إثيوبيا.. آبي أحمد يحشد مليون جندي لمعركته الأخيرة مع جبهة تحرير تيغراي

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

تستمر المعارك الضارية بين جبهة تحرير تيغراي والجيش الفيدرالي ومليشيا الأمهرة، لكن بعد الهزائم الكبيرة التي مني بها ، أصبحت قدرات الجيش الإثيوبي محل شك من ملايين الإثيوبيين، ولا شك أن الحملة العسكرية الحالية التي جرى الإعداد لها لأسابيع قد تكون الحملة الأخيرة فالحكومة جهزت مليون جندي، لخوض المعركة الأخيرة من وجهة نظرها، والسؤال الذي يطرح نفسه هل قوات آبي أحمد التي هزمت مرارا وتكرارا يمكنها احتلال تيغراي من جديد، رغم أنها اليوم باتت في موقع المدافع ، بل باتت قوات تيغراي على بعد كيلومترات معدودة من عاصمة الأمهرة، وحتى العفر باتوا يبحثون عن نسج العلاقات مع التيغراي لتحييدهم من الصراع الدائر.

واندلعت الاشتباكات في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بين الجيش الإثيوبي و”الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي”، بعدما دخلت القوات الحكومية الإقليم، ردا على هجوم استهدف قاعدة للجيش، وفي الشهور الماضية تمكنت قوات التيغراي من السيطرة على مساحات كبيرة في أقاليم العفر والأمهرة، وأصبحوا يقتربون رويدا رويدا من العاصمة أديس أبابا، رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد علي” من جانبه رأى هزائم قواته المنكرة وبدأ يشعر أن الدولة الإثيوبية تتعرض للتشرذم والتفتت، والصراع المسلح توسع ويقترب من عاصمته، فاستنفر قوات الأقاليم الإثيوبية لمواجهة هجوم التيغراي، لكن ما لم يحسب له حساب هو أن جبهة تحرير الأورومو تقدمت من جهة أخرى نحو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أيضا، فتلك الجبهة لن تسمح للتيغراي بدخول مدينتهم أديس أبابا التي تعتبرها جبهة الأورومو ضمن إقليمهم، لكن الخبر الذي نزل كالصاعقة على رأس آبي أحمد هو الإعلان عن تحالف بين الأورومو والتيغراي.

وقبل أسابيع تلقى آبي أحمد ضربة مؤلمة فجبهة تحرير تيغراي وجيش جبهة تحرير أوروميا تحالفا لقتال الحكومة الإثيوبية بقيادة آبي أحمد ومعه مليشيات الأمهرة، والأورومو عرقية تشكل غالبية سكان إثيوبيا وغالبية الأورومو من المسلمين)، كما أعلنت جبهة سيداما الجنوبية، الانضمام إلى تحالف قوات تيغراي وأورومو، وقالت جبهة سيداما الجنوبية إنها انضمت إلى التحالف من أجل القتال ضد قوات الحكومة الإثيوبية، وإسقاطها، وأعلن الحزب القومي الديمقراطي العفري تشكيل لجنة انتقالية موقتة مهمتها قيادة المقاومة المسلحة بالتعاون مع قوات دفاع تيغراي ضد حزب الازدهار الحاكم في إثيوبيا والسلطات المحلية الموالية له في إقليم العفر الإثيوبي.

ولا شك أن انضمام كامل العفر وليس الحزب الديمقراطي العفري فقط وانضمام الصومال الإثيوبي (أوغادين) لهذا التحالف إن تم، سيعجل بنهاية آبي أحمد وحكومته وجيشه.

ولا ننسى الحراك المسلح لحركة بني شنقول التي تشكلت في عام 1963 ثم أعيد تأسيسها في 1986، وتطالب بتقرير مصير الإقليم الذي كان تابعا للسودان ولكن بموجب اتفاقية 1902، بين الحبشة (إثيوبيا) وبريطانيا التي كانت تحتل السودان، تم ضم بني شنقول إلى إثيوبيا مقابل عدم بناء الأخيرة سدود على النيل الأزرق.

