القاعدة في إيران.. كيف بدأت علاقة التنظيم بطهران؟

محمود طلعت

دشنت القاعدة علاقتها مع إيران منذ نحو ثلاثة عقود، ففي أوائل التسعينيات سافر القائمون على القاعدة إلى إيران ولبنان، حيث معقل حزب الله الذي دربهم على صناعة المتفجرات.


كشف الجزء الأول من وثائقي جديد بثته قناة «العربية» يوم 28 يناير 2022، بعنوان «وجوه القاعدة في إيران» عن قائمة بقيادات تنظيم القاعدة استضافتهم إيران، أبرزهم أبو مصعب الزرقاوي وسيف العدل وأبو الخير المصري وأبو محمد المصري وصالح القرعاوي، وغيرهم من عناصر التنظيم آوتهم طهران مع أسرهم بعد هروبهم من أفغانستان.

كما كشف الوثائقي عن أول اجتماع سري في السودان بين زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ناقش ضرورة تنحية الخلافات المذهبية وتدريب عناصر القاعدة على صناعة المتفجرات تحت إشراف حزب الله.

الحرب على أفغانستان

عشية هجمات 11 سبتمبر عام 2001، طلب النظام الإيراني من مفتشي الحدود عدم ختم جوازات سفر منتسبي القاعدة، خلال ترددهم بين إيران وأفغانستان، وبتلك الوسيلة أبعدت إيران عنهم الشبهات عند عودتهم إلى بلادهم، بحسب ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو.

وقبل عشرون عامًا، شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها حربا واسعة على أفغانستان على أمل القضاء على تنظيم القاعدة وملاحقة قادته.

الاســتخبارات الإيرانية

قال الضابط السابق في الحرس الثوري الإيراني ساجاد حق بناه، في تصريحات لوسائل الإعلام: «إن المنظومة الاستخباراتية الإيرانية تستخدم أي أداة للدفع بأهدافها دون الاهتمام لطابع هذه الأدوات ومحتواها، وتعد واحدة من الأدوات التي تستخدمها منذ عام 2001 هي تنظيم القاعدة الإرهابي الذي تجمعه علاقة وطيدة مع المخابرات الإيرانية».

وأضاف أن إيران تستخدم هذا التنظيم الإرهابي للدفع بأهدافها في الدول العربية والأوروبية وداخل الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت بمغازلتهم عبر دعمهم غير المحدود بالأموال والسلاح لتحقيق غاياتهم المشتركة.

سيف العدل (محمد صلاح الدين زيدان)

وثائقي «العربية» أشار إلى تنوع أساليب إيران في تسخير شخصيات القاعدة لمصالحها، من خلال تحول التنظيم إلى أداة ينتهي طرفها عند رأس النظام الإيراني، ليتحكّم بها المرشد ورجاله.

وما دام تنظيم القاعدة الأطول عمرا والأكثر خطورة بين التنظيمات الإرهابية، كانت السيطرة عليه بتنصيب زعيم موال لإيران، أمرا يستحق نفسًا طويلًا وتخطيطا طويل الأجل من وجهة النظر الإيرانية.

الأدلة المتاحة أشارت إلى وقوع الاختيار بين متخذي القرار في طهران على سيف العدل (محمد صلاح الدين زيدان)، المولود في محافظة المنوفية بمصر والمتزوج من ابنة القيادي بتنظيم القاعدة مصطفى حامد المعروف بـ(أبو الوليد المصري).

علاقته بأسامة بن لادن

الباحث في شؤون تنظيم القاعدة عمرو عبدالمنعم، أشار في وثائقي «العربية» إلى أن العلاقة بين سيف العدل وزعيم القاعدة الأسبق أسامة بن لادن نشأت خارج أفغانستان في مطلع التسعينيات، وقد اصطحب بن لادن سيف العدل معه إلى الخرطوم في رحلة تحت غطاء الاستثمار، ليتخذانها مركزا لتجنيد عناصر جديدة في القاعدة وليتولى سيف العدل تدريبهم على استخدام المتفجرات.

وكشف وثائقي «العربية» أن سيف العدل خضع لتدريبات مكثفة على تصنيع واستخدام المتفجرات تحت إشراف مباشر من قِبَل عماد مغنية القيادي بحزب الله، وشارك بعد ذلك في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في العاصمة الكينية نيروبي والعاصمة التنزانية دار السلام.

المنافسة على زعامة التنظيم

حاولت إيران إبعاد الأنظار عنها بترحيل ناصر الوحيشي السكرتير الخاص لبن لادن، إلى اليمن، ليحاكم هناك عام 2003، لكنه هرب من السجن لاحقا عام 2006 وأصبح زعيما لفرع القاعدة في جزيرة العرب، لتُبقي إيران بذلك على أراضيها قادة القاعدة.

وبدأ المنافسون الأقرب لزعامة التنظيم يخرجون من المشهد واحدًا تلو الآخر، فنجد أبوالخير المصري، نائب زعيم تنظيم القاعدة، قد انقطعت أخباره بعد الإفراج عنه مع سيف العدل في صفقة تبادل الأسرى بين إيران والقاعدة في جزيرة العرب.

وخرج من المشهد أيضا المنافس الأخير لسيف العدل، أبومحمد المصري، والذي انقطعت أخباره أيضًا بعد إطلاق سراحه في نفس صفقة تبادل الأسرى بين إيران والقاعدة، ليلقى مصرعه لاحقا في طهران في 7 أغسطس عام 2020 عندما أطلق مسلحون الرصاص عليه وهو يقود سيارته.

إدارة المصالح الإيرانية

بحسب مصادر استخباراتية أمريكية، تولى سيف العدل بالفعل زعامة القاعدة في فبراير 2021 خلفا لـ«أيمن الظواهري» بعد أنباء غير مؤكدة عن مرضه ووفاته، وعزز احتماليات وفاة الظواهري تسجيل فيديو نشرته إذاعات محسوبة على تنظيم القاعدة على مواقع التواصل الاجتماعي في 11 سبتمبر عام 2021.

وظهر تأثير سيف العدل في إدارة المصالح الإيرانية بمناطق الصراع وتحديدا في سوريا من خلال مساعده خالد العاروري، الذي أسس تنظيم حراس الدين، ويُنسًب للتنظيم تحت قيادته نشاط عمليات تبادل الأسرى مع النظام السوري بوساطة من أحد ضباط الحرس الثوري الإيراني.

 

 

ربما يعجبك أيضا