اللعبة الدولية تحتدم في الشمال السوري

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

اختلطت الأوراق مجددا في الشمال السوري، ويبدو أن صراعات اللعبة الدولية في سوريا تزداد تعقيدا، خصوصا أن الإدارة الأمريكية لن تسمح أن يكون لروسيا الكلمة العليا في سوريا، ولا أن تهيمن إيران على الأرض السورية لكيلا يتم تهديد إسرائيل..

فبعد تحقيق الخطة الروسية لنجاحات مؤقتة في تثبيت الهدنات وخفض التصعيد في غالب الجبهات المشتعلة في سوريا، باسثناء جبهات تنظيم الدولة في شرق سوريا، بدأت “هيئة تحرير الشام” وفصائل تابعة للجيش السوري الحر (مدعومة أمريكيًا) بشن عملية عسكرية كبيرة في ريف حماة الشمالي، وبدلا من استهداف القصف الروسي للمهاجمين فقط، عاد الطيران الروسي لقصف المنشآت الخدمية والمدنية، فقُصفت مراكز الدفاع المدني في كفرنبل والتمانعة وخان شيخون، ودُمِّر الفرن الآلي في كفرنبل واستُهدفت مدارس في معرزيتا والهبيط، وكان الأسوأ هو قصف وتدمير المستشفيات، مستشفى حاس ومستشفى أورينت في كفرنبل ومستشفى التوليد ومستشفى الرحمة في خان شيخون، بل وتم استهداف مناطق بعض الفصائل العسكرية المشاركة في أستانة 6 والتي لم تشارك في معركة ريف حماة الشمالي، الأمر الذي دعا عدد من قادة تلك الفصائل على التأكيد أنه ليس للروس عهد ولا كلمة، وأنهم لا يريدون إلا حماية نظام الأسد والقضاء على الثورة السورية!.

ما قبل التصعيد

وقبل أيام من هذا التصعيد انتشرت حشود من القوات التركية الخاصة، ولم تعرف وجهة هذه القوات العسكرية ولا طبيعة المهام الموكلة إليها، وتوقع ناشطون وشخصيات من المعارضة السورية أن يكون هذا التحرك العسكري تنفيذا لبنود ما اتفق عليه بمفاوضات أستانا “6” بالعاصمة الكزاخية يومي 14 و15 سبتمبر/أيلول الحالي، ومن ذلك إنشاء منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب.

.فيما تحدثت وسائل إعلام تركية أن وصول هذه القوات العسكرية عن استعداد الجيش التركي ونحو 25 ألف مقاتل من الجيش السوري الحر للبدء بعملية عسكرية في ريف إدلب.

مصدر محلي بمدينة كيليس الحدودية مع سوريا، قال “إن المسؤولين الأتراك لا يخفون نيتهم الدخول إلى سوريا، إذ يقولون إنهم سيدخلون عفرين”.

وأشارت مروة شيفنام أوروج” الكاتبة والإعلامية لدى صحيفة يني شفق التركية، إلى أن الرأي العام التركي ينظر إلى الذريعة التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية دخول سوريا من خلالها، والتي تتلخص بـ تطهير المناطق السورية من هيئة أحرار الشام، على أنّه ليس سوى وسيلة من قبل أمريكا لدعم PKK/PYD وتمكينهما من السيطرة على المناطق الحدودية.

من جهة أخرى قال مدير المكتب السياسي في لواء المعتصم “مصطفی سيجري” أن “الفصائل لديها خطة وسيناريو للمرحلة القادمة، وسيتم التنسيق مع الأتراك كما حدث في عملية درع الفرات”، مشيراً إلى أنها مستعدة لبدء الدخول إلى محافظة إدلب وإخراج هيئة “تحرير الشام”، حتى لا تكون “شماعة محاربة الإرهاب” حجة للإيرانيين للتقدم والسيطرة على المدينة.

فيما قالت صحيفة “”يني شفق أنّ القوات المسلحة التركية بالتعاون مع فصائل الجيش السوري الحر ستدخل المنطقة الغربية من مدينة إدلب، المطلة على ولاية هاطاي، وذلك على عمق 35 كم، وطول 130 كم، موضحة أنّ القوات ستدخل المدينة من خلال جسر الشغور ودار عزة، لافتة إلى أنّ مساحة المنطقة التي ستسيطر عليها القوات التركية وقوات فصائل الجيش الحر ستبلغ ما يقارب 5 آلاف كيلو متر مربع.
ولفتت يني شفق إلى أنّ العملية تستهدف السيطرة على منطقتين بارزتين ضمن المناطق الممتدة من عفرين الواقعة تحت سيطرة PYD وصولا إلى جبال التركمان في اللاذقية، وهما مطار تفتناز وجبل الأربعين الاستراتيجيتين على حدّ وصفها.

وأردفت الصحيفة أنّ القوات المسلحة التركية ستتمكن من خلال العملية العسكرية المقررة من مراقبة المناطق الواقعة تحت سيطر PYD عن كثب، موضحة أنّ المناطق التي ستسيطر عليها تركيا وفصائل الجيش السوري الحرفي إطار العملية ستكون على الشكل التالي: “تفتناز وجبل الأربعين وجسر الشغور وأريحا ومعرة النعمان وخان شيخون”.

قلب الطاولة

فيما استبقت “هيئة تحرير الشام” وفصائل أخرى تابعة للجيش السوري الحر، المحاولات الروسية لنشر قوات فصل، بفتح معركة عسكرية في ريف حماة الشمالي، تلك المعركة كان هدفها خلط الأوراق، وإعادة إشعال الجبهات العسكرية.

وقد اعتبر مدير العلاقات الإعلامية في هيئة تحرير الشام “عماد الدين مجاهد”: أن “مؤتمر أستانا لا يحقق أهداف الثورة التي خرج الناس من أجلها وقدموا الدماء وضحوا بالأرواح، بل يهدف إلى تجميد القتال وتسوية الوضع مع نظام بشار عبر مراحل متعددة بدأت بإيقاف إطلاق النار، وستنتهي بإعادة المناطق لحكم الأسد من جديد”.

واعتبرت الهيئة أن الروس نجحوا في سحب الدول الداعمة للثورة، والتي سحبت بدورها الفصائل إلى المربع الذي يحفظ بقاء الأسد فيما سيتم مقاتلة كل من يرفض وجوده.

حقيقة الدور الأمريكي

هناك فصائل في ريف حماة الشمالي تابعة للجيش السوري الحر تشارك في القتال الدائر الآن، ولا يمكن أن تقدم هذه الخطوة إلا بضوء أخضر أمريكي، وبالتأكيد الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد لروسيا الهيمنة على الأوضاع في سوريا.  

فأمريكا تعلم جيدا أن خرق الاتفاق وقيام روسيا بقصف المدنيين سيؤدي إلى عودة الأوضاع في سوريا إلى مربعها الأول وبالتالي إفشال المحاولات التركية – الروسية لوقف المعارك في سوريا، وعودة القتال إلى غالب الجبهات مجددا.

الأوضاع في سوريا تزداد تعقيدا، والصراعات والمخططات الدولية باتت تهيمن على المشهد السوري، وأصبح من الصعب على الكثيرين أن يفهموا ما الذي يجري في سوريا، نظرا لاختلاط الأوراق بشكل غير مسبوق.  

ربما يعجبك أيضا