أمريكا تشتعل غضبًا.. والنظام يفكر في تأمين كرسي البيت الأبيض

كتب – حسام عيد

صراع المصالح الأزلي بين الديمقراطيين والجمهوريين أمر اعتيادي في الولايات المتحدة، أما مشاهد الاحتجاجات والعنف فقد وضعت الخلاف في دائرة أوسع وتحولت حادثة مقتل جورج فلويد وتداعياتها إلى ورقة جديدة للتجاذبات السياسية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.

ترامب ألمح إلى مسؤولية الديمقراطيين عن تصاعد أعمال العنف، وتساءل هل نهب المتاجر هو ما يريده الناخبون من منافسه الديمقراطي المحتمل جو بايدن؟!

الورقة ذاتها رمى بها بايدن في مرمى ترامب إذ اتهمه بأنه يستخدم الجيش ضد الشعب الأمريكي والغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين السلميين، وخلص بايدن أن هدف ترامب من هذه الإجراءات الترويج لنفسه.

زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ انتقد أيضًا ترامب، ووجه له رسالة تحدث فيها عن تضرر المجتمع الأمريكي من جرائم القتل.

الرئيس السابق باراك أوباما خرج عن صمته أيضًا؛ إذ أكد الحاجة إلى القيام بإصلاحات لمعالجة العنصرية في المجتمع الأمريكي ورأى أن ذلك يتم بانتخاب مرشحين مناسبين لهذا العمل.

ترامب يهدد: قصاص واعتقالات ونشر الجيش

ترامب كان ألقى بمسؤولية العنف الذي شهدته الاحتجاجات على حركة أنتيفا، ووعد بأن يتم تصنيفها كمنظمة إرهابية، وانتقد كذلك حكام الولايات ودعاهم إلى التخلص من ضعفهم باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الاحتجاجات وحثهم على إنزال القصاص وتنفيذ اعتقالات شاملة ولوح بنشر الجيش في الولايات المتحدة.

وتجاوز الرئيس الأمريكي الخطوط الأمامية للمحتجين في محيط البيت الأبيض، ساعيًا لإثبات قوة موقفه عبر التجول في حديقة البيت الأبيض ومحيطه وصولا إلى كنيسة القديس يوحنا التي استهدفتها أعمال العنف.. خطوة حبست الأنفاس لا سيما أنها جاءت بعد دقائق من إبعاد قوات الأمن لمحتجين عن المنطقة تطبيقًا لمنع التجول.

تحدي ترامب للأجواء العاصفة المحيطة به، جاء مباشرة عقب إلقاء كلمة سادتها مواقف غاضبة، هدد ترامب وتوعد باستخدام كل ما أتاه القانون من قوة لإنهاء ما وصفه بالفوضى وانعدام الأمن، حيث قال: “سننهي هذه الفوضى وانعدام النظام الذي ساد في بلدنا وقد طالبت اليوم كل الحكام بنشر الحرس الوطني بأعداد كافية حتى نسيطر على الشوارع، وينبغي على الحكام والعمد أن يكثفوا حضور الأمن من أجل القضاء على العنف وإذا رفضت الولايات والمدن اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية أرواح وممتلكات مواطنيهم فإنني سأنشر الجيش الأمريكي وسأحل المشكلة بسرعة.

ترامب كشف عن حالة غضب تنتابه تجاه ما آلت إليه الأوضاع في بلاده وتعهد بتحقيق العدالة وبمواجهة من وصفهم باللصوص وقادة العصابات، قائلًا: “كل الأمريكيين غضبوا لمقتل جورج فلويد بشكل فظيع، وإدارتي ملتزمة بتحقيق العدالة لجورج وعائلته ولن يموت سدى، ولكن لا يمكن أن ندع العصابات تختطف أصوات المتظاهرين السلميين وأغلب الضحايا هم من الفقراء في مجتمعنا. وأنا بصفتي رئيسًا ومسؤولا عن النظام سأقاتل لأحمي المتظاهرين سلميًا لكن في الأيام الأخيرة شهد بلدنا أعمال قادة العصابات ومدبري العنف والمجرمين والمخربين وحركة أنتيفا”.

لكن هذه المواقف والكلمات لم تأت بجديد، فآلاف المحتجين واصلوا تجمعاتهم واعتصاماتهم أمام البيت الأبيض كما هو الشأن في ولايات عدة. حالة تصعيد متبادل يبدو أن وقائعها قد تؤدي إلى تداعيات لا تحمد عقباها.

بايدن: ترامب يستخدم الجيش ضد الشعب من أجل صورة

وعلى ما يبدو أن ورقة الاحتجاجات الأمريكية التي ما زالت مشتعلة منذ أيام وحتى اليوم بسبب مقتل الشاب الأسمر، جورج فلويد، خنقًا على يد الشرطة، ستستخدم أيضًا في الانتخابات.

فقد اتّهم المرشّح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، جو بايدن، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنّه “يستخدم الجيش الأمريكي ضدّ الشعب”، ويستخدم الغاز المسيّل للدموع ضدّ “متظاهرين سلميين” وكل هذا لمجرّد الترويج لنفسه، بحسب تعبيره.

وقال بايدن في تغريدة على تويتر، إنّ ترامب “يستخدم الجيش الأمريكي ضدّ الشعب الأمريكي، إنّه يطلق الغاز المسيل للدموع على متظاهرين سلميين ويطلق عليهم الرصاص المطّاطي.. من أجل صورة”.

ترامب أم بايدن.. معضلة اختيار الأقل سوءًا بالانتخابات المقبلة؟!

وبدوره، حاول الرئيس دونالد ترامب، ربط الاحتجاجات بمكان وجود بايدن، مشيراً إلى أن الاضطرابات في فيلادلفيا، حيث يقع مقر حملة منافسة.

وسأل ترامب الديمقراطيين: “هل هذا ما يريده الناخبون من جو النعسان؟”، ودعا العمد الديمقراطيين في المدن المتضررة لاستدعاء الحرس الوطني.

وأضاف ترامب: “العالم يراقبكم ويضحك عليكم وعلى النائم جو، هل هذا ما تريده أمريكا؟ لا”.

وكان بايدن فاز بالانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بسبب دعمه الساحق من الناخبين السود وسكان الضواحي، وتعترف حملته بأن فوزه على ترامب سيتطلب منه الحفاظ على دوافع الناخبين الأكبر سنًا، وأيضاً جذب الشباب الأمريكيين الساخطين الذين تخشى الحملة أن يمتنعوا عن التصويت في هذه الانتخابات إذا لم يتواصلوا معهم.

وختامًا، يمكن القول، بأن ما تشهده الولايات المتحدة الأمريكية، هو غضب على سياسات خاطئة متراكمة، وقد يأتي الحل عبر تغيير النظام من الأعلى إلى الأسفل، لكن حتى وإن حدث ذلك فإن بايدن مطالب بأن يثبت أن لديه الشجاعة لإحداث تغيير على طول الطريق.

العملية السياسية اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية مهيأة تمامًا لتغيير مسار الانتخابات الرئاسية المقبلة، والملامح بدأت ترتسم، فالاختيار بين ترامب وبايدن سيصبح اختيار الأقل سوءًا.
 

ربما يعجبك أيضا