المحروقات.. “صندوق أسود” يثير الجدل في تونس

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

” لا خطوط حمراء في الحرب على الفساد “.. هذا ما أكده رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد بعد إقالته لوزير الطاقة خالد قدور وأربعة من كبار المسؤولين بالوزارة  بالإضافة إلى كاتب الدولة للمناجم على خلفية شبهة فساد.

المحروقات.. صندوق أسود

ملف المحروقات في تونس يعدّ ملفاً شائكاً لم يغامر أي من رؤساء الحكومات المتعاقبة لفتحه على الرغم من الاحتجاجات المتكررة المطالبة بفتح ملفاته وخفاياه.

عاد الحديث عن ملف الفساد من جديد، هذه المرة من قطاع البترول، قضية جديدة فجرتها الحكومة في إشارة إلى حقل بترول تحت تصرف مستثمر منذ نحو 10 سنوات دون أي سند قانوني.

قرر على إثرها الشاهد إعفاء كاتب الدولة للمناجم والمدير العام للمحروقات، والرئيس المدير للشركة التونسية للأنشطة البترولية، والمدير العام للشؤون القانونية بوزارة الطاقة، من مهامهم.

ورقة دعم قبل الانتخابات

قرار حكومة الشاهد هذا سيمنح الحكومة بلا شك ورقة دعم كبيرة حتى الانتخابات المقبلة، خاصة أنه جاء متأخراً بعد أن خرجت التظاهرات قبل ثلاث سنوات مرددة شعار “وينو البترول”.

أضف إلى ذلك أنه حقل كان بإمكانه إنعاش خزينة الدولة باعتبار أن مخزونه البالغ نصف إنتاج تونس من النفط، إجراء يأتي ضمن رغبة الحكومة بمحاربة الفساد بعيداً عن أية خطوط حمراء.

قرار حكومي تفاعلت معه أحزاب معارضة وهيئات ناشطة في مكافحة الفساد، وانقسمت آراؤها بين مشكك في مصداقية الحكومة وقدرتها على مكافحة الفساد وبين من يدعو لمزيد من الشفافية والحوكمة في هذا القطاع الذي طالته شبهات فساد عديدة.

تجاذبات الحكومة والرئاسة

رغم التأييد الواسع لحرب الشاهد على الفساد، هناك من قرأ فيها أبعاداً سياسية في ظل التجاذبات بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية وما أفرزته من تململ في القرار السياسي عمق الأزمة الاقتصادية لغياب حلول ناجعة كما يؤكد باستمرار الاتحاد العام للشغل الذي لم يتردد في تحميل السياسيين المسؤولية مع اعتبار لقاءات السبسي بمثابة الفرصة الأخيرة لإنقاذ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

فرئاسة الجمهورية قطعت حبل العودة مع الشاهد بعد ما يعرف بكشف الفساد في ملف النفط، إذ لا يتردد خبراء في القول بأنه ملف يستهدف رئيس الجمهورية.

ترميم الوفاق

تسارعت في تونس خطى اللقاءات على أعلى مستوى لتطويق الأزمة السياسية المتعلقة بمصير حكومة يوسف الشاهد، والبحث عن ترميم الوفاق الذي تصدعت أركانه بين حزبي الأغلبية الحاكمة – النهضة ونداء تونس.

بدأت الأزمة منذ أشهر حين اختلف الموقّعون على وثيقة قرطاج التي انبثقت منها حكومة الوحدة الوطنية حول رحيل الشاهد، ففي حين تم الاتفاق على 63 نقطة في الوثيقة التي ترسم استراتيجة الحكومة المستقبلية تعطل المسار في النقطة 64 المتعلقة بمصير الحكومة.

فحركة النهضة التي تدعم حتى الآن الشاهد تصر على الوفاق لإخراج تونس من أزمتها الراهنة، في حين تصر حركة نداء تونس على رحيل الشاهد الفوري رغم أنه أحد قياديها وهي من رشحته لرئاسة الحكومة.

إلا أنه وحسب مراقبين فإنه لا يستبعد من كواليس اللقاءات الأخيرة أن تساهم الاجتماعات المنتظرة لوثيقة قرطاج في تقريب وجهات النظر لعودة الوفاق لكن بثمن سياسي هذه المرة وهو ” الوفاق مقابل الشاهد “.
 

ربما يعجبك أيضا