البرلمان الإيراني يقنن شروط “خامنئي” للبقاء في الاتفاق النووي

يوسف بنده

رؤية

انسحبت الولايات المتحدة، في وقت سابق هذا الشهر، من الاتفاق الدولي الموقع عام 2015 الذي يقلص برنامج إيران النووي في مقابل رفع العقوبات التي شلت اقتصادها. وتقول طهران إن حقها في امتلاك قدرات نووية وبرنامج صاروخي دفاعي غير قابل للتفاوض.

لكن مع حالة الضعف التي بلغها الاقتصاد الإيراني بعد عقود من العقوبات والفساد وسوء الإدارة ربما يفكر خامنئي في اختيار الدبلوماسية بدلا من المواجهة مع الولايات المتحدة.

ويقول بعض المقربين منه إنه، رغم صعوبة الأمر فقد يتجرع خامنئي “كأس السم” مثلما وصف سلفه آية الله روح الله الخميني الأمر عندما أذعن للهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة والتي أنهت الحرب العراقية الإيرانية التي دارت بين عامي 1980 و1988.

وقال دبلوماسي غربي رفيع في طهران “بالنسبة لأغلب الإيرانيين الأوضاع الاقتصادية هي القضية الأساسية وليس ما تقوم به إيران في المنطقة أو برنامجها النووي”. وأضاف “لذلك سيظهر القادة الإيرانيون بعض المرونة رغم الخطب الرنانة التي تغلب عليها اللهجة الحادة”.

وكان ضعف الاقتصاد الإيراني هو ما أجبر خامنئي على إظهار تأييد مبدئي للاتفاق النووي عام 2015 مع القوى العالمية. وأنهى الاتفاق الذي رتبه الرئيس حسن روحاني عزلة إيران الاقتصادية والسياسية.

ويأتي التأييد الأساسي للمؤسسة الدينية الحاكمة في إيران من محدودي الدخل الذين شاركوا في احتجاجات مناهضة للحكومة في يناير 2018. ونبهت الاضطرابات السلطات إلى مخاطر اندلاع غضب شعبي تثيره الصعوبات الاقتصادية.

وحسب صحيفة العرب، قال مير جويد أنفار، وهو إيراني المولد مختص بالشؤون الإيرانية لدى مركز هرتزليا متعدد التخصصات في إسرائيل، “إذا فشلوا في إدارة الاقتصاد فلن يتمكن النظام من مقاومة الضغوط. لا يعني ذلك أنه سينهار لكن الاقتصاد قد يبلغ أسوأ نقطة انكسار على الإطلاق”.

 وتحاول الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي إنقاذه بعد انسحاب واشنطن بالإبقاء على تدفقات تجارة النفط الإيرانية والاستثمارات. لكنهم يقرون بصعوبة الأمر.

شروط خامنئي

وأمام شروط وزير الخارجية الأمريكي، بومبيو، التي وضعها شرطًا لرفع العقوبات عن إيران، والتي تضمنت سحب طهران جميع قواتها من سوريا والتوقف عن دعم الحوثيين في اليمن.

حدد المرشد الأعلى للجمهورية في إيران علي خامنئي شروط بلده لاستمرار التزامها بالاتفاق الذي أبرمته مع قوى غربية بشأن برنامجها النووي.

وتشمل الشروط: أن على القوى الأوروبية حماية مبيعات النفط الإيرانية من العقوبات الأمريكية، ومواصلة شراء الخام الإيراني. ويجب على البنوك الأوروبية حماية التجارة مع إيران. وينبغي أن تتعهد بريطانيا وفرنسا وألمانيا بعدم الموافقة على المطالب الأمريكية بالتفاوض حول برنامج إيران للصواريخ البابيستية، وأنشطتها الإقليمية.

وقال خامنئي إن إيران ستستأنف أنشطة تخصيب اليورانيوم إذا تستجب الدول الثلاث لهذه المطالب.

كما شدد على أن إيران لم يعد من الممكن أن تقوم بأي تعاملات مع الولايات المتحدة، قائلا “الجمهورية الإسلامية لا يمكنها التعامل مع حكومة تقوم بسهولة بانتهاك معاهدة دولية، وسحب توقيعها والتباهي على نحو مسرحي بانسحابها عبر التلفزيون”.

تقنيين شروط خامنئي

وقال رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإسلامي، إن البرلمانيين يُعِدُّون مشروع قانون ملزم للحكومة بناء على التعليمات التي قدمها قائد الثورة الإسلامية حول الاتفاق النووي والعلاقات الخارجية.

