كيف أنهى هجوم حماس الوفاق الشائك بين روسيا وإسرائيل؟

آية سيد
كيف أنهى هجوم حماس الوفاق الشائك بين روسيا وإسرائيل؟

نهاية الوفاق بين روسيا وإسرائيل تسلط الضوء على حدوث تحول جذري أكبر في دور موسكو في الشرق الأوسط.


لسنوات عديدة، حافظ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على علاقات ودية مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

لكن يبدو أن هجوم حماس الأخير على إسرائيل ألقى بظلاله على العلاقة بين نتنياهو وبوتين، الذي لم يقدم العزاء لإسرائيل في القتلى الذين سقطوا جراء الهجوم، حسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، اليوم الأحد 15 أكتوبر 2023.

علاقة معقدة

استمرت العلاقات الودية بين نتنياهو والرئيس الروسي، الذي يزداد عزلة، في ما وصفها نتنياهو بالعلاقة “المعقدة”. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن غزو روسيا لأوكرانيا، وعلاقتها الوثيقة بخصم إسرائيل اللدود، إيران، فشلًا في إنهاء التعاون بين البلدين.

واستمر القائدان في التواصل عبر الهاتف، وأعلن نتنياهو عن نهج غير منحاز تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، رافضًا تزويد كييف بمساعدات فتاكة أو منظومات دفاعية، رغم الضغوط الغربية. لكن الآن، بعد هجوم عناصر حماس المدعومة إيرانيًا على إسرائيل، يبدو أن المحادثات توقفت.

تحول جذري

قالت المسؤولة السابقة بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ومديرة مركز “سيمبوديوم” للأبحاث، فيرا ميشلين، إن بوتين ونتنياهو اعتادا التواصل باستمرار، لكن “الصمت الحالي يُعد مؤشرًا على النهج الروسي الأوسع”.

وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن نهاية الوفاق بين روسيا وإسرائيل تسلط الضوء على حدوث تحول جذري أكبر في دور موسكو في الشرق الأوسط. فبهدف التدافع من أجل السلاح والحلفاء للمضي قدمًا في غزوها لأوكرانيا، غيّرت روسيا علاقتها التي كانت متوازنة بعناية مع إيران ووطدت علاقاتها مع الدول العربية.

العلاقة مع إيران

يُنظر لروسيا الآن على أنها تضع الأساس لعلاقة استراتيجية مع إيران، التي زودت موسكو بالآلاف من مسيّرات شاهد الانتحارية التي تستخدمها لتدمير البنية التحتية الأوكرانية، وتمد موسكو الآن بالمكونات اللازمة لتجميع المسيّرات داخل روسيا.

كيف أنهى هجوم حماس الوفاق الشائك بين روسيا وإسرائيل؟

طائرة “ياك 130” الروسية

وفي المقابل، أرسلت روسيا طائرة التدريب “ياك 130” للقوات الجوية الإيرانية، وتدرس صفقة لبيع مقاتلات “سو 35” لطهران، التي قد تغير توازن القوى في الشرق الأوسط، وفق الصحيفة الأمريكية.

القاسم المشترك

يقول المحللون إن روسيا وإيران أصبحتا الآن منبوذتين من الغرب ومحاصرتين في نفس المأزق. وفي هذا السياق، قال الخبير في العلاقات الروسية الإيرانية بجامعة قطر، نيكولاي خوزانوف، إن روسيا “تبحث عن شريك يمدها بالسلاح، لكن احتضانها لإيران يدفعه أيضًا إحساس مناهض للغرب”.

وحسب وول ستريت جورنال، امتد هذا الاحتضان إلى حركة حماس، التي ترعاها إيران. وعلى مدار العام الماضي، سافر وفدان رفيعا المستوى على الأقل إلى موسكو من أجل عقد محادثات. وبنهاية الأسبوع الماضي، كتبت حماس منشورًا على منصة تليجرام تشيد فيه بموقف بوتين تجاه تصعيد العنف في غزة.

وكذلك لم تدين روسيا هجوم حماس. ولفت نائب مجلس الدوما الروسي وعضو لجنة الدفاع، أندريه جوروليوف، في منشور على منصة تليجرام، إلى فاعلية حماس في التغلب على الدفاعات الإسرائيلية، مقترحًا أن تتعلم القوات الروسية من أساليبهم والرد الإسرائيلي.

أسباب داخلية

يمتلك الكرملين أسبابًا داخلية أيضًا للترحيب بحرب بعيدة عن حدود روسيا. فمع تحديد موعد الانتخابات الرئاسية الروسية في مارس المقبل، يبحث الكرملين عن طرق لتحويل الانتباه عن الحرب في أوكرانيا.

ولفتت وول ستريت جورنال إلى أن بوتين عزز حكمه على مدار 23 عامًا عبر استخدام وسائل الإعلام التي تديرها الدولة لتجاهل المشكلات الداخلية والتركيز على الفوض بالخارج.

ومنذ الأسبوع الماضي، تحول اهتمام وسائل الإعلام الروسية الحكومية من الحرب في أوكرانيا إلى إسرائيل وغزة.

انتقاد واشنطن

وصف مسؤولون روس بارزون اندلاع القتال بين إسرائيل وحماس بأنه “ضربة للمكانة الأمريكية”، مشيرين إلى أن واشنطن يجب أن تعيد تقييم إلى متى يمكنها الاستمرار في تزويد أوكرانيا بالمساعدات لمحاربة القوات الروسية في الوقت الذي تقدم الدعم لإسرائيل أيضًا.

كيف أنهى هجوم حماس الوفاق الشائك بين روسيا وإسرائيل؟

دبابة إسرائيلية تتجه إلى حدود قطاع غزة

وفي أول تعليق له على هجوم 7 أكتوبر، انتقد بوتين الولايات المتحدة بشدة، واصفًا الهجمات بأنها “مثال واضح على فشل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط”، التي لم تدافع عن مصالح الفلسطينيين في محادثات السلام.

وأول أمس الجمعة، قال بوتين إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها من هجمات حماس، لكنه طالب بمحادثات سلام تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

انتهاز الفرصة

عقب اندلاع القتال، وصف الرئيس الروسي السابق، ديمتري ميدفيديف، الأحداث بأنها “القصاص العادل” من الولايات المتحدة لإنفاقها الأموال والاهتمام على تقويض روسيا، بدلًا من التوسط في السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وكتب ميدفيديف: “بدلًا من العمل على تسوية فلسطينية إسرائيلية، جاء هؤلاء الحمقى إلينا وبدأوا في مساعدة النازيين الجدد بكل الطرق، دافعين بلادنا إلى الصراع”. فيما ابتهج معلقون آخرون موالون للكرملين بأن القتال في إسرائيل يعني أن حليفين للولايات المتحدة قد يصبحا مجردين من الدفاعات.

وفي هذا السياق، قالت ميشلين: “كان هذا أول رد فعل تلقائي لروسيا. هذا الصراع جيد لهم لأنه يخفف الضغط عنهم بطرق متعددة”. فيما قال الزميل بمجلس العلاقات الخارجية، توماس جراهام، إن الإعلام الروسي سينقض على أي تطورات فوضوية في إسرائيل أو غيرها من الأماكن، التي ستخدم كتشتيت عن مشكلات روسيا الداخلية.

ربما يعجبك أيضا