أنقرة ترضخ لتهديدات واشنطن وتعلق عدوانها على الشمال السوري

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

عقب اجتماع دام لأكثر من أربع ساعات جمع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، أعلنت أنقرة أنها وافقت على تعليق هجومها على قوات سوريا الديمقراطية بالشمال السوري، جاء ذلك عقب تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه في حالة فشل الاتفاق سيوقع عددًا من العقوبات الاقتصادية والجمركية على تركيا. 

 أعلن نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، الخميس، التوصل إلى اتفاق بين أمريكا وتركيا على انسحاب أنقرة من شمال سوريا. وأكد بنس أن واشنطن وتركيا اتفقتا على وقف إطلاق النار في سوريا.

وقال إن العمليات العسكرية ستتوقف 120 ساعة، وتتولى أمريكا تسهيل عملية انسحاب قوات الحماية الكردية، مشددا على التزام تركيا بوقف كامل لإطلاق النار، ومساعدة الأقليات الدينية في تلك المناطق المنكوبة، وتعهد بنس بإلغاء العقوبات المفروضة على تركيا فور إتمام الانسحاب من الشمال السوري، مشيرا إلى أنه لن يتم فرض المزيد من العقوبات على أنقرة.

ومن ناحية أخرى، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في المؤتمر الصحافي، أن وقف إطلاق النار سيتيح حماية حقوق الأقليات في شمال سوريا. حسبما أشارت قناة “العربية”. 

بنود الاتفاق

أسفر الاتفاق بين أردوغان ومايك بنس على عدد من البنود شمل وقف تركيا العملية العسكرية للسماح بانسحاب وحدات حماية الشعب الكردية خلال 120 ساعة، في مقابل عمل الولايات المتحدة على تأمين انسحاب الوحدات الكردية بعمق 32 كيلومترا (20 ميلا) عن الحدود السورية التركية.

كما تضمن الاتفاق عدم دخول تركيا في عمل عسكري بمدينة كوباني، وتعهد الطرفان بأمن أنقرة والأكراد والوصول لخيار سلمي على الأرض يستوجب معه انسحاب القوات الكردية.

علاوة على ذلك، شمل الاتفاق التراجع عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية على تركيا، وتوحيد الهدف بينهما وهو هزيمة تنظيم داعش، وإعادة الحراسة على سجونهم. 
 
تشاويش أوغلو يشدد على المنطقة الآمنة

قال وزير الخارجية التركي، تشاويش أوغلو، إن أنقرة أكدت خلال الاجتماع مع مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، على وحدة الأراضي السورية، مشددا على أن إخلاء المناطق الحدودية من الإرهابيين شرط لتنفيذ اتفاق وقف القتال، مشيراً إلى أن تركيا لم تلغِ العملية العسكرية في سوريا.
 
وأضاف تشاويش أوغلو في مؤتمر صحافي، اليوم الخميس، عقب مباحثات أردوغان وبنس، أنهم مصرون على إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، وأنهم اتفقوا مع واشنطن على أن تسيطر تركيا على المنطقة الحدودية.

وقال وزير الخارجية التركي إنه تم التأكيد على تعليق عملية “نبع السلام” العسكرية وليس توقفها بشكل تام لمراقبة انسحاب التنظيمات المسلحة.
 
وقال تشاويش أوغلو إنه سيتم تعليق عملية “نبع السلام” لمدة 120 ساعة من أجل انسحاب عناصر “بي كا كا – ي ب ك”، مشددا على أنه ليس وقفاً لإطلاق النار.
 
وأضاف أن أنقرة اتفقت مع الجانب الأمريكي على سحب الأسلحة الثقيلة من القوات الكردية وتدمير مواقعها.

وجدد في السياق أنه من المهم بالنسبة لتركيا إنهاء جميع العناصر المسلحة وإقامة منطقة آمنة بعمق 32 كلم وبطول 444 كلم حتى حدود العراق شرق نهر الفرات بسوريا.

إعادة توازن القوى

عقب إعلان ترامب انسحابه من سوريا، واجه عدة انتقادات لاذعة من أعضاء في الكونغرس الأمريكي، بل ومن الجمهوريين أنفسهم، ما دفعه للإعلان عن فرض عقوبات اقتصادية على تركيا، عقب إعطائه الضوء الأخضر لبدء عمليتها العسكرية، ورحبت أنقرة بالاتفاق المبرم، ولكنها أعلنت عدم خروجها إلا بعد انسحاب القوات الكردية بعمق يزيد عن 30 كيلو مربع.

على الجانب الآخر، يعد الاتفاق الأمريكي التركي، غير مرحب به من جانب النظام السوري وروسيا، إذ أنه أعاد الثقل للدور الأمريكي بسوريا، حيث كانت رغبة موسكو ترتكز على خروج الولايات المتحدة من كافة الأراضي وإعادة السيطرة الكاملة على المناطق السورية.

ختامًا، نجحت أنقرة في الاستفادة من توازن القوى المتواري بين موسكو وواشنطن على الصراع في سوريا، بتنفيذ اتفاقها وإبعاد القوات الكردية من حدودها الجنوبية، ولكن يبقى الرهان على حفاظها على كيفية الاستدامة من تحقيق تقاطع لمصالحها مع كل من أمريكا وروسيا، ولدى الأخيرة سياسة واضحة من استرجاع كافة الأراضي السورية تحت قيادة الأسد. وعليه، كسبت أنقرة بعض الوقت باتفاقها الحالي مع الجانب الأمريكي، بينما تظل اليد الأقوى المتحكمة في الصراع بيد موسكو. 

  

ربما يعجبك أيضا