إيران تتبع سياسة “الحرب المختلطة” في الشرق الأوسط

يوسف بنده

رؤية

قال المسؤول الأميركي السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية “سي آي إيه” نورمان رول، إنه لا يوجد منظور واحد للحكم على الاتفاق النووي الإيراني، الذين يؤيدون الاتفاق يظنون أن طهران أوفت بتعهداتها، بينما الرافضون له يؤكدون أن إيران لم تف بالتزاماتها وواصلت تطوير أنشطتها النووية.

وشغل المسؤول الأميركي السابق نورمان رول مناصب عدة في وكالة الاستخبارات الأميركية، وترأس العديد من البرامج المتلعقة بإيران خلال سنوات عمله الـ34 في “السي آي إيه”.

وأكد رول في تصريحاته لصحيفة “جيروزالم بوست” الإسرائيلية، إن “الواقفين في صف الدفاع عن إيران، يجادلون دوماً بأنها بحاجة لمزيد من الوقت لتغيير نهجها المعادي، لكن السؤال الحقيقي كم يجب علينا أن ننتظر هذا التحول، وكم سننتظر حتى تتوقف إيران عن دعم الإرهاب”.

دعم الحوثيين

وفيما يخص الشأن اليمني، قال رول: إن “إيران لا تبدي نهجاً سلمياً، إنها دوماً تدعم الحوثيين بالصواريخ الباليستية، وتسلح العديد من المجموعات الموالية لها في الشرق الأوسط، وهذا يؤكد أن إيران هي المحرك الأساسي لزعزعة الاستقرار في المنطقة والمجتمع الدولي، يجب علينا إيقافها”.
 
الحرب المختلطة

وفيما يخص السياسات التي تنتهجها إيران، قال رول: إن “طهران تتبنى نظرية الحرب المختلطة، وتكتيكات المناطق الرمادية، وذلك بتوجيهات من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الذي يحث مسؤوليه على العمل بقوة لزعزعة استقرار المنطقة مع ضمان عدم نشوب صراع كبير”.

وأكد أن “إيران متورطة في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وتقسم حربها على أساسات مختلفة، بعضها ينحصر على العمليات البرية، والعمليات الجوية، إضافة للعمليات الإرهابية في البحر الأحمر، والهجمات الإلكترونية الدورية، ويضيف أن الغرب يعي تماماً ما تقوم به إيران ويتجاهل كل ذلك في حين أن آلاف الناس يموتون جراء السياسات الإيرانية”.

تحديات داخلية

وعن الشأن الإيراني الداخلي قال رول: إن “إيران تواجه تحديات ديموغرافية واقتصادية وبيئية واجتماعية وسياسية كبيرة غير مسبوقة، لقد اختارت طهران دعم النظام السوري بأموال طائلة على حساب بنيتها التحتية المتردية، لقد فقد الشباب الإيراني الثقة بحكومته والآلاف منهم يغادرون البلاد سعياً على الحصول على فرصة أفضل بالخارج”.

وأكد رول “تأييده للعقوبات الأميركية الأخيرة على إيران”، متوقعاً بأن “تسفر عن محادثات إيرانية داخلية تنتهي بخيارين إما الاستمرار في زعزعة المنطقة، أو السعي لتحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية الداخلية”.

تصدير الثورة

وفي صحيفة الشرق الأوسط، كتب إميل أمين، أن ثورة إلى الخارج يمر عبر قوة مسلحة تابعة، وهي الحرس الثوري، من أجل تحقيق هدفين في آن معاً: الأول، حماية النظام الديني الجديد الحاكم. والثاني، شق الطريق الثوري إلى دول الجوار بدايةً، ثم بقية العالم تالياً. من هنا، نشأ “الحرس الثوري” الذي يبلغ عدده اليوم نحو 125 ألف مقاتل، ينتظمون في وحدات برية وبحرية وجوية، كما يقود الحرس ميليشيا “البسيج”، وهي قوة من المتطوعين “المخلصين” للثورة.

يعمل “الحرس الثوري” في الواقع على نشر آيديولوجية التطرف الإيرانية، لا عن طريق نشر فكر أو الترويج لمثال نظري، بل من خلال تدريب وتمويل “المنظمات الإرهابية” التي غالباً ما تجمع في صفوفها المتشددين والمتطرفين، دينياً ومذهبياً. ويجري التدريب بعيداً عن أعين العالم، قبل إعادتهم إلى مواطنهم الأصلية، ليغدوا أذرعاً لملالي طهران، وهو ما نراه اليوم في الحوثيين في اليمن، و”حماس” في الداخل الفلسطيني، و”حزب الله” في لبنان، وجماعة “الحشد الشعبي” في العراق.

لقد كان حلم الخميني أن يرى علم “ثورته” يرفرف فوق العواصم العربية كافة، من القاهرة إلى الرياض، ومن بغداد إلى دمشق، مروراً ببيروت، قبل أن يمتد إلى بقية أرجاء الأرض، تهيئة لـ”عودة الإمام الغائب”.

