القمة الخليجية الـ42.. استكمال مسيرة التعاون بـ«التكامل والاتحاد»

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

بعد جولة خليجية مثمرة قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والتي زار خلالها سلطنة عمان، الإمارات، قطر، البحرين، والكويت تواليًا، فتحت العاصمة السعودية الرياض، اليوم (الثلاثاء) ذراعيها من جديد لاحتضان الدورة الـ42 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، من أجل استكمال مسيرة التعاون لمواجهة التحديات.

رغم أن دعائم القوة والثبات وتحصين أمن الخليج، كانت ولا زالت هي العامل الأساسي المشترك والعلامة الفارقة في مسيرة العلاقات “الخليجية – الخليجية”، إلا أن الأوضاع الإقليمية والدولية المحيطة تتغير بين ليلة وضحاها لتأخذ شكلًا جديدًا بتطورات مختلفة، لذلك اعتادت دول مجلس التعاون إرساء دعائم القوة والثبات بشكل دائم لتحصين أمن الخليج من أي محاولات خارجية، لتبقى مصالح الدول الخليجية الأمنية والسياسية والاقتصادية هي الباقية وسط كل هذه التطورات.

أهداف وتحديات

مما لا شك فيه أن المنطقة الآن تمر بصعاب عدة، بداية من المفاوضات النووية الإيرانية والخلل في الأمن الإقليمي إلى التهديدات الحوثية للأمن والاستقرار في المنطقة، مرورًا بالأوضاع المضطربة في سوريا والسودان وليبيا، وهنا ستكون دول مجلس التعاون الخليجي معنية إلى حد كبير باتخاذ قرارات تخدم مصالح الجميع لما فيه الأمن والاستقرار.

لذلك من المتوقع أن تركز القمة الـ42 على نتائج مفاوضات اللجنة المشتركة للاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية في العاصمة النمساوية فيينا، وكذلك استمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية.

وتتطرق القمة أيضًا إلى تغذية إيران للنزاعات الطائفية والمذهبية ودعمها وتمويلها وتسليحها المليشيات الطائفية والتنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تزويدها بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار لاستهداف المدنيين وتهديد خطوط الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي.

كذلك، ستتناول أيضًا الوضع على الساحات اليمنية والعراقية والسورية والليبية وآخر تطورات القضية الفلسطينية.

ووفقًا لوسائل الإعلام السعودية، وبحسب أجندة القمة، التي ستنعقد ليوم واحد، فإن موضوعاتها ستتجاوز القضايا الإقليمية والدولية، إلى خطوات التكامل، على المستويات الاقتصادية والاجتماعية وأيضًا الأمنية، لمناقشة العلاقات الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون والدول والتكتلات العالمية، بما يحقق مصالح دول المجلس الخليجي.

ومن المقرر أن تتناول أجندة القمة الـ42 أيضًا، استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمقترحات لتذليل أية صعوبات تواجه التنفيذ ومتطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة وتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة.

وكانت مصادر قد كشفت عن أن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح مبارك الحجرف، قد عرض أمام قادة الدول الست، البنود التي تم تنفيذها على صعيد رؤية الملك سلمان بن عبدالعزيز وجهود الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وهو المقترح الذي دعا إليه العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز”.

الحضور والمشاركة

كشفت وسائل الإعلام الرسمية الخليجية، عن مستوى مشاركة قادة دول المجلس في أعمال القمة الـ42 -وهي أول قمة تنعقد بعد إتمام المصالحة الخليجية خلال القمة السابقة بمدينة العلا السعودية، والتي كانت قد أنهت خلافَا بدأ منتصف 2017 بين الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة من جانب، والدوحة من جانب آخر- على أن يكون الوفد السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ومن جانبهما، أفادت الوكالتين الرسميتين لكل من الكويت وعمان، بأن الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وسلطان عمان هيثم بن طارق، سيتغيبان عن القمة الخليجية.

ووفقًا لوكالة الأنباء الكويتية الرسمية “كونا”: “يترأس ولي العهد الكويتي، الشيخ مشعل الأحمد الجابر، وفد بلاده في القمة.

