أين ذهبت أموال تنظيم “داعش” وما هو مصير قياداته؟

أسماء حمدي

رؤية ـ جاسم محمد
 
منذ القضاء على معاقل تنظيم داعش في الموصل -ومدن عراقية أخرى إلى جانب معقله في الرقة خلال عام 2017- والكثير من التساؤلات حول مصير هذا التنظيم ومصير أمواله التي كان يتصرف بها على غرار الحكومات الشمولية. يبقى السؤال حول  القدرات التي يتمتع بها التنظيم وأسلوب التضليل الذي يناور به للبقاء في جيوب مخفية؟
 
التنظيم  ما زال يبحث عن موطئ قدم جديد لتحقيق إنجاز يستعيد من خلاله اعتباره، ويستثمره لاجتذاب المزيد من العناصر بعد فقدان الكثير منهم مؤخرًا.  ويؤكد الباحث الألماني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط “ألبريشت ميتسغر”، أن ما يجري على الأرض من تقدم دولي في محاربة داعش يذكّر ببداية التحالف الدولي الذي قادته دول العالم من أجل محاربة التنظيم.
 
وبالنظر إلى خارطة سيطرة التنظيم على مناطق في سوريا والعراق سابقا، يظهر تركيز داعش في الفترة الأخيرة أكثر وضوحا على مناطق صحراوية شاسعة وأخرى حدودية، لا بين العراق وسوريا فحسب بل أيضا بين الأقاليم ومناطق نفوذ القوى المختلفة فيهما.
 
وبعد خسارة التنظيم معاقله في سوريا والعراق، يبدو أن التنظيم يراهن على معاقل رئيسية ثلاثة كان أكثرها إثارة للجدل هي : الجنوب الفلبيني، ومنطقة سيناء المصرية، إضافة إلى “ولاية برنو” الواقعة في شمال نيجيريا. أما بخصوص المعقل الأول فإن تقارير صحفية سابقة قللت من أهمية خطر التنظيمات الموالية للتنظيم هناك، من حيث حجمها من جهة وفرصها في ظل تقدم العملية السياسية بين الحكومة المركزية وكبرى التنظيمات الإسلامية من جهة أخرى.
 
صحراء الأنبار

يستغل تنظيم داعش الجغرافية والجغراقية السكانية، العوامل “الديموغرافية”، فهي تترعرع في التضاريس الأرضية الصعبة. لذا اختيار داعش لصحراء ومدينة الأنبار والمنطقة الغربية قائم على أساس توفير الحماية والتخفي. ورغم الحرب الواسعة ضد التنظيم من قبل القوات العراقية.
 
التقارير كشفت أن التنظيم أعطى تعليماته إلى المقاتلين الأجانب بهدف العودة إلى دول أوروبا، في إطار موجة جديدة فرضتها الخسارات المدوية التي يتعرض لها التنظيم.
 
مع تراجع قدرته على تدبير اعتداءات واسعة النطاق يتم التخطيط لها مركزيا، بات التنظيم يعتمد على “مدربين افتراضيين” يعملون بصورة مستقلة عن قيادة التنظيم الجهادي لتوجيه ذئاب منفردة وحضهم على تنفيذ هجمات محدودة. وقال باحثان في “البرنامج حول التطرف” في جامعة جورج واشنطن: إن الأدلة تشير إلى أن العديد من منفذي الهجمات المعروفين بـ”الذئاب المنفردة” لتحركهم بمفردهم، يتلقون في الواقع التشجيع والتوجيه من عناصر تنظيم داعش يدفعونهم لتنفيذ هجمات يمكن للتنظيم لاحقا تبنيها.
 
التمويل أساس عمل التنظيم
 
 ارتبطت عمليات تنظيم داعش بقدرة التنظيم المالية؛ أي مدى قدرته بالحصول على التمويل من خلال سيطرته على مصادر الطاقة وآبار النفط والابتزاز والإتاوات وغيرها من وسائل الحصول على الثروات.
 
