الصراع الأمريكي الإيراني.. مستقبل الصراع وحسابات المصلحة

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

مع العقوبات المتوالية ومحاولات الخنق الاقتصادي والعسكري والسياسي التي تمارسها الإدارة الأمريكية على النطام الإيراني، تأكد أن المصالح المشتركة بين واشنطن وطهران باتت في خطر، وأن محاولات رأب الصدع بين النظامين باتت بعيدة وزادت هوة الخلافات بعدما اعتبرت أمريكا الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية وهو ما ردت عليه طهران باعتبارها الجيش الأمريكي إرهابيًا.

الكثير من المراقبين والمحللين ذهبوا إلى أن أمريكا وإيران بينهما مصالح مشتركة شأنهما شأن دول العالم ولكن تبعد وتقترب تلك المصالح بحكم اختلاف فكر ورؤى الإدارات السياسية وطرق إدارة العلاقات المشتركة والأزمات بين الدول ومصالحها البينية، ولكن في كل الأحوال استبعد المحللون أن يلجأ الأمريكان إلى شن حرب على طهران أو أن يكون هناك ضربات عسكرية ضد الحرس الثوري الإيراني، ولم يستبعدوا مزيد من العقوبات ضد الدولة الإيرانية تشمل مصالحها الاقتصادية أو العسكرية لإيقاف أي مشروع إيراني توسعي أو ممارسات لنظام الملالي يتعرض لمصالح أمريكا في الشرق الأوسط أو العالم.
 
توتر وعقوبات 

وقال أسامة الهتيمي الباحث في الشأن الإيراني لا يمكن أن نقرأ القرار الأمريكي بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أجنبية بعيدًا عن سياق مشهد العلاقات الأمريكية – الإيرانية في الآونة الأخيرة حيث شهدت العلاقات حالة من تصعيد التوتر بدأت منذ مايو الماضي بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب أمريكا من الاتفاقية النووي 5 1 وما أعقب ذلك من استئناف للعقوبات الأمريكية على إيران التي أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ستكون الأقسى في التاريخ مظنة أن ذلك ربما سيثني إيران عن موقفها ويجبرها على الرضوخ للمطالب الأمريكية ودعوة ترامب للجلوس والحوار من جديد بشأن العديد من الملفات وهو ما لم تستجب له إيران وعزمت على مواصلة نهجها واستمرار تحديها لواشنطن الأمر الذي دفع ترامب من جانبه هو أيضًا إلى مواصلة التصعيد وممارسة المزيد من الضغط على النظام الإيراني حفظًا لماء وجه أمريكا.

وأضاف الهتيمي في تصريحات خاصة لـ”رؤية” أنه كما هو معلوم لدى كل المراقبين والمتابعين للشأن الإيراني فإن الهدف الأساسي للإدارة الأمريكية بقيادة ترامب هو تغيير السلوك الإيراني وليس تغيير النظام وهو ما أعلنه العديد من المسؤولين الأمريكيين مرارًا وتكرارًا ومن ثم فإن هذا يعني ببساطة شديدة أن أمريكا ليست عازمة على الدخول في صراع عسكري مع إيران كون أن تداعيات هذا النزاع لا تصب في صالح المصالح السياسية والاقتصادية وحتى الأمنية لأمريكا في المنطقة فضلًا عن أن إيران نفسها ليست راغبة أيضًا في نشوب ذلك النزاع لإدراكها فارق القوة بينها وبين أمريكا بعيدًا عن التصريحات العنترية والمبالغة من قبل الساسة والعسكريين الإيرانيين إذ جربت بنفسها ذلك خلال عمليتين عسكريتين هما الرامي الرشيق 1987 وفرس النبي 1988 اللتان شنتهما القوات الأمريكية في الخليج ضد القوات البحرية الإيرانية فكبدتها خسائر فادحة.

وأشار إلى أن الدولتين تعملان على أن تتفاديا الدخول في اشتباك عسكري مباشر يمكن أن يرقى إلى مواجهة شاملة غير أن ذلك لن يمنع كل دولة أن تقوم بما يشكل ضغطًا حقيقيًا على الطرف المقابل لتحقيق ما يمكن تحقيقه من مكاسب تخدم على الهدف الإستراتيجي لكل منهما.

ضغط أمريكي

وقال محمد شعت الباحث في الشؤون الإيرانية، إن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد إيران تشير إلى تصاعد الصراع بين الجانبين، إلا أنه وفق هذه الإجراءات فإن الولايات المتحدة تمثل الطرف الأقوى التي تتخذ قرارات وتنفذها، ولا تملك إيران وقف هذه الإجراءات أو تعطيلها، خاصة في ظل حالة الضعف التي يعيشها النظام الإيراني والتوترات التي تشهدها الجبهة الداخلية الإيرانية.

وعلى الرغم من الإجراءات والعقوبات التي تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية بحق إيران، إلا أن الصدام العسكري مستبعد ولن تلجأ إليه واشنطن التي تسعى فقط إلى تقويض المشروع الإيراني وتحجيم النفوذ وتفكيك الميلشيات التابعة للنظام الإيراني، كما أن الجانب الإيراني لن يسعى إلى هذا الصدام في ظل تراجع قدرراته العسكرية والاقتصادية مؤخرًا وتراجع شعبية النظام الحالي.

وأكد شعت في تصريحات خاصة أن أمريكا ستواصل التضييق على الجانب الإيراني من خلال العقوبات المتوالية والتي بدأتها بالعقوبات الاقتصادية ثم إدراج الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، وهي التحركات التي تشير إلى أن واشنطن لن تكتفي بهذه الإجراءات وستواصل خطتها لحصار النظام الإيراني.

والفترة الأخيرة تشير إلى أن نقاط الاتفاق والتلاقي بين الجانبين الأمريكي والإيراني تتراجع في ظل صراع النفوذ الذي يعيشه الطرفان في المنطقة، وهو ما يشير إلى اتساع دائرة تضارب المصالح وليس العكس، ولذلك فإن واشنطن تستغل حالة الضعف التي يعاني منها النظام الإيراني لإنهاء نفوذه وحصار تحركاته.

العلاقة بين أمريكا وإيران تتخذ وجهين؛ أحدهما ظاهر يتسم بالعداء، والآخر خفي يتسم بالتعاون وتبادل المصالح، ومع تأزم المصالح وتعارضها يطغى العداء على التعاون وتكشر إدارة أمريكا التي تقوم على المصالح أولًا وتنحي الصداقات والود جانبًا، وهو ما يطغى على الأجواء الملبدة بالغيوم السياسية والعسكرية بين البلدين مع اشتداد العقوبات الاقتصادية على طهران.

وحدها الأيام القادمة من تكشف اللثام عن مسار العلاقات والتعاون من عدمه بين البلدين، ويبقى دوام الحال من المحال.

ربما يعجبك أيضا