وبخصوص البيان الذي أصدرته اللجنة المشتركة حول تقدم المحادثات مع الأوروبيين، قال علاء الدين بروجردي إن مرحلة اصدار بيان حول الاتفاق النووي بات من الماضي، ولن تقبل الجمهورية الإسلامية إلا معيارًا واحدًا للعمل، والذي بموجبه وبناء على أوامر قائد الثورة الإسلامية بأن على الاتحاد الأوروبي، اعتماد خطوات عملية يمكن الوثوق بها.

وأضاف: يسعى النواب إلى صياغة مشروع قرار ملزم للحكومة بناء على توجيهات قائد الثورة الإسلامية حول الاتفاق النووي والعلاقات الخارجية، وفي هذه الحالة ستقوم الجمهورية الإسلامية بتقييم الخطوات العملية للأوروبيين، وقال إن إصدار بيان والدفاع عن إيران في الخطب غير مقبول.

وأشار رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي، إلى أن اللجنة على اتصال دائم مع الدبلوماسيين الإيرانيين، ولذلك بالإضافة إلى تلقي التقرير، تتبادل وجهات النظر معهم حول القضايا التي نوقشت في المحادثات.

والهدف من هذا التشريع هو الضغط على حكومة روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف، بعد القبول بأي تنازلات تغيير من بنود الاتفاق النووي. أو المضي في محادثات مع المجموعة الأوروبية دون الحصول على ضمانات مُلزمة.

حماية المسألة الصاروخية

أيضًا، يرفض المحافظون أي حديث أو اتفاق جديد حول البرنامج الصاروخي لإيران. فقد  اعتبر مساعد الخارجية الإيرانية عباس عراقتشي، التفاوض حول قضية الصواريخ بأنه خط أحمر بالنسبة لإيران، مؤكدا بأنه لا تفاوض في هذا المجال مع أحد.

وفي حوار مع التلفزيون الإيراني مساء الأحد قال عراقجي حول التفاوض في الشأن الإقليمي، لقد اتخذ القرار بالتفاوض مع الدول الأوروبية الأربع حول اليمن فقط وذلك لأسباب إنسانية والمشاكل والآلام التي يعاني منها الشعب اليمني.

وأوضح مساعد الخارجية بأن الفريق الإيراني المفاوض في الشأن الإقليمي يختلف عن الفريق المفاوض حول القضية النووية وقال إن مساعد الخارجية حسين جابري أنصاري هو الذي يقود تلك المفاوضات (المتعلقة بالشأن الإقليمي).

وصرح عراقتشي بأنه حينما أعلن ترامب خروج أمريكا من الاتفاق النووي كان هنالك نوع من التخبط في المواقف والتصريحات الأوروبية والسبب في ذلك يعود إلى أن هذا الأمر لم يكن متوقعا لديهم بعد 3 أو 4 أشهر من المحادثات التي أجروها مع الأمريكيين لإقناعهم بعدم الخروج من الاتفاق.

واعتبر أن الأوروبيين هم الآن أمام تحديات كبيرة، فمن جانب يريدون الحفاظ على الاتفاق النووي ومن جانب آخر لهم شراكة استراتيجية مع أمريكا من الناحية السياسية والعلاقات الاقتصادية وأضاف، هنالك الضغط من أمريكا على أوروبا وكذلك الضغط والمهلة المحددة من جانب إيران، ما جعل الأجواء السياسية صعبة وهنالك أيضا المشكلة الفنية حيث إنه في أوروبا وبسبب النظام الرأسمالي تعمل الشركات على أساس قرارات هيئاتها الإدارية والمنافع الاقتصادية مهمة بالنسبة لها وللكثير من هذه الشركات الكبري أسواق واسعة في أمريكا لا تريد أن تفقدها.

الخروج من الاتفاق

وأكد مساعد الخارجية الإيرانية بأن إيران ستبقى في الاتفاق النووي من دون أمريكا إن تم توفير مصالحها في إطاره ودون ذلك فانها ستخرج منه.

واعتبر الاتفاق النووي بأنه اتفاق سياسي أمني في مجال عدم الانتشار النووي وقد تمكن من المنظار العالمي من حل أزمة نووية عن طريق الدبلوماسية لذا فان تقويض الاتفاق سيضعف كل نظام عدم الانتشار وستكون لذلك تداعيات للمنطقة، وأضاف، أن الأزمة النووية ستجعل ظروف المنطقة اكثر تعقيدا وان منطقتنا سوف لن تكون اكثر امناً من دون الاتفاق النووي.

ربما يعجبك أيضا