وسط خلافات الائتلاف الحاكم .. موسم الانتخابات الإسرائيلية بدأ مبكرًا

محمد عبد الدايم
رؤية – محمد عبدالدايم
يوم الإثنين القادم ستُفتتح أعمال الدورة الشتوية للكنيست، بعد العودة من العطلة الصيفية، ويبدو أنها ستكون الدورة الأخيرة قبل دعوة نتنياهو لانتخابات جديدة، مع وصول الخلافات بين أطراف الائتلاف الحاكم إلى حائط سد.
نقلت صحيفة معارييف الإسرائيلية -عن مصادر بحزب هاليكود- أن بنيامين نتنياهو ينوي تقديم موعد الانتخابات إلى الشتاء القادم، وعدم الانتظار إلى نوفمبر 2019، وهو الموعد المفترض للانتخابات.
في تصريحات لوسائل الإعلام؛ نفى رئيس الوزراء نتنياهو اتخاذه قرار حل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات، لكن يبدو أن نفيه لم ينطل على أحد، فالجميع الآن في إسرائيل يستعدون للصراع الانتخابي الكبير.
نتنياهو يستعرض قوته

على رأس المستعدين بالطبع يأتي نتنياهو نفسه، الذي صرح في زهو بأن حزبه سوف يتحثل هذه المرة على 40 مقعدًا في الكنيست إذا، ويبدو هذا التصريح مُهدِدًا لأعضاء ائتلافه من أحزاب اليمين الذين لم يصلوا إلى حلول لإنهاء الصراعات العالقة بينهم.
 

استطلاع رأي جديد بلا نتائج جديدة
يأتي هذا في الوقت الذي أشارت فيه نتائج استطلاع جديد للرأي تفوقًا معتادًا لأحزاب اليمين، وتصدرًا جديدًا لنتنياهو يسمح له بتشكيل الحكومة القادمة، على الرغم من الأنباء حول تأسيس بيني جانتس رئيس الأركان السابق لحزب سياسي جديد يخوض من خلاله معركة الانتخابات القادمة.
فرغم أنه حديث وسائل الإعلام والمحليين منذ أن أعلن اعتزامه العمل السياسي؛ فإن بيني جانتس لن يستطيع -على رأس حزب جديد يؤسسه أو بالانضواء تحت حزب موجود- أن يحقق الصدارة في الانتخابات القادمة، فالأمر شبه محسوم لنتنياهو، وفقا للتوقعات، بينما من المتوقع وفقا لاستطلاع الرأي أن يتحصل بيني جانتس بحزبه الجديد على 12 مقعدًا.
فقد أظهر الاستطلاع خريطة التكتلات السياسية التي ستتشكل إذا ما أجريت الانتخابات، حيث يحافظ اليمين على الصدارة بقوة تمثيل تصل إلى 54 مقعدًا، في حين تتحصل كتلة اليسار والوسط على نحو 36 مقعدًا، بينما تحصد الأحزاب الحريدية على 12 مقعدًا، والمعسكر الصهيوني يحصل على 12 مقعدًا، فيما تحقق أورلي ليفي أبيقاسيس بحزبها الجديد على 6 مقاعد.
هذه النتيجة تؤدي إلى تشكيل ائتلاف يميني لا يختلف كثيرًا عما هو عليه الآن، فيمكن لأحزاب اليمين أن تتفاوض مع الحريديم على تشكيل ائتلاف حكومي يسمح لها بتدشين مجلس وزاري جدي بزعامة نتنياهو.

صراع بينط وليبرمان يدلل على قرب الانتخابات
 
هذا الأسبوع وصل التوتر بين بينط وليبرمان إلى ذروته، وليست المرة الأولى خلال الشهور الأخيرة، حيث هاجم بينط السياسة الأمنية التي يتبعها ليبرمان بصفته وزير الدفاع تجاه قطاع غزة المحاصر.

الصراع بين الثنائي بينط وليبرمان راجع لاختلافات أيديولوجية ربما، فالأول ينتمي لليمين الديني، والثاني ينتمي لليمين العلماني، وعلى خلفية قانون تجنيد الحريديم الذي دفع به ليبرمان أصبح الصراع بين وزير التعليم ووزير الدفاع على أشده، لأن بينط بطبيعة الحال يرفض بنود القانون الذي يجبر الشباب اليهود المتدينين على التجنيد في الجيش الإسرائيلي.
بالنظر إلى التوقعات بقرب الانتخابات الإسرائيلية، يمكن القول: إن الثنائي بينط وليبرمان لا يتصارعان من أجل تفوق حزب أي منهما على الآخر، أو بمعنى آخر لا يستهدف حزبا هابيت هايهودي بزعامة بينط ويسرائيل بيتينو بزعامة ليبرمان صدارة الانتخابات وتولي الحكومة، فالأمر بعيد كل البعد عنهما، ولكن يسعى كل منهما لتثبيت نفسه في المركز ذاته الذي وصل إليه في الانتخابات الأخيرة أو أعلى منه قليلا بهدف التفاوض من منطلق القوة على حقائب وزارية بعينها في الائتلاف الحكومي القادم.

