الأردن في يوم العمال العالمي.. شبح البطالة “يتعاظم” في زمن كورونا

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق

عمّان – يحل يوم العمال العالمي الذي يصادف، اليوم الجمعة، الأول من مايو، على الأردن في ظل أصعب أزمة محلية وعالمية يواجهها سوق العمل في المملكة، مع استمرار جائحة كورونا.

وتأتي المناسبة العالمية في ظل تحديات اقتصادية غير مسبوقة تمر بها البلاد نتيجة جائحة كورونا، والتأثيرات السلبية المباشرة وغير المباشرة التي تسببت بها على مختلف قطاعات العمل، والتداعيات التي ستخلفها على الوظائف والإنتاج.

وذكر تقرير صادر عن بيت العمال للدراسات والأبحاث بهذه المناسبة، أن سوق العمل الأردني يمر في أصعب أزمة محلية وعالمية، سبقها في السنوات الأخيرة انحسار ملموس في قدرة الاقتصاد الوطني على استحداث فرص العمل.

وقبل بدايات جائحة كورونا وتأثيرات إجراءات مواجهتها، بلغت معدلات البطالة مستويات غير مسبوقة في نهاية عام 2019 (19.1%)، وهي النسبة الأسوأ في تاريخ المملكة.

وقد فاقت هذه المعدلات تلك التي سادت ما بعد الأزمة المالية التي شهدها الأردن في ثمانينيات القرن المنصرم.

كورونا وهشاشة سوق العمل

من وجهة نظر بيت العمال للدراسات والأبحاث، فقد كشفت أزمة جائحة كورونا، النقاب عن الهشاشة التي يعاني منها سوق العمل والافتقار إلى متطلبات الحماية الاجتماعية بين فئات العمالة، خاصة فئات العاملين في القطاع غير المنظم الذين يمثلون 48% من مجموع العاملين في المملكة.

 وظهر جليًا خلال الأزمة مدى تعرض هذه الفئة لخطر فقدان الدخل اللازم لمعيشتهم وأسرهم، في ظل المؤشرات التي تؤكد أن هذه الفئة سوف تتوسع في الفترة القادمة على حساب القطاع المنظم نتيجة فقدان الآلاف من الوظائف.

وهذا الأمر، بحسب تقرير المركز، يتطلب إعداد منظومة من القواعد التي تدعم بشكل أفضل الفئات الأكثر ضعفًا وتحقق الحماية اللازمة لهم، سواء من حيث شمولهم بالتأمينات الاجتماعية أو بالحمايات القانونية الأخرى في تشريعات العمل بشكل خاص، ووضع سياسات فعالة لذلك أسوة بغيرهم من العاملين كخطوة أولى نحو تشجيع انتقالهم من الاقتصاد غير المنظم إلى الاقتصاد المنظم.

واللافت وفق ما يراه المركز، أن الجهات المختصة في الأردن “ما زالت تتعامل مع الآثار المتوقعة للجائحة على سوق العمل في إطار ردود الفعل التي لم ترق إلى مستوى التصدي الفعال للاتساع المتوقع في شريحة المتعطلين عن العمل في ظل الخيارات المحدودة المتاحة”.

فقدان حوالي 80 ألف وظيفة

فيما يتعلق بالسيناريو المتوقع للفترة القادمة يشير بيت العمال للدراسات والأبحاث، إلى أن معدل النمو في الناتج المحلي سوف ينخفض إلى ما يقرب من 6.5%، في ظل مؤشرات عدم قدرة العديد من القطاعات على الصمود أمام هذه الأزمة، والخشية من عدم قدرة السياسات الحكومية على احتوائها بشكل فعال خلال الشهور الأربعة القادمة.

وسيتسبب هذا الأمر في فقدان ما بين 50 إلى 80 ألف وظيفة في مختلف القطاعات، ناهيك عن الشريحة الواسعة من العمال الذين ستتأثر دخولهم بشكل ملموس نتيجة انقطاعهم المؤقت عن العمل والمتوقع أن يصل عددهم إلى ما يقرب من 400 ألف عامل.

وللتصدي لذلك، يرى بيت العمال ضرورة العمل في هذه المرحلة على تعزيز قدرات شبكات الأمان الاجتماعي وزيادة مخصصاتها وتوجيهها لمختلف الفئات الضعيفة من المواطنين ومختلف الأسر منخفضة الدخل، وكذلك الاستمرار في تقديم المساعدات النقدية والعينية العاجلة لهم، وزيادة قيمة الإعانات، وتوسيع الفئات المستفيدة منها، وتوسعة الشمول بالتأمين الصحي لكل من لا يحظى بتأمين رسمي أو خاص.

كما لا بد من التوسع في الإعفاءات والتسهيلات والقروض المخصصة لها، وزيادة القدرة الشرائية للمواطن وإعفاء السلع الأساسية التي يحتاجها من الضريبة بهدف إنعاش الحركة الاقتصادية.

إجراءات لا بد منها

وفي ظل عدم قدرة سوق العمل الأردني على استيعاب الأعداد الهائلة من الداخلين الجدد وبشكل خاص الجامعيين منهم، فقد آن الأوان للعمل بجد على إصلاح السياسات التعليمية للحد من زيادة معدلات البطالة بين فئة الجامعيين، والتوجه نحو تأهيل العمالة التقنية والفنية التي يفتقد إليها سوق العمل في كثير من القطاعات، وتفعيل التنسيق اللازم مع القطاع الخاص لرصد احتياجاته الحقيقية من التخصصات ومن البرامج التي تنسجم مع المتطلبات الفنية لأعماله.

ويرى بيت العمال أنه لا بد من وضع استراتيجيات وطنية شاملة تجمع بين السياسات والبرامج التعليمية من جهة، وسياسات وبرامج التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني من جهة أخرى، وهي إجراءات سوف تحد من العوامل التي تسهم في الزيادة المتوقعة في معدلات البطالة وتفاقمها وفقدان الوظائف بصورة تنذر بآثار سلبية على الأمن الاجتماعي.

ونظرًا لأن المرأة العاملة ستكون أكثر عرضة من أي وقت مضى للصعوبات والانتهاكات وفقدان الوظائف، فإنه يتوجب تفعيل تطبيق المعايير الدولية ذات العلاقة بعمل المرأة وحماياتها وحقوقها، والتفاعل بين الحكومة ومنظمات القطاع الخاص لتوفير متطلبات تعزيز وضع المرأة في سوق العمل.

 ويتطلب الأمر، توسيع الخيارات المهنية لها، وإكسابها المهارات والتدريب اللازم، ورفع وعيها بفرص العمل المتاحة، وسياسات الأمان والحماية الاجتماعية، ونشر الوعي بحقوق المرأة العاملة لدى أصحاب العمل، وقواعد المساواة بين الجنسين، وتكافؤ الفرص في إجراءات التعيين والترقية والتدريب، وتفعيل آليات ميسرة ومحفزة لتطبيق أشكال العمل المرن.

ربما يعجبك أيضا