فيما قالت وكالة الأنباء العمانية، إن فهد بن محمود آل سعيد، نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، سيترأس وفد سلطنة عمان في مؤتمر القمة، نظرًا لارتباط السلطان العماني بزيارة خاصة إلى بريطانيا.

من جهتها، أعلنت وكالة أنباء الإمارات “وام” عن ترأس الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وفد الدولة في اجتماع مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

كذلك، أفادت وكالة “قنا” القطرية الرسمية بأن أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، سيشارك في أعمال القمة، وكذلك أفادت وكالة الأنباء البحرينية، أن عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى، سيترأس وفد بلاده الذي سيشارك في القمة الخليجية.

احتضان المملكة لدول الخليج

القمة الخليجية الـ42 ليست هي الأولى التي تحتضنها المملكة العربية السعودية، بل تنفرد المملكة بكونها أكثر دولة خليجية استضافت أكثر عدد من القمم الخليجية الاعتيادية منذ انطلاق أول قمة في أبوظبي عام 1981، حيث عقدت 11 قمة في السعودية بما فيها قمة اليوم، و7 في الكويت و7 في البحرين و6 في الإمارات، و6 في قطر و5 في سلطنة عمان.

ففي عام 1981 استضافت السعودية القمة الثانية لدول مجلس التعاون الخليجي، برئاسة الملك خالد بن عبدالعزيز وذلك بعد أشهر قليلة من انعقاد القمة الأولى في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وقررت الموافقة على الاتفاقية الاقتصادية التي وقعها وزراء المال والاقتصاد بالأحرف الأولى في مدينة الرياض في 8 يونيو 1981.

وفي عام 1987 استضافت السعودية القمة الخليجية الثامنة والتي خصصت لبحث تطورات الحرب العراقية الإيرانية.

وفي عام 1993 استضافت السعودية القمة الـ14 بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، والذي أسفر عنها آنذاك تطوير قوة درع الجزيرة والمجالات العسكرية الأخرى العديدة.

وفي 1999، استضافت المملكة أعمال القمة الـ20، وتم خلالها الاتفاق على فئات الرسوم الجمركية، كما أقر وضع استراتيجية بعيدة المدى تتوجه نحو دعم خطوات التكامل الاقتصادي العربي لتحكم العلاقات بين دول المجلس والتكتلات الإقليمية والمنظمات الدولية.

أما في عام 2006 استضافت السعودية القمة الـ27، أكدت خلالها احترام وحدة وسيادة واستقلال العراق وهويته، ورفضت دعاوى التجزئة والتقسيم.

وفي عام 2009 استضافت السعودية قمة استثنائية بحثت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بينما في عام 2011 استضافت القمة الـ32 والتي رحبت بالاقتراح المقدم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد.

كذلك استضافت المملكة في 2015، اجتماعات القمة الـ36، والتي تم خلالها اعتماد رؤية خادم الحرمين الشريفين، بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك، وكلف المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة والأمانة العامة بتنفيذ ما ورد بها، كما اعتمدت تلك القمة تفعيل القيادة العسكرية الموحدة.

وفي العام 2018 استضافت السعودية القمة الـ39 التي أقرت العمل على صيانة الأمن والاستقرار في المنطقة، ومكافحة التنظيمات الإرهابية، من خلال التكامل الأمني لدول المجلس، والتصدي للفكر المتطرف كما أقرت بلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة لمجلس التعاون، تستند إلى النظام الأساسي للمجلس وتعمل على حفظ مصالحه ومكتسباته وتجنبه الصراعات الإقليمية والدولية.

وفي مطلع العام الجاري 2012، استضافت الممكلة القمة الاعتيادية الـ41، في مدينة العلا شمال غربي السعودية، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين، وبرئاسة ولي عهده، استكمالًا لمواصلة مسيرة الخير والتعاون وتحقيق المصالح المشتركة، وتعزيز أمن المنطقة واستقرارها.

وأخيرًا اليوم، تواصل المملكة احتضانها لدول الخليج، بالقمة الـ42، تعزيزًا لروابط العلاقات الأخوية بين دول الخليج، ورغبة في مواصلة التعاون لتحقيق تطلعات الشعوب الخليجية في التنمية والرخاء.

ربما يعجبك أيضا