كيف تهدد التغيرات المناخية لغة الحب في أنحاء العالم؟

ياسمين سعد
ورود في الأفراح

أثرت التغيرات المناخية في شتى مناحي الحياة، ولكن لم يتخيل أحد أن تؤثر في الرومانسية.. فهل يمكن أن تصبح حياتنا بلا ورود في المستقبل؟


أثرت التغيرات المناخية في العديد من مناحي الحياة، وبعد تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية، من المنتظر أيضًا أن تؤثر في الحب والرومانسية.

والورد البلدي أو الزهور الحمراء هي رمز المحبة بين العاشقين، ليس في الوطن العربي فقط، ولكن في العالم كله تقريبًا، ومع التغيرات المناخية قلّت أعداد الورود بجميع أنواعها، فهل أصبحت لغة الحب الشهيرة مهددة بالتبدد في مستقبلنا؟

تجنب استخدام الورد

منظم الأفراح والحفلات المصري، محمود الصبان، كشف لشبكة رؤية الإخبارية عن نقص الورد البلدي في السوق، فأصبح يستبدل به الورد الصناعي، بعدما كان الورد الطبيعي أساس عمله.

ويقول الصبان: “الورد من أساسيات عملنا في تنظيم الأفراح، خاصة بعدما صارت الأفراح معظمها تقام في الهواء الطلق، منذ تفشي جائحة فيروس كوفيد-19، في السابق كان جو مصر معتدلًا، فكنا نستخدم الورد البلدي الطبيعي في ديكور الحفلات والأفراح، ولكن مع تزايد حدة التغيرات المناخية، أصبحنا نقلل استخدامنا منه”.

ورد أسود اللون

أوضح الصبان أن الورد صار يموت بسرعة بسبب شدة الحرارة، مشيرًا إلى أنه يستخدم في ديكور الأفراح حاليًّا وردًا مستوردًا من كينيا وهولندا لتحمله الحرارة الشديدة، بالإضافة إلى جودة الوردة المستوردة، وكثرة عدد أوراقها، منوهًا بأن هذه الورود تتحمل البقاء في الحر، وتبقى في الخارج لفترات طويلة.

التغيرات المناخية تؤثر على الورود

التغيرات المناخية تؤثر على الورود

ويشرح منظم الأفراح والحفلات أنه يفضل حاليًّا استخدام الورد الصناعي على استخدام الورد الطبيعي في المجمل، بعدما كان لا يجلب إلى عمله وردة واحدة صناعية، ولكن كان ذلك قبل التغيرات المناخية الشديدة، قائلًا: “الورد الأحمر يتحول لونه بعد ساعات قليلة إلى اللون الأسود، فكيف يظهر في صور الزفاف بهذا الشكل؟”.

تجهيزات كبيرة

على الرغم من موت الورد السريع، فإنه يوجد عملاء يصرون على استخدام الورد البلدي، وعن ذلك يقول الصبان: “عندما أضطر إلى استخدام الورد البلدي، أحضر معي وردًا زائدًا على الحاجة، فإذا طُلِب مني 1000 وردة، أحضر 1400 أو 1600، لأنني سأضطر إلى استبدال ورد طازج بالورد الميت سريعًا”.

وأضاف: “أحضر الورود في ثلاجات مجهزة للحفاظ عليها من الذبول والموت، وبعدما أضع الورود في الديكور، أراقبها وأعيد النظر فيها أكثر من مرة، وبعد ساعتين أغير ما ذبل ومات منها بفعل الحرارة، وأضع مكانه ورودًا جديدة مما أحضرتها معي مسبقًا، حتى لا يظهر مكان الورود الميتة فارغًا في صور الزفاف”.

نقص أعداد الورود

لم يتأثر ديكور الأفراح فقط بغياب الورود، بل تأثر “بوكيه” العروس أيضًا، فبعدما كانت تحمل العروس في يدها بوكيهًا مكونًا من الورد البلدي المصري وليس الورد المزروع في الصوبات، صار يتكون حاليًّا من الورد الصناعي والمجفف، ولا يستخدم الورد الطبيعي إلا نادرًا، لأنه لا يتحمل البقاء في يد العروس حتى تلتقط به صور الزفاف، فيذبل ويموت سريعًا.

التغيرات المناخية تؤثر على الورود

التغيرات المناخية تؤثر على الورود

وأوضحت منظمة الأفراح والحفلات، إيمان شتا، لشبكة رؤية الإخبارية، أنها واجهت مشكلة نقص الورود، بعد أن احترق عدد من الصوبات الزراعية بفعل الحرارة الشديدة، واضطرت وقتها إلى التخلي عن أنواع الزهور التي قل إنتاجها، واستخدام الأنواع المتاحة في هذه الأوقات.

نقص في المحاصيل

الرياح أيضًا أثرت في “السنتر بيس” أو القطع المركزية للورود العالية، التي توضع في منتصف كل طاولة كديكور مبهج يستمتع به ضيوف الزفاف. وأوضحت إيمان شتا أنها استغنت عن الورود العالية، وركزت على “السنتر بيس” منخفضة الطول، حتى لا تسقطها الرياح وتسبب مشكلة لأي شخص من الحضور.

ومن جهة أخرى، كشف أستاذ نباتات الزينة والأعشاب الطبية والعطرية بكلية الزراعة بجامعة الأزهر، الدكتور صلاح محمود، لشبكة رؤية الإخبارية، عن وجود تأثير للحرارة المرتفعة في زراعة بعض النباتات، خاصة التي تزرع في الصعيد، حيث إن الجفاف وندرة المياة بسبب ارتفاع درجات الحرارة يؤديان إلى نقص المحاصيل الزراعية، بما فيها نباتات الزينة والورود.

تفاصيل زراعة الورود

أوضح أستاذ نباتات الزينة أن التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة ليست بالحدة التي تشهدها المناطق الاستوائية أو البادرة، مشيرًا إلى أن الحرارة تؤثر بالفعل في زراعة الورد الذي لا يستخدم فقط للزينة، بل يستخرج منه زيت الورد الذي يدخل في صناعة العديد من العطور.

ويقول صلاح: “درجة الحرارة المثلى لزراعة الورد البلدي تتراوح بين 16 و26 درجة مئوية، وارتفاع الحرارة على هذا الحد يؤدي إلى احتراق الوردة، أو ذبولها، فتموت الأزهار سريعًا وتفقد جمالها المعروف عنها، كما تؤثر الحرارة في نمو الزهرة، وإذا قلت الرطوبة عن 70 أو 80% تصاب الزهور بالأمراض الفطرية وتجف وتذبل أيضًا”.

احتراق داخل الصوب

يستخدم عديد من المزارعين حاليًّا نظام الصوبات الزراعية لتجنب احتراق المحاصيل بسبب الحرارة العالية، ولكن رغم ذلك، يراعي المزارعون تقنيات الصوبات الجديدة التي تتماشى مع الارتفاع الشديد للحرارة.

بعدما كان الري في الصوب الزراعية بالتنقيط فقط، أصبح يوجد زر الضباب، وهو كالخرطوم الذي يزيد من درجة الرطوبة في الصوبة الزراعية أو يقلل من درجتها، وهو الذي يضبط درجة حرارة الصوبة، وفقًا للتغيرات المناخية الجديدة، ولكن يوجد مزارعون غير واعين باستخدامه حتى الآن، ما يجعل محاصيلهم تحترق أحيانًا حتى داخل الصوب الزراعية، ومنها محاصيل الورد.

ربما يعجبك أيضا