسي في شرق المتوسط، تتخوف تركيا من دعم واشنطن لأثينا ونيقوسيا، ما دفعها لزيادة وجودها العسكري في الشطر الشمالي للجزيرة، وفق مزاعم أردوغان بوجود عدوان محتمل على “جمهورية شمال قبرص التركية” غير المعترف بها، حسب مجلة أحوال.

وتصاعد الحديث عن احتمالية نشوب حرب بين البلدين الحليفين في منظمة حلف شمال الأطلسي، على خلفية تهديدات الرئيس التركي، وتزايد التوترات البحرية والجوية بين الجانبين في جزر بحر إيجه، عززتها تصريحات وزير الدفاع اليوناني الأسبق إيفانجيلوس أبوستولاكيس، بإمكانية اندلاع مواجهة مع تركيا، في حين عَدَّ الخبير العسكري التركي علي آر أن تلك المواجهة ليست وشيكة، حسب موقع قناة “العربية“.

مخاطر الصدام تتزايد

عدت مجلة “وور أون ذي روكس” أن تحول التوتر التركي اليوناني إلى حرب مباشرة بين البلدين خيار محتمل في نظر الخبراء الأتراك وخصوم أردوغان في المعارضة، فقد هاجم زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو خطاب الرئيس بشأن جزر إيجه، وقال إن الزعيم الحقيقي لن يهدد، وإنما سيكرر ما حدث في شمال قبرص 1974.

ونقلت المجلة عن حسن بصري يالتشن الرئيس السابق لمؤسسة “سيتا” المركز البحثي التركي الأهم، اقتراحه أن تلجأ أنقرة لاحتلال الجزر على غرار غزو جزيرة قبرص 1974، لإنهاء أزمة تسليحها وتهديدها للساحل التركي وفق رؤية أنقرة، وعد أن تصريحات الرئيس التركي هي بداية لعملية طويلة المدى.

تأثيرات الداخل

على الجانب الآخر، لا تختلف ظروف اليونان كثيرًا عن تركيا، إذ يخوض ميتسوتاكيس انتخابات مصيرية العام المقبل، مع بروز فضيحة التجسس على زعيم الحزب الاشتراكي اليوناني المعارض، واستقالة مدير الاستخبارات الوطنية والأمين العام لمكتب رئيس الوزراء غريغوري ديميتريادس، مع نفي الحكومة صلتها بمحاولة التجسس، حسب موقع “فرنسا 24”.

ويبدو الذهاب للحرب مكلفًا لكل من تركيا واليونان، في حين يعتمد اقتصاداهما الهشان على 15% و18% (على التوالي) من إجمالي الدخل القومي على السياحة، خاصة في منتجعات بحر إيجه. وستتأثر تجارتهما الخارجية بنسبة كبيرة، والتي تعتمد بصورة أساسية على النقل البحري، لكن تركيز الرسالة الإعلامية السلبية والخطابات الحماسية الممزوجة بمشاعر العداء قد تدفع لمواجهة مباشرة بين البلدين.

رغم خطورتها.. الحرب لا تزال محتملة

قارنت المجلة تصعيد اللهجة الإعلامية التركية تجاه اليونان بالموقف الداخلي الأمريكي قبل غزو العراق 2003، في حين يتوقع المحللون والسياسيون، بتفاؤل، أن مواجهة مع اليونان “الضعيفة” ستكون سريعة وحاسمة بالسيطرة على الجزر، ويغذي الحاجة لتلك العملية بالنسبة للرئيس التركي بجانب الانتخابات مخاوف تزايد قوة ونفوذ اليونان، وأن تصبح بديلًا لبلاده.

في حين تأخذ اليونان تلك التهديدات على محمل الجد، إذ تحتفظ أثينا بوجود عسكري أمريكي وتحالف دفاعي مع فرنسا، ومنظومة تسليح متطورة تشمل مقاتلات الرافال من الجيل الرابع معزز، فضلًا عن مساعي أثينا لبناء مظلة دفاعية بتكنولوجيا إسرائيلية لصد الطائرات المسيرة فوق جزر إيجه، كشفت عنها تقارير إعلامية في يوليو الماضي.

ربما يعجبك أيضا