وهناك معادلتان، وهي: أن التنظيم يصعد عملياته الإرهابية خاصة في العراق وسوريا، من أجل الحصول على التمويل وعلى أنصار ومقاتلين جدد. هذا التنظيم يقوم على أساس الدعاية لعملياته العسكرية والذبح من أجل الحصول على التمويل والدعم، والمعادلة الأخرى معكوسة، أن ترتبط عملياته العسكرية ميدانيا بما يحصل عليه التنظيم من الدعم.
 
مقولة خبراء الإرهاب توضح: “المال عصب الجماعات المتطرفة، فلا تحدثني عن الإرهاب، حدثني عن مصادر التمويل”.
 
المشهد الحالي لتنظيم داعش، هو تراجع إن لم يكن اختفاء العمليات الواسعة الممكن أن ينفذها التنظيم في سوريا والعراق وأوروبا وربما في جغرافية أخرى، وهذا مؤشر يرتبط بالمعادلتين السابقتين: أن التنظيم خسر التمويل ولا توجد لديه القدرة على تنفيذ عمليات إرهابية واسعة… التنظيم خسر عنصر المبادرة بسبب العمليات العسكرية ضده.
 
السؤال أين ذهبت فلول تنظيم داعش؟
 
لقد تحول تنظيم داعش إلى مجموعات صغيرة مناطقية خاصة في العراق وسوريا، ولم تعد هناك قيادة للتنظيم، وما شهده العراق من عمليات محدودة هي لجماعات مشتتة تنظيميا وحتى يشك بأنها من عناصر داعش لتنفيذ عمليات محدودة بقطع الطرق والسلب كما حدث في طريق بغداد كركوك عند مثلث ” صلاح الدين وكركوك وديالى”، والذي سمي بمثلث الموت.
 
 التنظيم خسر اتصالاته وخسر قياداته ولم يعد هناك تواصل، ليتحول التنظيم إلى فروع غير مركزية ومجموعات بلا قيادة، وكأننا أمام مشهد القاعدة في وزيرستان عام 2010.
 
أين ذهبت أموال تنظيم داعش؟ وهل يمكن استخدامها من قبل فلول التنظيم؟
 
التنظيم اعتمد منهج الحكومات الشمولية، ليوزع أمواله في واجهات وهمية: شركات استثمارات عقارات شركات صيرفة، ولكنها تعود إلى القيادات الاستراتيجية، الغير معروفة حتى الآن.
 
الشبكة المظلمة ومحموعات المافيا، هي الأخرى التوجه البديل للتنظيم من أجل تحقيق أرباح وصفقات مالية وكذلك إعادة الاتصال بقياداته على أقل تقدير.
 
فما زالت أموال تنظيم داعش موضع اهتمام التحالف الدولي وكذلك الأمم المتحدة، وهناك لجنة خاصة لمكافحة الإرهاب داخل مجلس الأمن لتعقب ذلك، وكذلك هناك لجنة للتحاف الدولي للتحقق من مصير أموال تنظيم داعش، وكان آخر اجتماع لها في العاصمة الأردنية خلال شهر فبراير 2018، لهذا الغرض.
 
ما يتداول الآن من احتمالات ظهور تنظيم بديل إلى تنظيم داعش نجده مستبعدا، لأن هذا التنظيم وصل إلى حالة من “الوهج” لم يستطع أي تنظيم الوصول إليها… تبقى فلول داعش المناطقية تحمل اسم التنظيم وتتحرك بمجموعات صغيرة لتنفيذ عمليات محدودة، تضعف تدريجيا.
 
تنظيم داعش والجماعات المتطرفة تظهر مع الفوضى ومع فراغ السلطة، وهذا يعني أن ظهور داعش في العراق تحديدا يعتمد على قدرة الدولة باعتماد سياسة متوازنة وغير ناقصة خاصة في المناطق الغربية إلى جانب مدى قدرة الحكومة في القضاء على الفساد.

ربما يعجبك أيضا