مفوضية اللاجئين لـ«رؤية»: الحرب تقود أوكرانيا إلى سيناريو سوريا واليمن

رنا أسامة
ماثيو سالتمارش المتحدث باسم مفوضية شؤون اللاجئين

كيف تختلف أزمة لاجئي الحرب الروسية الأوكرانية عن سابقاتها؟ لماذا يتعرض الأوكرانيون لتمييز عنصري؟ ما الصعوبات التي تواجه نقل النازحين من أوكرانيا؟ أسئلة كثيرة نحاول الإجابة على بعضٍ منها في حوار أجرته "شبكة رؤية الإخبارية" مع المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ماثيو سولتمارش.


في تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، وصف المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ماثيو سالتمارش، أزمة اللجوء التي تسببها الحرب الروسية الأوكرانية بأنها “غير مسبوقة”.

وشبه سالتمارش سيناريو أوكرانيا تحت الحرب الروسية التي دخلت يومها السابع، بسيناريوهات مماثلة لما حدث في دول مثل سوريا واليمن، حتى إن الاتحاد الأوروبي خفّف قواعده بشأن استقبال اللاجئين. ماذا قال متحدث المفوضية عن تحديات وصول النازحين إلى إجراءات المساعدة الدولية؟

ما حجم ونطاق نزوح الأوكرانيين؟

أفاد متحدث مفوضيّة اللاجئين، في حوار عبر البريد الإلكتروني مع “رؤية”، بأن الحرب الروسية الأوكرانية أسفرت عن “أكبر أزمة لاجئين في أوروبا هذا القرن” مع تزايد عدد اللاجئين والمُشرّدين داخليًّا بسرعة. وأضاف سالتمارش: “نخطط لاستقبال 4 ملايين لاجئ، هذا رقم مُخطط له ليس مُتوقعًا، لكن من الحكمة أن نتوقع أعدادًا كبيرة جدًّا من النازحين قسرًا داخل وخارج أوكرانيا. ذلك سيتوقف على مدة وطبيعة الصراع”.

تُقدّر مفوضية شؤون اللاجئين أن 677 ألف شخص فرّوا من أوكرانيا إلى البلدان المجاورة، بولندا ومولدوفا والمجر وسلوفاكيا ورومانيا. كما نزح مئات الآلاف داخليًّا، أي فروا من منازلهم لكنهم ما زالوا داخل أوكرانيا، بحسب سالتمارش الذي علّق في هذا السياق بأنه “من الصعب للغاية تحديد العدد الدقيق للنازحين داخليًّا”.

ووفق تقرير نشرته مجلة تايم الأمريكية في 25 فبراير الماضي، يتفوق عدد لاجئي الحرب الروسية الأوكرانية على عدد النازحين خلال أزمة اللاجئين الأوروبية عام 2015، التي نزح خلالها نحو مليون لاجئ إلى أوروبا، وكذلك يتفوق على عدد النازحي من داخل أوكرانيا بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، وهؤلاء بلغوا 1.5 مليون.

كم نزحوا إلى الدول المجاورة حتى الآن؟

قال متحدث مفوضية اللاجئين إن “من بين 677 ألف شخص نزحوا من أوكرانيا، وصل نصفهم تقريبًا إلى بولندا. ويوجد نحو 90 ألفًا في المجر، و60 ألفًا في مولدوفا، و50 ألفًا في سلوفاكيا، و40 ألفًا في رومانيا”.

وفي حين أن المفوضية الأممية تعتقد أن عددًا كبيرًا من اللاجئين عبر من شرق أوكرانيا إلى روسيا، لم يُحدد سالتمارش رقمًا بعينه، لكنه جدد التشديد على أن “هذه الأرقام من المُرجّح أن تشهد زيادة ملحوظة في الأيام المقبلة”، موضحًا أن “المفوضية تعمل على تقديم أرقام محدَّثة بانتظام في هذا الشأن”.

ما الصعوبات التي تواجه نقل اللاجئين؟

تتمثل أكبر الصعوبات التي تواجه نقل النازحين، بحسب سالتمارش، في عددهم الكبير الذي يتسبب في تأخير وصولهم. ولفت إلى أن “موظّفي مفوضية اللاجئين أبلغوا عن طوابير عند المعابر الحدودية مع أوكرانيا، ما يُجبر بعض اللاجئين على الانتظار لساعات، وحتى لأيام في بعض الأحيان، قبل أن يتمكنوا من عبور الحدود وتلقي الدعم”.

في هذا الصدد قال سالتمارش: “رأينا أيضًا صورًا لقطارات مزدحمة بالناس وهم يحاولون مغادرة أوكرانيا. لم يكن مُستغربًا أن يؤدي الحجم الهائل للنازحين إلى تأخير وصولهم إلى الدول المُجاورة”.

