الـ«نعم» التي ستقصم ظهر الحاكم بأمره!

كتبت – علياء عصام الدين

عشر سنوات أخرى في حكم تركيا قد تضاف لمكاسب أردوغان الشخصية بعد نجاحه في تمرير التعديلات الدستورية، بيد أن الدور الأكبر القادم للخليفة “الطامح” لـ”اللعب” بورقة الخلافة الإسلامية ستكون تعميقًا للشرخ والانقسام، الذي أصاب الداخل التركي عقب نهاية الاستفتاء، لاسيما مع الفارق الضئيل بين معسكري نعم ولا.

تخوفات أوروبية رافقت نتائج الاستفتاء؛حيث عبرت ألمانيا وفرنسا عن قلقهما من نتائج الانتخابات التي من شأنها أن تؤثر على الجالية التركية في أوروبا، وتقف حائلًا أمام عملية اندماجها.

إن مساعي أردوغان لا تنحصر في السيطرة على السلطة لتصنف في إطار طمع رجل يمتلك “كاريزما”، يعرف كيف يقوم باستغلالها لصالحه من البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، بل تتجاوزها إلى كارثة خطيرة وهي محاولة محو الهوية التركية العلمانية، بإحياء الحكم العثماني وأسلمة البلاد والقضاء على التجربة الديمقراطية فيها.

رغبة أردوغان المُلحة في التحول للسلطان الحاكم بأمره، دفعته لإجهاض أي تجربة ديمقراطية، ولم يكن سهلًا الدخول في مواجهة مباشرة مع المجتمع التركي ومحاولة تطويعه وليّ ذراعه، عن طريق ضمان ولاء جهاز المخابرات، وتطويع الاقتصاد بخلق امبراطورية اقتصادية يديرها المقربون حسب تسريبات 2014، فضلًا عن حملة تطهير الجيش الذي كان حاميًا للعلمانية لما يقرب من قرن من رجال فتح الله جولن عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.

لقد أكدت لجنة “البندقية” -الخبراء القانونيون في مجلس أوروبا، في وقت سابق- أن تعزيز صلاحيات أردوغان والتعديلات الدستورية خطوة خطيرة للوراء بالنسبة للديمقراطية.

إن صراع أردوغان يتلخص في رغبته بتحويل تركيا من أتاتوركية إلى عثمانية مما يضعه في مواجهة مباشرة مع الأكراد من جانب والأحزاب العلمانية من جانب آخر.

لكن على الرغم من النجاح الظاهري لخطوات أردوغان المتسرعة نحو فرض هيمنته والتي يراها “الإخوان المسلمين” تحديدًا خطوات مباركة، إلا أنه تعجّل في نشوب الصراع بينه وبين دولة أتاتورك، والتي لن تكون مواجهتها بهذه السهولة التي يتوقعها.

نتائح استفتاء متواضعة يجب أن تشكل جرس إنذار من شأنه أن يكبح جماح خيل أردوغان من خوض غمار سباق خاسر، قد يجعله حاكمًا لبلد نصفها ضده.

لقد كسب أردوغان مزيدًا من الأعداء؛ فأغلبية الأتراك متخوفون من تقسيم البلاد، لم يستوعب أردوغان أنه لا فارق بين كونه سلطانًا دستوريًا بنعم أو سلطانًا غير دستوري بـ”لا”، في مقابل الحفاظ على لحمة الشعب التركي وهدوئه.

فبعد أن اجتاز مساحات واسعة وقفز على جميع حواجز مؤسسات الدولة، قدّم أردوغان نفسه للمعارضة على طبق من ذهب بعد أن قام بتحفيز الشارع والمعارضة ومنحها وقودًا للحشد.

والآن أردوغان المنبوذ من روسيا، التي ابتعدت عنه، لانعطافه باتجاه واشنطن المرتابة هي الأخرى منه، وأوروبا الرافضة لتوسيع صلاحياته والدول العربية القلقة من علاقاته مع الإخوان المسلمين أصبح وحيدًا في مهمة مستحيلة لأسلمة تركيا، فهل تكون هذه “النعم” هي القاصمة لظهر الحاكم بأمره؟

ربما يعجبك أيضا