وقف إطلاق النار أم هدنة إنسانية؟ جدل بشأن الطريق للسلام في غزة

خلاف حاد بشأن ما ينبغي فعله لتخفيف معاناة المدنيين في غزة

آية سيد
وقف إطلاق النار أم هدنة إنسانية؟ جدل بشأن الطريق للسلام في غزة

يزداد الجدل إرباكًا بسبب غياب التعريف القانوني الرسمي لوقف إطلاق النار أو الهدنة الإنسانية.


يتفق معظم العالم على أن حدة هجوم إسرائيل على غزة تتسبب للمدنيين بمعاناة لا يمكن تحملها، في ظل نقص الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

لكن، وفق تحليل نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، اليوم الأحد 5 نوفمبر 2023، للصحفية إيما جراهام هاريسون، يوجد خلاف حاد بشأن ما ينبغي فعله لتخفيف معاناة المدنيين في غزة، وكيفية تنظيم ووصف أي توقف في القتال.

جدل مرير

أشارت هاريسون إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، وحلفائه الإسرائيليين الرئيسين دعوا إلى “هدنة إنسانية“، وهي وقف مؤقت للقتال من أجل إدخال المساعدات إلى القطاع. وعلى الجانب الآخر، دعت منظمات الإغاثة، وخبراء الأمم المتحدة، والدول الموالية لفلسطين إلى وقف إطلاق النار.

وقف إطلاق النار أم هدنة إنسانية؟ جدل بشأن الطريق للسلام في غزة

فلسطينيون يتجمعون أمام متجر للحصول على إمدادات الغذاء المحدودة في خان يونس

وانتشرت أيضًا دعوات لخفض التصعيد، ووقف إطلاق النار الإنساني، ووقف الأعمال العدائية، وجميعها مصطلحات جعلت الجدل المرير أكثر إرباكًا، حسب الصحفية البريطانية، التي أوضحت أن جميعها تشمل توقف القتال من أجل دخول المساعدات إلى غزة. لكن الخلاف يتعلق بمدة هذا التوقف، وشروطه.

ما الفرق؟

هاجم مؤيدو الخيارات المختلفة بعضهم البعض، وتبادلوا الاتهامات بالتواطؤ في الإرهاب، وجرائم الحرب، وقتل المدنيين. وما يزيد الجدل إرباكًا، وفق هاريسون، هو غياب التعريف القانوني الرسمي لوقف إطلاق النار أو الهدنة الإنسانية.

وفي هذا الصدد، قالت أستاذة القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان بجامعة لايدن بهولندا، هيلين دافي: “الفرق بين الاثنين سياسي أكثر منه قانوني”.

وأوضحت دافي أن “وقف إطلاق النار أو وقف الأعمال العدائية يشير إلى (اتفاقية) تمثل نهاية دائمة للأعمال العدائية، واتفاقية وقف إطلاق النار تشير إلى مفاوضات، بالطبع”، في حين أن الهدنة الإنسانية “ترسل رسالة واضحة بأنها مؤقتة ولغرض واحد فقط”.

بين المعارضة والتأييد

يقول معارضو وقف إطلاق النار إن إسرائيل لديها حاجة ملحة للدفاع عن نفسها ضد جماعة هددت بشن المزيد من الهجمات على المدنيين، وتنكر حق إسرائيل في الوجود، وفق هاريسون. وفي هذا الشأن، قال بلينكن: “وقف إطلاق النار الآن سيخدم حماس، ويمكّنها من إعادة تنظيم صفوفها وتكرار ما فعلته في 7 أكتوبر”.

أما من يطالبون بوقف إطلاق النار فيقولون إن الهدنة الإنسانية لن توفر الوقت والأمن اللازمين لتلبية الاحتياجات المدنية الأساسية، نظرًا لحجم الضرر، والموت والحرمان في غزة، بعد شهر من القتال العنيف.

وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، متحدثًا إلى الصحفيين بجانب بلينكن: “موقفنا هو أن وقف إطلاق النار ضروري للتعامل مع العواقب الإنسانية لهذه الأزمة”.

الهدنة غير كافية

في سياق متصل، قال مدير الاستجابة للأزمات بمنظمة العفو الدولية في بريطانيا، كريستيان بينيديكت، إنه “إذا أوقفت القتال لبضعة ساعات أو أيام، لن يكون ذلك كافيًا نظرًا لحجم الاحتياجات داخل غزة”.

مخيم جباليا.. ضحية جديدة لجرائم الجيش الإسرائيلي

مخيم جباليا بعد القصف الإسرائيلي

وشدد على الحاجة إلى “وقف إطلاق النار الدائم والمتفاوض عليه لإدخال المساعدات، وإجلاء من يحتاجون إلى العلاج الطبي، وإصلاح البنية التحتية، خاصة المشافي والملاجئ التي تعرضت للقصف. أنت لا تستطيع فعل ذلك في غضون ساعات أو أيام”.

وأضاف بينيديكت أن أي وقف لإطلاق النار سيشمل جميع الأطراف، وليس فقط إسرائيل، وهكذا سيحمي المواطنين الإسرائيليين من هجمات الصواريخ التي تُطلق من غزة.

خطوة أولى

لفتت هاريسون إلى أن بعض البراجماتيين يحاولون سد الفجوة عن طريق القول بإنه ينبغي تأييد الهدنة الإنسانية لكونها خطوة أولى منقذة للأرواح تقود باتجاه اتفاقية دائمة.

وفي هذا الإطار، قال مستشار الأمن القومي السابق لديفيد كاميرون، بيتر ريكيتس: “هل يوجد مغزى من الدعوة لوقف إطلاق النار؟ إذا أردت اتخاذ موقف قائم على المبادئ، حسنًا، بالطبع يوجد مغزى. لكن إذا كنت مهتم بالمقترحات العملية كخطوة أولى نحو وقف إطلاق النار، يجب أن تكون الهدنة الإنسانية هي الأولوية”.

ووجهت مجموعة الأزمات الدولية دعوة مماثلة، مفادها أن “الخيار الأفضل الآن هو أن تضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها على إسرائيل لوقف القصف، والوفاء بعهدها بالسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول إلى غزة، وتحديد الشروط لوقف إطلاق النار الدائم، ويشمل ذلك من أجل إعادة إعمار غزة”.

ربما يعجبك أيضا