وحقاً، تأكد ارتباط سلطات إيران الخمينية بالإرهاب في أسوأ صورها عام 1995، عندما نظم “الحرس الثوري” ما يمكن اعتباره “شبكة إرهابية عالمية” غير مسبوقة، جامعاً في مؤتمر غالبية الجماعات المتطرفة (يميناً ويساراً) حول العالم، مثل تنظيم “الجيش الأحمر الياباني”، و”الجيش السري الأرمني”، و”حزب العمال الكردستاني”، جنباً إلى جنب مع حزب “الدعوة” العراقي، و”حزب الله” اللبناني، وكان الغرض تهيئة الأجواء للسيطرة على مقدرات دول الخليج العربي، والشرق الأوسط بأسره، عبر تقديم المساعدات المسلحة لجماعات تتماهى مع رؤية “إيران الملالي”، إن جاز التعبير.

العراق ومخططات سليماني

ويستطرد تقرير الشرق الأوسط: خلال المؤتمر الذي عقد على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، الخاص بإيران، تحدث مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، مشدداً على سياسة واشنطن الصارمة تجاه إيران، فقال: “لن نسمح لخامنئي (المرشد الحالي) بتدمير دول الشرق الأوسط”، وتابع: “سنستهدف كبار المسؤولين الإيرانيين، ومن بينهم (الجنرال) قاسم سليماني، وسنواجه كل الخطط الشريرة التي ينفذها”.

لماذا ذكر بولتون اسم سليماني، قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري”، بالاسم؟ ربما لأنه الرجل المسؤول عن إرهاب إيران في الشرق الأوسط، والعهدة هنا على الجنرال ديفيد بترايوس، قائد قوات التحالف الأميركي في العراق سابقاً، الذي أدلى في أبريل (نيسان) 2008 بشهادة أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، أفاد فيها بتدفق أسلحة إيرانية متطورة إلى مسلحين شيعة في العراق.

والحقيقة أن سليماني هو الذي يمسك بزمام الأمور في العراق، نيابة عن إيران، ولقد وقع بعض من أبرز المسلحين الشيعة، وآخرين من القوة عينها، في أيدي القوات الأميركية. وفي ضوء استجوابهم، أمكن تقدير الموقف عن مدى وطبيعة أعمال الإرهاب الإيرانية على الأراضي العراقية.

وهنا، نشير إلى أنه في مرحلة ما، بعث سليماني برسالة إلى بترايوس، تولى نقلها قائد عراقي كبير، في الوقت الذي بدأت فيه القوات العراقية وقوات التحالف عملية “صولة الفرسان”… وهي المسعى المكثف لاستهداف مسلحي الشيعة العراقيين في بغداد والبصرة. وجاء في نص الرسالة ما يلي: “الجنرال بترايوس… ينبغي أن تعرف أنني قاسم سليماني، الشخص الذي يتحكم بالسياسة الإيرانية التي تختص بالعراق ولبنان وغزة وأفغانستان. وفي الواقع، فإن سفيرنا في بغداد عضو في (فيلق القدس)، ومن سيخلفه أيضاً عضو في (فيلق القدس)”.

دعم حزب الله

أيضاً، يعترف سليماني، في رسالته لبترايوس، وبوضوح كامل، بأن الأيادي الإيرانية التي يقودها هي الفاعلة في تلك الدول (المذكورة آنفاً)، ما يعني أن المخطط الإرهابي الأصيل للخميني، وارتفاع أعلام الثورة الإيرانية، لم تكن مرويات تاريخية، بل أهداف استراتيجية حقيقية. ولعل واحداً من أفضل من تناولوا دور الإرهاب الإيراني ما بين لبنان وفلسطين المحتلة كان الدكتور ماثيو ليفيت، مدير برنامج “ستاين” للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، الذي يقول إنه من بين جميع الجماعات التي رعتها طهران خلال الأعوام الماضية، لا يوجد من هو أهم بالنسبة لإيران من “حزب الله”، الذي يحتفظ نشطاؤه بعلاقات وثيقة مع مسؤولي الاستخبارات الإيرانية وأعضاء “الحرس الثوري” الإيراني المنخرطين بعمق في أنشطة الصواريخ الباليستية والانتشار النووي والتسلح في البلاد.

وفي هذا السياق، فإن بعض أجهزة الاستخبارات الدولية تقدر أنه منذ صيف 2006، قدمت إيران لـ”حزب الله” أكثر من مليار دولار، في شكل مساعدات مباشرة. ولعل أكثر خطورة للإرهاب الإيراني هو نشره للإرهاب الآيديولوجي، إذ كانت إيران قادرة على التأثير على خلايا ونشطاء “حزب الله” الموزعين في جميع أنحاء العالم لتنفيذ هجمات خارج نطاق حدودها.

ربما يعجبك أيضا