دراسة جديدة: الأعاصير تحبس الحرارة في عمق المحيطات

بسام عباس
إعصار

عندما تضرب الأعاصير الأرض، قد يكون الدمار مرئيًا لسنوات أو حتى عقود، لكن تأثيرها الأكبر والأقوى يكون في عمق المحيطات.


كشفت دراسة جديدة عن أن الأعاصير تدفع الحرارة إلى أعماق المحيط بما تؤثر في النهاية على مناطق بعيدة عن موضع تشكّلها.

وتكتسب الأعاصير طاقتها من درجات حرارة سطح البحر الدافئة، وتساعد هذه الحرارة الهواء البارد بالقرب من سطح المحيط، وتشكل سحب أطول من جبل إفرست، وهو ظهور الأعاصير في المناطق الاستوائية.

احتجاز الحرارة في أعماق المحيط

كشفت دراسة أجراها فريق بحثي من جامعة واشنطن الأمريكية عن أن الأعاصير تنقل الحرارة إلى أعماق المحيط في مناطق بعيدة عن المنطقة، التي حدثت فيها، وليس على السطح في نفس المكان فقط، وفق ما أورده موقع كونفرزيشن الأمريكي، في تقرير نشره أمس الثلاثاء 20 يونيو 2023.

وأضافت الدراسة، التي نشرتها مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم الأمريكية، أن الموجات التي تحدثها العاصفة تحت الماء، تدفع الحرارة إلى أعماق سحيقة، وتكون الحرارة محتجزة بعيدًا عن السطح. ويمكن لتيارات أعماق البحار أن تنقلها بعيدًا لآلاف الأميال.

كيف تستمد الأعاصير الطاقة من حرارة المحيط.

كيف تستمد الأعاصير الطاقة من حرارة المحيط.

البحث عن الأعاصير

وأوضحت الدراسة أن الإعصار، الذي ينتقل عبر غرب المحيط الهادئ ويضرب الفلبين، قد ينتهي إلى تسخين المياه الدافئة في ساحل الإكوادور، بعد سنوات.

وكشف فريق البحث عن كيفية استجابة بحر الفلبين لتغير أنماط الطقس، ودرس الاضطرابات المائية في المحيطات، التي تسببها الأعاصير والعواصف الاستوائية الأخرى. وأجرى قياسات لمدى اضطراب المحيط بأداة تسمى أداة تعريف البنية المجهرية، التي تهبط إلى أعماق المحيط لما يقرب من 300 متر، وتستخدم مسبارًا مشابهًا لإبرة الفونوغراف لقياس الحركات المضطربة للمياه.

أداة تعريف البنية المجهرية

أداة تعريف البنية المجهرية

ماذا يحدث عندما يثور الإعصار؟

كشفت الدراسة أن طبقة من الماء الدافئ توجد على سطح المحيط الاستوائي، وهي أكثر دفئًا بـ27 درجة مئوية، تسخينها الشمس بعمق نحو 50 مترًا تحت السطح، ومن تحتها توجد طبقات من الماء البارد.

وأضافت أن الإعصار عندما يمر فوق المحيط الاستوائي، تساعد رياحه القوية في تحريك الحدود بين طبقات المياه، ويخلط الماء البارد العميق في الأسفل مع الماء الدافئ على السطح، ما يؤدي إلى تبريد درجات حرارة السطح، ويسمح للمحيطات بامتصاص الحرارة بنحو أكثر كفاءة في الأيام التي تلي الإعصار.

 رسوم توضيحية لما يحدث لحرارة المحيط قبل مرور الإعصار وأثناءه وبعده بأشهر

رسوم توضيحية لما يحدث لحرارة المحيط قبل مرور الإعصار وأثناءه وبعده بأشهر

أنماط المناخ العالمي

لفتت الدراسة إلى أن علماء البحار بحثوا في ما إذا كانت المياه الدافئة، التي تهبط إلى العمق بفعل الأعاصير، يمكن أن تسخن تيارات المحيطات، وبالتالي تشكل أنماط المناخ العالمي، وأن جوهر هذا السؤال هو: هل يمكن للأعاصير ضخ الحرارة بعمق كافٍ بحيث تظل الحرارة موجودة في المحيط لسنوات؟

ووجدت الدراسة أن الموجات تحت الماء تنقل الحرارة في المحيط أكثر بـ4 أضعاف من الاختلاط المباشر في أثناء الإعصار، وأن هذه الموجات، التي يولدها الإعصار نفسه، تنقل الحرارة بعمق كافٍ بحيث لا يمكن أن تنطلق بسهولة مرة أخرى إلى الغلاف الجوي.

تأثير الأعاصير في النظم البيئية

ذكرت الدراسة أن النظم البيئية المختلفة تضررت بشدة، وأن الشعاب المرجانية عانت تدهورًا لفترات طويلة بسبب الإجهاد الحراري، لافتةً إلى أن أحداث النينيو هي السبب النموذجي وراء ابيضاض المرجان في الإكوادور، وأن الحرارة الزائدة من الأعاصير أسهمت في إجهاد الشعاب المرجانية وتبييضها، بعيدًا عن أماكن ظهور العواصف.

الشعاب المرجانية مهددة بارتفاع درجات حرارة المحيط.

الشعاب المرجانية مهددة بارتفاع درجات حرارة المحيط.

وأضافت أن الأعاصير تعيد توزيع الحرارة من سطح المحيط إلى أعماق سحيقة، وبذلك يمكنها أن تساعد في إبطاء ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، عن طريق عزل الحرارة في المحيط.

وخلصت الدراسة إلى أن نتائجها تضيف بُعدًا جديدًا لهذه المشكلة بالكشف عن أن التفاعلات تسير في كلا الاتجاهين، فالأعاصير نفسها لديها القدرة على تسخين المحيط وتشكيل مناخ الأرض.

اقرأ أيضًا: دراسة حديثة تكشف علاقة تغير المناخ بزيادة الأعاصير

اقرأ أيضًا: درجة حرارة سطح المحيطات في العالم وصلت لمستوى قياسي

ربما يعجبك أيضا