المغاربة وتاريخ حافل بالإنجازات في الذكرى الخمسين لهجرتهم لهولندا

سحر رمزي

كتب – سحر رمزي

أمستردام – احتفلت الجالية المغربية في جميع أنحاء هولندا بالذكرى الخمسين لهجرتهم إلى هولندا، وقد شاركت المنظمات والهيئات الحكومية الهولندية وأيضا الدبلوماسية المغربية، بجانب العديد من المنظمات والمؤسسات المغربية والعربية وغيرهم، واستمر الاحتفال ثلاثة أيام في كافة المدن الهولندية.

وبالأمس نظمت جمعية ملاك -بشمال أمستردام (بمدرسة للموسيقى) وتحت إشراف الناشطة الاجتماعية فاطمة واحو- احتفالية كبيرة حضرها عدد من الشخصيات الهامة والمؤثرة بهولندا.

كما حضر القنصل العام للمملكة المغربية بأمستردام المستشار محمد المتوكل، وممثل السفارة المغربية عبدو القادري، كما حضر الحفل مسؤولة كبيرة ببلدية شمال أمستردام والمكلفة من قبل بلدية أمستردام بملف التنوع والاندماج في هولندا، أسر لاجن ديك، وبعض الهيئات الدبلوماسية والسياسية ورؤساء الجمعيات وحقوقيون ونخبة من الجالية العربية والمغربية خاصة بأمستردام ونواحيها.

من جانبها أوضحت فاطمة واحو -المسؤولة عن تنظيم الحفل- الدور الذي تلعبه جمعيتها في بناء المجتمع وإدماج أبناء الجالية المغربية في المجتمع الهولندي، كما تحدثت عن أهداف الجمعية ومنها، إدماج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، كذلك إدماج المرأة العربية خاصة المغربية في الحياة الهولندية وتمكينها من تحقيق ركائز وأسس حتى تتمكن من تحقيق ذاتها داخل المجتمع الهولندي، وتعليم اللغة الهولندية التي اعتبرتها من أساسيات الحياة داخل المجتمع الهولندي.

كما تناولت -في كلمتها- الدور المثمر الذي لعبه أبناء الجيل الأول في تحقيق مسار حافل بالإنجازات التي شملت عدة مجالات منها الثقافية والسياسية والاجتماعية في هولندا على سبيل المثال السيدة رحمة المودن وهي من الجيل الأول حيث سردت للحضور سيرتها الذاتية من أول يوم وضعت قدميها على أرض هولندا والصعوبات التي واجهتها في بداياتها إلى أن وصلت إلى ما عليه من إنجازات رفيعة وتحقيق ذاتها هي من قبيل جيلها الأول، شمل الحفل عرض خاص لفرقة نسائية للدقة المراكشية وعرض أزياء للملابس المغربية النسائية وذلك حسب الإعلامية المغربية نزهة طاهري

هذا ما حققته الجالية المغربية في هولندا من إنجازات!

الجدير بالذكر أنه في سنة 1960 لم يكن في هولندا سوى ثلاثة مغاربة يحملون تصريحا بالإقامة في هذا البلد الأوروبي، وبعد خمسين سنة تسجل الإحصاءات الرسمية وجود أكثر من 400 ألف من أفراد الجالية المغربية في هولندا، وأغلبهم يحملون جنسية هذا البلد الأوروبي إضافة إلى جنسية وطنهم الأصلي، وعلى مدار الأعوام الماضية تحول الحضور المغربي في هولندا من يد عاملة ساهمت في بناء الاقتصاد الهولندي وفي تحقيق الرخاء الاقتصادي، إلى مكون إنساني أساسي في هذا المجتمع الأوروبي يتمتع ومواطنته الكاملة، ويساهم في كافة المجالات، بل أصبح تاريخ الهجرة المغربية جزءا لا يتجزأ من تاريخ هولندا والمغرب مثلما أظهر ذلك مؤلف “تاريخ المغاربة في هولندا” (إصدارات مجلس الجالية المغربية بالخارج 2016).

الجالية المغربية مؤثرة في الحياة الهولندية

في السنوات الأخيرة هناك رصد لمجموعة من الظواهر على مستوى الهجرة المغربية في هولندا، فبالإضافة إلى كونها هجرة شابة ومؤنثة ومندمجة، وهي خاصيات تشترك فيها معظم الجاليات المغربية في مجتمعات الإقامة في الأوروبية، فإن الجالية المغربية في هولندا أصبحت من أكثر المجموعات المهاجرة حضورا في المجتمع الهولندي، ومن أكثرها تأثيرا بين مختلف المجموعات المهاجرة.

