العراق 2017 .. نهاية “داعش” وتحالفات المصالح تُسيطر

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

صراعات عديدة خاضها العراق على المستوى السياسي والأمني، شابتها قضايا فساد تورط فيها كبار المسؤولين، وتفجيرات أمنية وإرهابية توغل فيها داعش لإضعاف الحكومة فضلًا عن استفتاء كردستان الذي أعاد التوتر من جديد بين أربيل وبغداد، لينتهي عام 2017 بإعلان نهاية داعش التي واجهت أكبر الخسائر والهزائم وسط مخاوف من عودة زيوله مُجددًا.. بينما تسطر القوة المفرطة المبنية على التحالفات والمصالح عنوانًا جديدًا للعراق ما بعد داعش .

أمنيًا.. نهاية داعش

شهدت المدن العراقية منذ بداية عام 2017، العديد من التفجيرات الانتحارية والإرهابية لتنظيم داعش في العديد من المدن العراقية، تسببت في مقتل الآلاف وإصابة العشرات في محاولات لداعش لإثبات نفوذه بعد الخسائر التي واجهها في العراق وسوريا وليبيا.

كانت أبرز التفجيرات في بغداد وكركوك والأنبار وغيرها من المحافظات العراقية، التي شهدت كثافة عددية أمنية ولكن ضعف الأداء الاستخباراتي كان وراء تلك التفجيرات التي خلفت ما يقرب من 3229 قتيل، بحسب تقديرات البعثة الأممية في العراق “يونامي”.

تزامنت تلك التفجيرات، مع الحملة التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لتحرير مدينة الموصل بالأخص والمدن العراقية عمومًا من تنظيم داعش، خاضت فيها القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة الكردية معارك شرسة بدعم من قوات التحالف الدولي. 

ومن أبرز المدن العراقية التي تم تحريرها هذا العام، الموصل والحويجة ونينوى وتلعفر، وكذلك الأقضية العراقية والعديد من المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش.

ومع اشتداد المعارك، أصبح مسلحو التنظيم محاصرون على أطراف الحدود العراقية، مما دفعهم للفرار إلى المناطق الصحراوية، وهي مناطق يصعب الوصول إليها ويقومون من خلالها بتنفيذ هجمات انتحارية عبر ذيولهم المنفردة من وقت لأخر، بعد خسائرهم التي بلغت أكثر من 70 ألف قتيل و5 آلاف معتقل بينهم قيادات كبيرة ، لتنتهي المعارك بإعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في ديسمبر الجاري القضاء عسكريًا على تنظيم داعش بعد سيطرة قواته على الشريط الحدودي مع سوريا.

ورغم ذلك لازالت التفجيرات الإرهابية مستمرة وسط مخاوف من عودة ذيول داعش في ثوب جديد بسبب فساد كبار المسؤولين الذي أطاح بمدن عراقية وقت توغل داعش كما حدث في عهد حكومة نوري المالكي وسقوط مدينة الموصل.

سياسيًا.. استفتاء يقاوم

كان للانتصارات التي حققتها قوات البيشمركة الكردية في العديد من المناطق العراقية، دورًا كبيرًا في توجه إقليم كردستان لإجراء استفتاء الانفصال عن العراق في الـ 25 من سبتمبر الماضي، وسط معارضات دولية وإقليمية من تبعات نتائج الاستفتاء.

وبعد ظهور النتائج والتي أسفرت عن تأييد 92% لقرار الانفصال، قامت بغداد بتهديد أربيل وطالبتها بتسليم كركوك والمناطق المتنازع عليها.. وقد دعم تلك التهديدات كلا من تركيا وإيران بعد إغلاقهما المجال الجوي والبري فضلًا عن انسحاب قوات البيشمركة من مواقعهم، وهو ما نتج عنه سيطرة قوات بغداد على مدينة كركوك وبعض الحقول النفطية الهامة.

وإلى جانب ذلك، تقدم رئيس إقليم كردستان باستقالته، وألغت المحكمة الاتحادية العراقية نتائج الاستفتاء، وسط مطالبات دولية للإقليم (الذي يسعى لإجراء الانتخابات لحل الأزمة) بإلغاء نتائج الاستفتاء والعودة لطاولة الحوار لبحث القضايا والملفات المشتركة.

فساد يُكافح وتحالفات تُسيطر

بعد أزمات داعش واستفتاء كردستان، يبقى الفساد المستشري من أصعب المعارك التي ستواجه العراق، بعد أن كلف الفساد خزينة الدولة 312 مليار دولار حيث أظهرت أخر الإحصائيات أن العراق في المرتبة 166 على قائمة الدول الأكثر فسادًا بحسب أخر تصنيف لمنظمة الشفافية الدولية.

من جانبها، سعت هيئة النزاهة العراقية منذ اطلاقها 2015 ، لشن حملة مكافحة الفساد بناءًا على قرارات حيدر العبادي رئيس الوزراء، ولكن دون جدوى بعد استحالة عودة المسؤولين الهاربين لحصولهم على جنسيات أخرى، وعدم تعاون دول الخارج في استعادة الأموال المُهربة.

يذكر أنه خلال السنوات الماضية، تمكن العديد من الوزراء والمسؤولين من الفرار للخارج ومعهم مليارات الدولارات، وعلى رأسهم الوزراء السابقين “عبدالفلاح السوداني” و “زياد القحطاني” و “حازم الشعلان” و”أيهم السامرائي”.

ولا زالت قائمة المشتبه بهم تلاحق الكثيرين، وذلك بعد حظر سفر 400 شخص بينهم وزراء ومسؤولين سابقين، ورغم ذلك يصعب مساءلة بعض المسؤولين بتهم الكسب غير المشروع ومنهم نواب الرئيس العراقي فؤاد معصوم، وهم “نوري المالكي” و”أسامة النجيفي” و” إياد علاوي”.

ويبدو أن معركة الفساد ستواجه صعوبات جمة، نظرًا لتأثير الانتماءات الحزبية والطائفية ونفوذ القوى السياسية، التي كانت رديفًا لظهور داعش في العراق وسببًا في احتلال المدن العراقية، وسيطرة بعض الميليشيات عليها ، مُعتمدة في ذلك على قوة التحالفات والمصالح الإقليمية التي توجه نفوذها بالقوة لتحقيق مأربها.

وإذا نظرنا إلى القوة الموجودة حاليا بالعراق، فهناك إيران بمليشياتها المتمثلة في “الحشد الشعبي” و”عصائب أهل الحق” و”حزب الله العراقي”، والتي شاركت في العديد من المعارك وبسطت نفوذها جنبًا إلى جنب مع القوات العراقية التي يتولى قيادتها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وفي المقابل هناك تركيا التي تواجدت في المعارك الأخيرة عبر القوات التركية التي شاركت في المعارك إلى جانب قوات البيشمركة الكردية، أما التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة فقد بصم وجوده بعمليات الإنزال الجوي لقواته وغاراته على مواقع عدة بالعراق عبر قواعده العسكرية بالتنسيق مع الحكومة العراقية، وهناك مقاتلو العشائر العراقية التي تسعى لمواجهة التوغل الشيعي للمدن السنية وطرد أهلها.. وأمام تلك التحالفات والميليشيات لا يمكن معرفة ما ستؤول إليه الوجهة القادمة في العراق ما بين التدويل والتقسيم وبين التكهنات بظهور كيان رديف لداعش غالبًا ما ستدعمه بعض القوى لبسط نفوذها.

ربما يعجبك أيضا