هل تختلف أزمة لاجئي الحرب الروسية الأوكرانية عن سابقاتها؟

في أقل من أسبوع، جاء عدد الأوكرانيين الفارين أعلى 10مرات على الأقل من الرقم القياسي المسجَّل خلال 7 أيام من نزوح لاجئين إلى أوروبا خلال عام 2015، وتقريبًا ضعف عدد اللاجئين الذي سجلته الأمم المتحدة خلال أول 11 يومًا من حرب كوسوفو عام 1999، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أمس الثلاثاء.

مع ذلك، قال متحدث المُفوضيّة الأممية إن “أزمة اللاجئين خلال الحرب الروسية الأوكرانية لا تختلف عن سابقاتها من نواحٍ كثيرة”، موضحًا أن “السيناريو نفسه يتكرر خلال حالات الطوارئ والنزوح كما حدث في دول مثل سوريا واليمن وإثيوبيا وميانمار: مدنيون أبرياء يفرون من ديارهم هربًا من الصراع أو العنف أو الاضطهاد. لكن لسوء الحظ، يتأثر المدنيون خلال النزوح”.

في هذا الشأن أوصى سالتمارش في حواره مع “رؤية” بضرورة حماية المدنيين والبِنى التحتية المدنية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى أولئك الذين يقدمون الدعم لمتضرري هذه الحرب، خاصة أن العاملين في المجال الإنساني بأوكرانيا، كما في أزمات أخرى، اضطروا إلى الحد من أنشطتهم ومُساعداتهم بسبب النزاع الروسي الأوكراني.

كيف تتعامل المفوضية مع لاجئي الحرب؟

أوضح سالتمارش أن المفوّضية الأممية تتعامل مع اللاجئين خلال هذه الحرب بالآلية نفسها التي تتبعها في حالات الطوارئ والنزوح الأخرى. وعن تلك الآلية بيّن متحدث مفوضيّة اللاجئين لـ”رؤية” أنها تتمثل في المقام الأول في “حث جانبي الصراع على احترام حقوق الإنسان وحماية المدنيين”.

وأثنى سالتمارش على الدول المجاورة لأوكرانيا لإبقاء حدودها مفتوحة لاستقبال النازحين، مُشيدًا في الوقت نفسه بمواطني تلك الدول الذين قدموا مأوى للاجئين، بما في ذلك من مسكن وطعام ونقل مجاني ومواد نظافة، وغيرها من أدوات الدعم الأخرى.

ماذا عن العنصرية الأوروبية ضد لاجئي أوكرانيا؟

وبسؤاله عن العنصرية الأوروبية التي أقرّت بها الأمم المتحدة بحق لاجئين غير أوروبيين على حدود أوكرانيا، معظمهم أفارقة، شدّد سالتمارش على “رفض المفوضيّة القاطع للتعامل بعنصرية مع أي لاجئ”، داعيًا الحكومات لضمان الوصول الآمن للفارين من الحرب، سواء أكانوا مواطنين أوكرانيين أم مواطني دول ثالثة بأوكرانيا.

ويدرس قرابة 80 ألف أجنبي في أوكرانيا، ربعهم أفارقة، غالبيتهم من الهند والمغرب وأذربيجان وتركمستان ونيجيريا وغانا، بحسب بيانات وزارة التعليم والعلوم الأوكرانية، في الوقت الذي ينجذب فيه كثيرون إلى كليات الطب والتقنية ذات السمعة الجيدة في البلاد، جنبًا إلى جنب مع الرسوم الدراسية المنخفضة نسبيًّا.

انزعاج إفريقي

الاتحاد الإفريقي كان أبدى انزعاجه من حرمان مواطنين أفارقة على الجانب الأوكراني، من حق عبور الحدود الدولية الآمنة، واصفًا الأمر بأنه عنصرية صادمة تنتهك القانون الدولي، بحسب صحيفة ذا إيست أفريكان الكينية، وشدد في بيان مشترك لرئيسه ورئيس مفوضيته، يوم الاثنين، على أن لجميع الأشخاص الحق في عبور الحدود الدولية في أثناء النزاع، منوهًا بضرورة منحهم حقهم بصرف النظر عن جنسيتهم أو هويتهم العرقية.

هنا جدد متحدث المفوضيّة الأممية للاجئين مناشدته عبر “رؤية” لعدم التمييز العنصري ضد أي فرد أو مجموعة، مشيرًا إلى أن المفوضيّة “تدرك التحديات التي يواجهها بعض الرعايا الأجانب النازحين للوصول إلى أي من الدول المجاورة لأوكرانيا. وأضاف: “نحن على اتصال مع سلطات تلك الدول لنضمن لجميع من يحتاجون إلى حماية دولية أن يصلوا إلى الإجراءات ذات الصلة”.

ربما يعجبك أيضا