حياد السيستاني.. يحل الأزمة السياسية العراقية أم يزيدها تعقيدًا؟

يوسف بنده

بينما تعالت الأصوات بضرورة تدخل المرجع الشيعي، السيستاني، لحل الأزمة السياسية بين أطراف الصراع داخل العراق، إلا أن موقف الحياد هو من أجل عدم تعقد هذه الأزمة.


في ظل الصراع بين التيارين الصدري والإطار التنسيقي في العراق والعجز عن تشكيل حكومة جديدة أو إعادة الانتخابات البرلمانية، تتعالى الأصوات بضرورة تدخل المرجع الشيعي، علي السيستاني لحل هذه الأزمة.

ويعد السيستاني من أكثر الشخصيات تأثيرًا في العراق، نظرًا إلى امتداد مرجعيته الدينية، فكان له دور كبير في كثير من التحولات السياسية بعد سقوط النظام البعثي عام 2003، ورغم أنه دعم القتال ضد تنظيم داعش، فإنه نادرًا ما يعلن موقفه من الأزمات السياسية الداخلية.

الأزمة الحالية

تكمن الأزمة العراقية في رفض قوى الإطار التنسيقي، وهي أحزاب وميليشيات عراقية شيعية مقربة من إيران، نتائج الانتخابات العراقية التي حصل فيها التيار الصدري على أغلبية برلمانية، فيمكنه تشكيل الحكومة، وهو ما رفضه الإطار التنسيقي. وقد تعطلت الاستحقاقات السياسية ما بين تسمية رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية، بسبب هذه الأزمة التي امتدت إلى الشارع بالتظاهرات والاعتصامات.

وقد رد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر على هذه التحركات، بدفع نواب تياره إلى الاستقالة من البرلمان، وأنصاره في الشارع إلى اقتحام البرلمان والاعتصام أمامه. وطالب القضاء العراقي بحل البرلمان وإجراء إنتخابات مبكرة، ما أظهر شرخًا في البيت الشيعي العراقي، ودفع للتساؤل، أين دور المرجعية الشيعية من هذه الأزمة التي تهدد سلامة الدولة العراقية؟

محاولة استمالة السيستاني

تزامنًا مع أيام العزاء الحسيني، زار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في 6 أغسطس الحالي، المرجع السيستاني في مقره بمحافظة النجف، لحضور مجلس عزاء حسيني، حسب موقع “السومرية“، في محاولة لإظهار دعم المرجع الشيعي لمشروعية مطالبه. وعلى الجانب الآخر، رفع متظاهرو الإطار التنسيقي شعار “السيستاني تاج على الراس”، حسب موقع “بغداد اليوم“.

وحالة التجاذب هذه دفعت السيستاني إلى التزام الحياد والاكتفاء بالنصح، خاصة أن تدخله لن يحل الأزمة ما لم يوجد حوار وطني شامل. والتجارب السابقة تثبت أن السيستاني لن يتدخل إلا إذا جرى تجاوز الخطوط الحمراء، التي تشمل إراقة الدماء أو محاولة تقويض النظام السياسي في العراق.

تظاهرات التيار الصدري - أرشيفية

لماذا السيستاني الآن؟

بعدما لجأ مقتدى الصدر إلى القضاء وطالبه بحل البرلمان العراقي من أجل إجراء انتخابات جديدة، أعلن مجلس القضاء الأعلى عدم تدخله لحل البرلمان، وهو ما يقود إلى باب التصعيد بين “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي” ويوجه الأنظار أيضًا نحو المرجع علي السيستاني، علَّه يكون مفتاح الحل للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.

وحسب ما نقل موقع “سكاي نيوز” عن مصدر مقرّب من المرجعية الدينية، فإن السيستاني “يراقب الوضع من كثب، لكن تدخله قد يكون مستبعدًا حاليًّا، خاصة مع وجود متحدثين باسمه يوصلون رسائله إلى السياسيين”. وأوضح المصدر أن “الصراع الآن ما زال في مستواه السياسي، رغم التلويح باللجوء إلى القوة من بعض الأطراف، والمرجعية لا تميل لأحد على حساب الآخر”.

عملية سياسية بحتة

الحياد الذي يمارسه أعلى مرجع شيعي في العراق، وهو علي السيستاني، يهدف إلى إيجاد حل للأزمة في إطارها السياسي، وليس الديني، لأن خروج فتوى من جانبه في ما يخص الأزمة السياسية الحالية يعني أن الأمر مُلزم وواجب، بما يهدد مكانة الحوزة نفسها. والأزمة تدور بين فصائل شيعية، منها الموالي لإيران، وهو ما يهدد سلامة البيت الشيعي داخل العراق، وينذر باقتتال داخلي.

وحسب صحيفة “الزمان“، فالحوار الوطني الذي يقوده رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، عقد اجتماعه الأول، أمس الأربعاء، في قصر الحكومة ببغداد، بحضور قادة الكتل السياسية، لإيجاد مخرج للأزمة السياسية. ودعا المشاركون التيار الصدري إلى الانخراط معهم في هذا الحوار، مع إشارة بيانهم إلى إمكانية الاحتكام إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى.

ربما يعجبك أيضا