فإذا تحدثنا على الجانب السياسي نجد أن السياسيين الهولنديين من أصل مغربي استطاعوا أن يفرضوا وجودهم في ظرفية سياسية صعبة. فبالرغم من الحضور القوي لتيارات اليمين المتطرف في هذا البلد الأوروبي على رأسها حزب خيرت فيلدز الذي يخوض هجمات شرسة على مغاربة هولندا وعلى الهجرة عموما، إلا أن السياسيين من أصل مغربي تمكنوا من تغيير الصورة النمطية التي تحاول هذه التيارات تحجيم الجالية فيها. وقد انتزعوا شرعيتهم الانتخابية من المجتمع الهولندي المتعدد والمنفتح، وهو ما قلدهم مناصب مهمة مثل عمودية مدينتين كبيرتين هما روتردام أرنهايم، إضافة إلى رئاسة البرلمان من طرف السياسية من أصل مغربي خديجة عريب؛ من دون أن تفوت الإشارة إلى الشاب الذي سطع نجمه بشكل ملفت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وقدم بديلا سياسيا يعكس دينامية المجتمع الهولندي المتعدد في مواجهة العنصرية، هو الشاب جيسي كلافر زعيم حزب الخضر، المولود من أب مغربي وأم إندونيسية… ولا يسعنا المجال هنا لتعداد كافة المغاربة المنتخبين في عدد من المجالس البلدية والمؤسسات التمثيلية

مغاربة في جميع التخصصات

حضور الأفراد المنحدرين من الهجرة المغربية في مجال الثقافة والبحث العلمي يشهد عليه عدد الأستاذة والباحثين من أصل مغربي في جميع التخصصات في أكبر الجامعات الهولندية كجامعة أمستردام ولايدن، وقد تابعنا مؤخرا تعيين الدكتور سعيد حمديوي، كأول أستاذ كرسي من أصل مغربي في هولندا، من طرف المجلس التنفيذي جامعة دلفت للتكنولوجيا المصنفة من أحسن الجامعات عبر العالم

كما أن روايات فؤاد العروي وعبدالقادر بنعلي وحفيظ بوعزة، والإنتاجات الفنية لممثلين ومغنيين مثل “علي ب” و”ريهاب” ونجيب أم هالي وهند العروسي، وتصميمات الشاب كريم دوشي الذي صنفته مجلة فوربس الأمريكية كأحد أكثر الشخصيات الشابة تأثيرا… كلها شواهد على أهمية الحضور المغربي في إثراء الثقافة الهولندية، ودورهم في إعطاء إشعاع عالمي للثقافة المغربية بما أنها تشكل جزءا رئيسيا في هويتهم المتعددة وتعكسها أعمالهم وإبداعاتهم باللغات العالمية.

وعن الكفاءات الرياضية المنحدرة من الهجرة المغربية في هولندا وحسب ما كتب في إصدارات مجلس الجالية، أنها أثبتت مستواها العالي في أعرق الأندية الهولندية مثل أياكس – أمستردام – فينورد – أوترخت، واختارت التعبير عن قوة انتمائها إلى وطنها الأم المغرب بقرار حمل قميصه الوطني والتفاني في الدفاع عنه، فكانوا فعلا أفضل سفراء للهجرة المغربية في هولندا في كل المناسبات الكروية العالمية، مما أكسبهم حب إخوتهم المغاربة في المغرب وفي العالم؛ وأيضا حب أبرز نجوم الكرة الهولندية مثل فان نيستلروي، وكلايفرت وشنايدر والمدرب فان خال، الذين شجعوا في أشرطة مصورة بقبعات وأعلام مغربية المنتخب الوطني ولاعبيه المتزايدين في هولندا.

ولاشك تسليط الضوء على جزء يسير من الحضور البارز للهجرة المغربية في هولندا وارتباطها بوطنها الأم تكمن في إثارة الانتباه حول هذه الفئة من مغاربة العالم، ودعمها وأعطائها الاهتمام اللازم في سياساتها العمومية والخدمات الموجهة لمغاربة العالم، ومن خلالهم تكريم الجيل الأول من المهاجرين المغاربة في هولندا نساء ورجالا، نظير ما قدموه لهؤلاء الشباب

ربما يعجبك أيضا