لكن مع كل العوامل السابقة، لكن أيضا آبي أحمد استغل الأسابيع الماضية لحشد قواته (مليون جندي) وقام بالاستعانة بطائرات مسيرة متطورة وأبرم صفقات عسكرية بعضها سرية مع عدد من البلدان لقلب موازين المعركة التي لم تكن في صالحه.

المشهد الحالي

في الأيام الماضية قالت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، إن آبي أحمد أمر الجيش بشن “هجوم بري” ضد الحركة في إقليم تيغراي بالتعاون مع قوات إقليم أمهرة.

وجاء في بيان إن “الهجوم البري من قبل قوات آبي احمد للسيطرة على إقليم تيغراي بدأ رسميا اليوم رغم الدعوات المستمرة من المجتمع الدولي وحكومة تيغراي لإيجاد حل سلمي للأزمة”.

وأضاف البيان أن الجيش الإثيوبي يشن هجومه في الإقليم “بمساعدة قوات أمهرة” وبالاعتماد على الكثير من المعدات الحربية بينها “المدفعية والدبابات والطائرات النفاثة والطائرات بدون طيار (المسيرة)”.

وأعلنت أديس أبابا، أن القوات الفيدرالية شنت ضربة جوية جديدة على مدينة مقلي مركز إقليم تيغراي، شمالي إثيوبيا، فيما ردت أديس أبابا على ادعاءات الجبهة بالقول إن أنباء شن هجمات ضد مدنيين في مقلي “محض أكاذيب”.

فيما نقلت الصفحات المحلية الإثيوبية صورا لتدمير القوات الجوية الإثيوبية أرتالا من الشاحنات محملة بعدد كبير من مقاتلي التيغراي.

لكن قوات التيغراي ما زالت تتقدم في عدد كبير من المناطق خصوصا في أقاليم الأمهرة والعفر.

يقول المحلل السياسي الإريتري شفا العَفَرِي: “استطاع الطرف الحكومي بعد إعلانه الهدنة من طرف واحد ، استدراج جبهة تحرير تيغراي للحرب خارج إقليمها وبغبائها تورطت بالمجازر وبالتالي إقناع القوى العظمى بأن الطرف الآخر لا يقل تهورا عما اتهم به الطرف الحكومي ومناصريه, فقد استطاع النظام التأثير على مخرجات اجتماع الاتحاد الأوروبي الأخير، إذ انتهى دون أن يتمخض بعقوبات للحكومة.

فيما أعلنت الحكومة الإثيوبية، مقتل 50 مدنيا في هجمات متفرقة لمسلحي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في ولايتي أمهرة وعفر، شمالي البلاد/ واتهمت الحكومة جبهة تيغراي بالتغطية على “هجماتها الجديدة ضد المدنيين بالدعوة إلى عقد محادثات سلام مع الحكومة”.

وأضافت الوزارة في بيانها أن المسلحين “ما زالوا يمارسون عمليات القتل خارج نطاق القضاء والنهب والإضرار بممتلكات البلاد في المناطق المحتلة”.

العفر لا ناقة لهم ولا جمل

أما قومية العفر في إثيوبيا فتصدت لهجوم جيش تحرير تيغراي عندما حاول التقدم في إقليم العفر، لكنهم اليوم يرون أن باتوا حطب وقود لآبي أحمد، يقول المحلل السياسي الإريتري شفا العَفَرِي: “هناك نقاش بين أبناء مدينة وللو العفرية بمواقع التواصل الاجتماعي جراء اليأس من الجيش و الحكومة، يتساءلون هل ندخل في حوار مع القوى التيغرية الغازية، ونسهل استيلائهم على المدن، ونحقن دماء شبابنا الذين يقاتلون بأسلحة خفيفة؟، من يراقب الحرب يرى أن الحكومة تدفع الشعب إلى المحرقة  وهي تراقب، هذا ولّد الاحتقان  ضدها”.

ربما يعجبك أيضا