أزمة أرمينيا وأذربيجان تشتعل.. قلق دولي وتدخلات تركية سافرة

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

وسط قلق دولي من التصعيد، وتدخلات تركية سافرة، اشتعلت حدة الاشتباكات القتالية -الأكثر دموية منذ عام 2016- في منطقة ناجورنو قرة باغ المتنازع عليها بين أذربيجان وأرمينيا، صباح اليوم الإثنين، مما أدى إلى ارتفاع الحصيلة الإجمالية للمواجهات إلى 39 قتيلًا.

ووسط تبادل للاتهامات، كانت تلك الأعمال القتالية بين أذربيجان وأرمينيا قد اندلعت أمس الأحد، مما أسفر عن سقوط ضحايا عسكريين ومدنيين من الجانبين.

تطورات المشهد

وفي تطورات الحدث، أفاد متحدث باسم وزارة الدفاع الأرمينية، آرتسرون هوفهانيسيان، في بيان له اليوم الإثنين، بأن المواجهات العنيفة تواصلت خلال الليل، في حين أكد مسؤولون في وزارة الدفاع في قره باغ مقتل 15 مسلحًا، ما يرفع حصيلة القتلى في صفوف الانفصاليين المسلحين إلى 32 قتيلًا منذ اندلاع المواجهات بالأمس.

وأضاف، أن 200 عنصر من جيش الدفاع التابع لإقليم قره باغ قد أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة، مشيرًا إلى أن جميعهم الآن تحت إشراف الأطباء، وقد تم إرسال بعضهم إلى يريفان.

ومن جانبها أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية عن مقتل 6 مدنيين وإصابة 26 آخرين بجروح نتيجة العمليات العسكرية في قره باغ.

أذربيجان تعلن السيطرة

استمرارًا للمواجهات، ووسط سعي كل طرف في فرض السيطرة على المنطقة المتنازع عليها، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية اليوم، أن قواتها سيطرت على عدة مرتفعات استراتيجية قرب قرية تاليش في إقليم قره باغ.

جاء ذلك خلال تصريحات صحفية للمتحدث باسم وزارة الدفاع الأذربيجانية أنار إيفازوف، في باكو، مضيفًا أن “مواقع العدو تتعرض لقصف بقذائف صاروخية ومدفعية وضربات جوية، مما يجبر العدو على التراجع وإخلاء مواقعه”.

وذكر المتحدث أن ليرنيك بابيان، قائد كتيبة الاقتحام الجوي والإنزال الجوي التابعة للجيش الأرمني، قتل خلال المعارك على محور قرية تاليش، مشيرًا إلى أن الوحدة العسكرية تحت قيادته خسرت “معظم أفرادها”.

إضافة إلى ذلك، أعلنت “الدفاع الأذربيجانية” تدمير دبابتين أخريين تابعتين للقوات المسلحة الأرمنية، ونشر مقطع فيديو للعملية على الموقع الإلكتروني للإدارة العسكرية.

وقالت في هذا الصدد: “عمليات الهجوم المضاد التي ينفذها جيشنا بهدف تحرير أراضينا من الاحتلال مستمرة، فالروح القتالية والحالة المعنوية والنفسية لأفراد جيشنا عالية، وجنودنا يظهرون الشجاعة خلال المعارك الشديدة”. 

وقالت الإدارة العسكرية إنه تم تدمير عدد كبير من القوة البشرية والمنشآت العسكرية والمعدات العسكرية للقوات الأرمينية. 

تركيا تشعل الأزمة

كعادتها واستمرارًا لمسلسل تدخلها السافر في الأزمات، استغلت تركيا الفرصة لتقديم دعم عسكري مباشر لأذربيجان في تصعيد القتال حول إقليم قره باغ المتنازع عليه.

وفي هذا الصدد، قالت وزارة الخارجية الأرمينية، اليوم، أن خبراء عسكريين أتراكًا يقاتلون جنبًا إلى جنب مع أذربيجان في منطقة ناجورني كاراباخ، وأن تركيا تزود أذربيجان بالطائرات الحربية والمسيرة.

ووفقًا لوكالات الأنباء العالمية، فقد أعلن سفير أرمينيا لدى روسيا، فاردان توغانيان، أن تركيا أرسلت نحو 4 آلاف مسلح من الشمال السوري إلى أذربيجان، مضيفًا إلى أن المسلحين السوريين يشاركون في العمليات القتالية بإقليم ناجورني كاراباخ.

ومن جانبه جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم التأكيد على دعم بلاده لأذربيجان، معتبرًا أن أرمينيا “قوة احتلال” عليها الانسحاب من أراضي أذربيجان.

