اتفاق المرحلة 1.. حالة اشتباه بـ”كورونا” تنذر بالتعطيل

حسام عيد – محلل اقتصادي

جاء توقيت انتشار فيروس كورونا ليثير الكثير من التساؤلات حول الاتفاق الذي وقعته واشنطن مع بكين بشأن التجارة، أو اتفاق المرحلة الأولى كما عُرف بين البلدين.

وكانت وكالة “بلومبيرج” الأمريكية أشارت إلى اتفاق الصين التجاري مع أمريكا قد يصبح مهددا، في ظل انتشار فيروس “كورونا” الجديد، الذي ضرب البلاد مطلع شهر يناير الماضي، مسببًا هزة اقتصادية لثاني اقتصادات العالم ربما تقوض قدرتها على الوفاء بالتزاماتها بمضاعفة مشترياتها من المنتجات الزراعية الأمريكية، حسبما نص الاتفاق المبدئي.

ومن المقرر أن يدخل اتفاق المرحلة الأولى التنفيذ منتصف فبراير المقبل، وهو ما يعني مضاعفة الجانب الصيني مشترياته من السلع الأمريكية بنحو 76.7 مليار دولار بشكل مبدئي، ثم 123 مليار دولار إضافية خلال العام المقبل.

فهل سيؤثر فيروس كورونا على طبيعة هذا الاتفاق، وهل سيخل بالتوازن والذي تم التوافق عليه في هذه المرحلة؟ّ!.. هذا ما سنتعرض له بالتحليل في التقرير التالي.

الالتزام الأمريكي الصيني بالاتفاق

طبقًا للتصريحات الرسمية، حتى الآن الولايات المتحدة الأمريكية والصين ملتزمتان باتفاق المرحلة الأولى، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ؛ سيكملان المحادثات والتعاون كما تم الاتفاق عليه سابقًا.

فيما أبدى ترامب ثقته الكبيرة في قوة ومرونة الصين في مواجهة التحدي المرتبط بفيروس كورونا.

وبموجب اتفاق المرحلة 1 ضمن المفاوضات التجارية، وافقت الصين على شراء ما قيمته 200 مليار دولار من الصادرات الأمريكية معظمها في قطاع الصناع بمقدار 32.9 مليار دولار، ثم 18.5 مليار دولار في الطاقة، و12.8 مليار دولار بقطاع الخدمات، و12.5 مليار دولار للمنتجات الزراعية.

مع العلم أن هناك بندًا في اتفاق المرحلة الأولى، ينص على التشاور بين الطرفين، في حال حدوث كارثة طبيعية، أو حدث غير متوقع، إلا أن المؤشرات حتى الآن، لا تدل على أن الصين لجأت لهذا البند.

إشارات إيجابية

بعد تصريحات من لاري كودلو، المستشار الاقتصادي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأنه في حال عدم الالتزام ببعض المتفق عليه في المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري مع الصين سيتم ترحيله للمرحلة الثانية، وذلك في إشارة لتأثير فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني.

ولكن في بادرة طيبة، قامت الصين بخفض التعريفات الجمركية على سلع أمريكية بقيمة 75 مليار دولار على الرغم من تداعيات كورونا.

فما كان عليه تعريفات جمركية بنسبة 10% أصبحت 5%، ثم التعريفات التي كانت بقيمة 5% على بعض السلع أصبحت 2.5%، وكأنها إشارة إيجابية تؤكد الصين من خلالها استعدادها لمواصلة الاتفاق التجاري.

كورونا يضغط على الاقتصاد الصيني

من جانبه، يضغط فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني بشكل كبير، فمليارات الرحلات من وإلى الصين أُلغيت، بالإضافة إلى تعطل نشاط العديد من المصانع والشركات بعدما تم إغلاق أكثر من 50% من المدن الصينية، وأيضًا تضرر قطاع الخدمات والسياحة بشكل خاص، وتسجيل قطاع التجزئة لخسائر متسارعة.

وأوضحت شركة نومورا اليابانية في بحث حديث لها، أن تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني سيتجاوز الـ”سارس”، وهو أمر متوقع، فنسبة انتشار كورونا أكبر وإن كان سارس أدى إلى وفيات أكبر كنسبة وليس كعدد.

كذلك تراجعت توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني، ففي تقدير الحكومة الصينية سيهبط النمو خلال العام الجاري من 6% إلى 5%، بينما تتوقع “سيتي جروب” نموًا بـ5.5% نزولًا من 5.8%.

أما “جولدمان ساكس” فتوقع أن يهبط النمو الاقتصادي بأربعة أعشار النقطة المئوية، في حين رفع “جولدمان يو بي أس” توقعاته للتراجع في النمو بستة أعشار النقطة المئوية.

وكان في سنوات سابقة ينمو الاقتصاد الصيني بمعدلات تقارب الـ 12%، و13%، لكن اليوم فقد الاقتصاد قدرته على النمو.

ولجأت الصين إلى مجموعة إجراءات لدعم اقتصادها مع تفشي فيروس كورونا، أبرزها ضخ 242 مليار دولار في النظام المالي لتوفير السيولة، كما خصصت الحكومات المحلية نحو 12 مليارا و600 مليون دولار للإنفاق على العلاج والمواد الطبية.

وخفض البنك المركزي الفائدة على عمليات إعادة الشراء، كما تمت الموافقة على تمديد فترات استحقاق الديون للشركات، إلى جانب السماح للأفراد الذين انقطعوا عن عملهم بسبب الفيروس، بتأجيل سداد الأقساط المترتبة عليهم.

إلى جانب ذلك كله، هناك مجموعة من الإجراءات الأخرى التي يتوقع أن تلجأ إليها الصين لدعم الاقتصاد، منها زيادة الحد الأقصى لعجز الموازنة، لتوسيع الإنفاق، وبيع المزيد من السندات الحكومية، وضخ المزيد من الأموال في النظام المالي.
 

ربما يعجبك أيضا