استطلاع رأي: دعم شعبي أمريكي لتقليص الانتشار العسكري في الخارج

بسام عباس

إن وصف الرغبة في تقليص الانتشار العسكري والحد من التدخل في شؤون الدول الأخرى بأنها "انعزالية" ربما يكون مضللاً من عدة نواحٍ.


أعرب أمريكيون منتمون إلى أحزاب مختلفة، عن رغبتهم في أن تكون السياسة الخارجية للولايات المتحدة أقل تدخلًا.

وكشفت نتائج استطلاع رأي جديد أجرته شركة “مورنينج كونسلت” عن دعم شعبي كبير لتقليص التدخلات العسكرية الأمريكية، وتأييد واسع لعدم الانخراط في شؤون الدول الأخرى عمومًا، وعدم التورط في النزاعات الخارجية.

حضور عسكري أقل

أوضح موقع “ريسبونسيبل ستيتكرافت” الأمريكي، الخميس الماضي 2 ديسمبر 2022، أن عددًا كبيرًا من المشاركين في الاستطلاع أعربوا عن رغبتهم في حضورٍ عسكري أمريكي أقل، ودور محدود في الحروب الخارجية، أكثر من اختيار الوضع الراهن أو وجود دور أكبر للولايات المتحدة في الخارج.

وأشار الموقع في تقرير إلى وجود تقلبات طفيفة على مدار فترة الاستطلاع التي استمرت 3 أشهر، لافتًا إلى أن الفجوة بين ما يريده هذا العدد الكبير من الأمريكيين وما تفعله الحكومة في أجزاء مختلفة من العالم، أصبحت أكبر من أي وقت مضى.

الانعزالية مقابل الانخراط

ألمح التقرير إلى أن الاستطلاع يؤطر هذه النتائج بأقسى مصطلحات “الانعزالية” مقابل “الانخراط”. ولفت إلى أن تأطير “مورنينج كونسلت” لهذا الاتجاه على أنه دعم لـ”مزيد من الانعزالية” قد يعزز عادات صانعي السياسة في نبذ التشكك العام في الانخراط العسكري الأمريكي الخارجي.

وأضاف أن تسمية التقرير هذا الاتجاه بـ”الانعزالية” ليس وصفًا، وهي تسمية غير دقيقة، موضحًا أن ذلك يعد علامة على التراخي أو العداء، أو كلا الأمرين.

الحد من التدخل

أشار التقرير إلى أن 48% من الجمهوريين ونحو ثلث الديمقراطيين، رأوا أن الولايات المتحدة يجب أن تحد من التدخل في شؤون الدول الأخرى، في حين يفضل 41% من الجمهوريين ونحو ثلث الديمقراطيين نشرًا محدودًا للقوات الأمريكية، وتقليل المشاركة الأمريكية في النزاعات العسكرية بالخارج.

وأضاف أن هذه النتائج تشير إلى وجود كتلة تصويتية كبيرة تفضل سياسات أقل تدخلًا، والانعزال عن استخدام عقوبات واسعة ضد الدول الأخرى، وأن هؤلاء يمكن أن يقبلوا بسياسة خارجية تتبنى احترام استقلال الدول الأخرى وسيادتها، وعدم التدخل في شؤونها.

أرضية مشتركة

وفق التقرير، كان الناخبون الجمهوريون أكثر ميلًا لدعم خفض القوات من الديمقراطيين، ولكن تأييد تقليص النفقات كان كبيرًا من كلا الحزبين. وأوضح التقرير أنه حال وجود تحالف عابر للأحزاب على مزيد من ضبط النفس والسلام في السنوات المقبلة، فهؤلاء هم الناخبون الذين سينتمون إليه على الأرجح.

إلا أنه أضاف أن انقسامات حادة بين الحزبيين ما زالت موجودة حول مجموعة من القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية. أما في ما يتعلق بالقضايا الأوسع المتعلقة بانخراط الولايات المتحدة في النزاعات الخارجية وشؤون الدول الأخرى، فتوجد أرضية مشتركة مهمة.

توصيف مضلل

أوضح التقرير أن وصف الرغبة في تقليص الانتشار العسكري والحد من التدخل في شؤون الدول الأخرى، على أنها “انعزالية”، قد يكون مضللً. ولفت إلى أن أحد الأسباب هو أن دعم التقليص لا يعني بالضرورة دعمًا للانسحاب من جميع الالتزامات الخارجية.

وأشار إلى أن أنصار التقليص العسكري الكبير في جميع المجالات، لا يؤيدون فك الارتباط عن العالم بطرائق أخرى، فمعظم المدافعين عن تقليص البصمة العسكرية يرغب في رؤية الحكومة الأمريكية تتشارك مع الدول الأخرى، باستخدام أدوات الدبلوماسية والتنمية.

سياسة خارجية أقل عسكرة

أوضح التقرير أن الاستطلاع لا يتعمق كثيرًا في تفضيلات الجمهور حول قضايا الدبلوماسية والتنمية، لافتًا إلى أن الدراسة الاستقصائية كشفت عن أن عددًا كبيرًا من الناخبين يريد مزيدًا من التعددية، وهو أمر من الصعب مواءمته مع تأطير الاستطلاع للنتائج الأخرى على أنها دعم لـ”انعزالية أكبر”.

وأضاف أن الرغبة في مشاركة دبلوماسية أكبر مع الدول الأخرى، مقترنة بتفضيل خفض المشاركة العسكرية عمومًا، تشير إلى كتلة كبيرة من الأمريكيين تريد أن تتعامل الولايات المتحدة مع بقية العالم من خلال المؤسسات الدولية والدبلوماسية، وبالتالي سياسة خارجية أقل عسكرة من السياسة الحالية.

شريحة لا يمثلها أحد

أفاد التقرير بأن الاستطلاع كشف عن شريحة كبيرة من الناخبين لا يمثلها أحد في النقاشات السياسية في واشنطن، موضحًا أن نتيجة الاستطلاع لا تعود على هؤلاء الناخبين بأي فائدة من خلال تشويه هذه الآراء بإحدى التوصيفات غير الدقيقة، كالانعزالية.

وانتهى التقرير إلى أنه يتعين على النشطاء بذل مزيد من الجهود في تحديد وتنظيم هؤلاء الناخبين، للتصويت لأنواع السياسات التي يريدونها، وأن هذا الاستطلاع يشير إلى أنهم بحاجة إلى من يتحدث نيابة عنهم في الحكومة.

ربما يعجبك أيضا