وقال أردوغان في كلمة متلفزة: “أدين الهجوم الأرميني على أذربيجان، وتركيا ستواصل الوقوف إلى جانب أذربيجان الشقيقة والصديقة بكل إمكانياتها”.

أرمينيا تهدد 

التصعيد الحالي للموقف وسط التوترات الخطيرة على الحدود الأرمينية والأذربيجية، وخاصة بعد تدخل تركيا السافر، دفع أرمينيا للتهديد بشأن سلوك تركيا، وأن ذلك سيكون له عواقب مدمرة على منطقة جنوب القوقاز والمناطق المحيطة.

ودعا رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، المجتمع الدولي لضمان عدم تدخل تركيا في أزمة ناغورنو كاراباخ الحدودية مع أذربيجان.
واتهم المسؤول الأرميني أذربيجان بـ”إعلان الحرب” على شعبه مع تجدد المواجهات العنيفة بين البلدين اللدودين في منطقة ناغورنو كاراباخ الحدودية.

ووسط تصعيد الموقف، قال السفير الأرمني في روسيا فاردان توجانيان، إن الوضع حول قره باغ يتطلب تدخلًا سريعًا من قبل الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وذكر أن سلطات بلاده تدرس إمكانية إقامة ممرات إنسانية لإجلاء السكان من إقليم قره باغ في حال تفاقم الأوضاع الأمنية هناك.

وعلى جانب آخر تحدث مسؤولون في أرمينيا وقره باغ، اليوم، عن استعادة قواتها بعض المواقع التي خسرتها أمس، فيما أعلن رئيس أذربيجان إلهام علييف، تعبئة عسكرية جزئية في البلاد، في ثاني يوم من الاشتباكات الدامية في إقليم قره باغ.

قلق دولي

أثارت هذه المعارك الدامية، قلقًا دوليًا، حيث دعت الأمم المتحدة وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة بشكل خاص إلى وقف فوري لإطلاق النار.

وفي هذا الصدد، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ تجاه التصعيد الأخير، داعيًا جميع الأطراف في جنوب القوقاز إلى إنهاء الاقتتال والعودة للمفاوضات بدون تأجيل.

وأضاف غوتيريش في بيان له، إنه سيتحدث أيضًا إلى زعيمي أذربيجان وأرمينيا بشأن الأوضاع الحالية.

وفي روسيا، قال المتحدث الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف، إن الكرملين لا يرى في التصعيد الأخير في منطقة قره باغ محاولة من قوى خارجية لخلق صعوبات لروسيا.

وأوضح بيسكوف أن موسكو على اتصال مع أنقرة بشأن الوضع في منطقة قره باغ، مضيفًا أن روسيا تدعو باكو ويريفان إلى أقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن اعتماد الأساليب العسكرية.

ومن جانبه قال سيرجي ناريشكين مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، للصحفيين اليوم، إن “تصعيد النزاع بين أرمينيا وأذربيجان في قره باغ، أمر مؤسف، ولا يمكن حله إلا سياسيًا ودبلوماسيًا”، مضيفًا: “روسيا تسعى دائمًا من أجل السلام بكل طريقة ممكنة”.

ومن جانبها، قالت المملكة العربية السعودية إنها تتابع ببالغ القلق والاهتمام تطورات الأوضاع بين أرمينيا وأذربيجان.

وحثت الطرفين على وقف إطلاق النار، وحل النزاع بالطرق السلمية وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

جزيرة القرم.. منصة للمفاوضات

وسط القلق الدولي من استمرار تلك المعارك الدامية، قال نائب الدوما “مجلس النواب” الروسي، رسلان بالبك، في تصريحات خاصة لوكالة “سبوتنيك”، إن المجتمعين الأرمني والأذربيجاني في شبه جزيرة القرم يدعوان أطراف النزاع في ناغورني قره باغ إلى الحوار، مشيرين إلى أن شبه الجزيرة يمكن أن تكون منصة للمفاوضات.

وأشار بالبك إلى أن “الأرمن والأذربيجان الذين يعيشون في شبه جزيرة القرم منزعجون للغاية مما يحدث في قره باغ، وينشادون الأطراف إلى التوصل إلى هدنة والانتقال إلى المفاوضات”.

وأضاف أن شبه جزيرة القرم هي مثال حي على التعايش بين مختلف الثقافات والمعتقدات، مشيرًا إلى أن قرم مستعدة لتكون منصة للمفاوضات وحل المشكلة سلميًا.

ربما يعجبك أيضا