المساعدات العسكرية الأمريكية.. لماذا لن تُنهي الإرهاب في إفريقيا؟

تحليل: المساعدات العسكرية الأمريكية لإفريقيا تأتي بنتيجة عكسية

آية سيد
المساعدات العسكرية الأمريكية.. لماذا لن تُنهي الإرهاب في إفريقيا؟

الرابط بين التدريب العسكري الأمريكي والانقلابات في إفريقيا ليس صدفة.


في فبراير الماضي، أعلنت الإدارة الأمريكية عن خطة لبناء 5 قواعد عسكرية جديدة في الصومال لقوات النخبة، المعروفة بـ”لواء دنب”، لمحاربة حركة الشباب الإرهابية.

إلا أن تركيز الولايات المتحدة المستمر على الأمن على حساب الديمقراطية في تعاملاتها مع الدول الإفريقية لا يجعل القارة أكثر أمنًا، وفق ما رأى الكاتب الأمريكي، ويليام رامب، في تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، اليوم الأحد 10 مارس 2024.

نتيجة عكسية

توضح البيانات أن المساعدات العسكرية الأمريكية لإفريقيا تأتي بنتيجة عكسية. وشهدت إفريقيا ارتفاعًا بنسبة 20% في الوفيات الناجمة عن العنف الإرهابي، و83% من تلك الوفيات في دول الساحل والصومال، إلى جانب 6 انقلابات منذ 2021.

إنفوجراف| الانقلابات في غرب ووسط إفريقيا في آخر 3 سنوات

إنفوجراف| الانقلابات في غرب ووسط إفريقيا في آخر 3 سنوات

وحسب التحليل، هذه المشكلات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالسياسة الأمريكية. هذا لأن جهود صناع السياسة الأمريكيين لمكافحة الجماعات الإرهابية من خلال المساعدات العسكرية الإقليمية أدت دون قصد إلى انقلابات عسكرية.

ولهذا، يجب أن تغير الولايات المتحدة تركيزها على المساعدات العسكرية وتوجهه نحو الدبلوماسية والديمقراطية لمكافحة نفوذ هذه الجماعات بفاعلية.

نموذج النيجر

تقدم النيجر دراسة حالة لهذه الظاهرة. ورغم أن الولايات المتحدة أنهت مساعداتها العسكرية للدولة عقب الانقلاب العسكري في يوليو 2023، فإنها تواصل تشغيل قاعدة مسيّرات “باهظة التكلفة وغير فاعلة” تستضيف 1100 من القوات الأمريكية.

وأشار التحليل إلى أن 5 أعضاء على الأقل في المجلس العسكري النيجري حصلوا على تدريب عسكري من الولايات المتحدة. والرابط بين التدريب العسكري والانقلابات ليس صدفة.

علاقة التدريب بالانقلابات

في مقال نشره موقع “وور أون ذا روكز” الأمريكي في 2017، قال جيسي ديلون سافاج وجوناثان كافرلي إنه “عبر تعزيز الجيش في الدول التي لا تمتلك الكثير من المؤسسات المدنية الموازية، يمكن أن يؤدي التدريب العسكري الأمريكي إلى المزيد من محاولات الانقلاب التي يدعمها الجيش، وكذلك ارتفاع احتمالية نجاح الانقلابات”.

وحسب الكاتبين، فإن “الهوية المهنية” للجيش تمنح الجنود إحساسًا بالانفصال والاستعلاء في ما يتعلق بحكومتهم، ما قد يؤدي إلى “رغبة في التدخل في الشؤون السياسية”.

نمط واحد

حسب تحليل ناشيونال إنترست، فإن تسلسل أحداث هذه الانقلابات واضح. فالولايات المتحدة تقدم المساعدة الأمنية لجيش دولة تواجه تمردًا، فقط كي ينقلب هذا الجيش على الحكومة المدنية باسم محاربة التمرد.

وفي بوركينا فاسو والنيجر، زعمت قيادة المجلسين العسكريين أن الحكومة المدنية فشلت في التعامل مع عنف المتمردين. إلا أن المدنيين لا يزالوا يعانون تحت حكم الأنظمة القمعية ويواجهون العنف من المتمردين والجنود على حد سواء.

إنفوجراف| الدول الإفريقية التي شهدت أكبر عدد من الانقلابات

الدول الإفريقية التي شهدت أكبر عدد من الانقلابات

حالة الصومال

رغم هذه الإخفاقات، تتبع إدارة جو بايدن السياسة نفسها في الصومال. لكن المساعدات العسكرية الأمريكية لم تؤدي إلى هزيمة حركة الشباب الإرهابية. وتجني الجماعة 100 مليون دولار سنويًا من ابتزاز أموال الضرائب من المدنيين الصوماليين وترهب الشركات المحلية في مقديشو من خلال الهجمات بالعبوات الناسفة.

ولفت التحليل إلى أن نجاح حركة الشباب مرتبط مباشرة بضعف المؤسسات الحاكمة في الصومال. وضعف الحكومة الصومالية يعني أن حركة الشباب ستحتفظ بنفوذها في المستقبل القريب. وإذا ظلت الحكومة ضعيفة في الوقت الذي يزداد الجيش قوة بفضل المساعدات والتدريبات الأمريكية، يصبح الاستيلاء العسكري على السلطة أكثر ترجيحًا.

ماذا تفعل واشنطن؟

يجب أن تنبذ الولايات المتحدة نهجها تجاه الصومال، الذي يركز على الجيش، لمنع هذه النتيجة، وتتعاون مع مجتمعه المدني. وأشار التحليل إلى أن التعاون مع الجماعات والشركات المحلية عبر المحادثات وإظهار الاعتراف المتبادل سيساعد في تعزيز الديمقراطية عن طريق تمكين المجتمع المدني الصومالي.

ومن موقع القوة هذا، يمكن لهذه الجماعات الدفاع عن السياسات التي تحسن الصوماليين. ويمكن كذلك أن تزيد واشنطن التجارة الثنائية مع الصومال، ما يحسن نموه الاقتصادي الضعيف، ويساعد في تهيئة الظروف لزيادة الأجور وتحسين الحصول على التعليم والرعاية الصحية.

هدف صعب المنال

وفق التحليل، لا يمكن تحقيق أي من هذا وسط الحرب الأهلية. لذلك، يجب أن تتعامل الحكومة الصومالية مع حركة الشباب والسلطات المحلية لتحقيق بعض التوافق بشأن الحكم.

ويتعين على واشنطن التركيز على مساعدة القادة على فتح خطوط اتصال عبر مفاوضات استباقية كي يفهم الجانبان أهداف بعضهما البعض على المدى الطويل في حين يعملان أيضًا على تحقيق وقف لإطلاق النار يسمح بالتدفق الحر للأشخاص والبضائع.

وفي حين أن الاتفاق الكامل على مسار عمل ملائم مستبعد، ينبغي أن يركز القادة الأمريكيون والصوماليون على حد سواء على تهيئة الظروف لجميع الأطراف كي يتعايشوا دون صراع.

ربما يعجبك أيضا