لم يعد خافيًا استهداف نفتالي بينط لحقيبة وزارية أمنية، وتحديدًا وزارة الدفاع التي يشغلها الآن ليبرمان، أو زارة الأمن الداخلي، فبطبيعة الحال تعد هذه الوزارات ذات قوة سياسية بجانب وزارة الخارجية باعتبارها أشبه بالوزارات السيادية التي تتمتع بثقل وموازنات كبيرة وتساعد صاحبها على التوغل في مراكز صنع القرار في إسرائيل، ثم تأتي بعدهما وزارة المالية مثلا ثم وزارة القضاء.

في دول حرب كإسرائيل تعتبر وزارة الدفاع أمنية لأي سياسي ناجح في الانتخابات، طالما لم يصل لمنصب رئاسة الوزراء ولم ينل حقبة الخارجية، ومن ثم فالصراع بين بينط السياسي الشاب المتعطش للسلطة مع ليبرمان راجع لأهداف سياسية في المقام الأول، وليست إشكالية الأوضاع في غزة سوى ذريعة يتحجج بها بينط كي يضعضع مكانة ليبرمان في أمام الجيش الإسرائيلي، وأمام الجمهور كذلك.
لذلك صعّد بينط درجة هجومه على ليبرمان، حتى اتهمه صراحة بالضعف، وهي التهمة الملتصقة بوزير الدفاع الحالي، لكنها لم تصدر على لسان أحد من الائتلاف الحكومي حتى صرح بها بينط، الذي وصف ليبرمان كذلك بـ”اليساري المغمور” باعتبار أن التوجه اليساري أصبح تهمة في إسرائيل، في خضم فورة اليمين الإسرائيلي العلماني والديني على السواء.
تحول الصراع بين وزيرين في الائتلاف الحكومي إلى صورة علنية إنما يشير إلى يقين كل منهما بأن أوان الانتخابات قد حل، ولذلك بدأ كل منهما الاستعداد للموسم بإعلان الحرب على الآخر.
بينط يستغل الموقف الراهن أفضل استغلال، حيث تشتد الضغوط على نتنياهو وليبرمان من أجل اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد حماس في غزة، حيث تتعالى الأصوات المنادية بشن عملية عسكرية على غزة، وتتهم موقف نتنياهو ووزير دفاعه ليبرمان بالتخاذل والتراجع أمام حماس، في الوقت الذي تشتد فيه التحركات الفلسطينية من شهور بمناسبة يوم الأرض، وبعدها إعلان نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس.
في أوقات الحرب لا سياسة
يقدر مراقبون أنه لم يتبق أي عائق أمام انتخابات إسرائيلية جديدة سوى حرب على غزة، ففي هذه الحالة سيضطر نتنياهو لتأجيل الانتخابات، لكن حتى هذه اللحظة، يبدو أنه يستفيد من سياسة حصار وتجويع غزة، مع تحجيم الولايات المتحدة لمنظمة الأونروا، وإقرار ليبرمان لسياسات حصار جديدة، بما فيها تقليص مساحة الصيد في بحر غزة.

بينط يهاجم ليبرمان وليس نتنياهو

لكن هذه السياسة العقابية لا تلقى رضا نفتالي بينط، الذي يدعو كل يوم لقتل أي فلسطيني يحاول عبور الجدار على حدود غزة، ويتهم ليبرمان بالضعف والتخاذل، وربما يُصعّد بينط هجومه على ليبرمان لأنه لا يستطيع -في الوقت الحالي- أن يهاجم رئيسه مباشرة -أي نتنياهو- الذي يرفض (ولو ظاهريًا) شن عملية عسكرية على غزة في الوقت الحالي، وفي المقابل يبدو أن رئيس الوزراء يرغب في تبكير الانتخابات ليتخلص قليلا من هذا الصراع بين بينط وليبرمان، حيث من المُرجح أن يُحدث الائتلاف الحكومي القادم تغييرًا في المناصب الوزارية، وبالتالي ربما يتغير الوضع القائم، كما أن نتنياهو ربما على يقين بأن تسويف بعض الإشكاليات العالقة يمنحه فرصة أفضل لحلها، مثل إشكالية قانون التجنيد، أو قانون التهود.

ربما يعجبك أيضا