انفجار نيودلهي.. رسائل مُبطنة لـ«إسرائيل ومودي» وإيران المتهم الأول

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

انفجار نيودلهي قرب السفارة الإسرائيلية في العاصمة الهندية نيودلهي، قد يبدو بسيطًا ولكنه يحمل في طياته رسائل عدة، منها تزامنه مع الذكرى الـ29 لتدشين العلاقات بين الهند وإسرائيل، أو احتمالية تورط إيران في الانفجار كرد انتقامي لمقتل سليماني وزاده، والأخيرة رسالة موجهة لرئيس الوزراء الهندي احتجاجًا على قوانين الإصلاح الزراعي والتي تسبب في تصاعد الاحتجاجات في الآونة الأخيرة.

انفجار نيودلهي

في حادثة أثارت الجدل حول تداعياتها وأسبابها، وقع انفجار بالقرب من السفارة الإسرائيلية في العاصمة الهندية نيودلهي أول أمس الجمعة، ما ألحق أضرارًا بالسيارات دون أي إصابات تذكر بحسب تصريحات الشرطة الهندية.

وعقب الانفجار قامت القوات الهندية بتطويق مبنى محيط السفارة الإسرائيلية، فيما هرعت الشرطة وخبراء تفكيك المتفجرات إلى المكان، بعدما تبين أن أن الانفجار نجم عن عبوة ناسفة بدائية الصنع لكنها تسببت في تدمير نوافذ ثلاث سيارات مجاورة.

بدورها، أعلنت إسرائيل عبر مسؤوليها أنها تتعامل مع الانفجار الصغير قرب السفارة في نيودلهي كحادث إرهابي.

وفي ذات السياق أكد سفير إسرائيل في الهند رون مالكا، أن سفارة بلاده في نيودلهي كانت في حالة تأهب قصوى بسبب تلقيها “تهديدات”، حتى قبل انفجار القنبلة.

ومن جهة أخرى،قال وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جيشانكار، إنه تحدث إلى نظيره الإسرائيلي جابي أشكنازي، بشأن الانفجار، واعدًا إياه بتوفير أقصى حماية للسفارة والدبلوماسيين الإسرائيليين.

ويبدو أن اختيار التوقيت لم يكن عبثيًا فهو يتزامن مع الذكرى الـ29 لتدشين العلاقات بين الهند وإسرائيل، التي بدأت تنمو في السنوات الأخيرة وربما يكون هناك من يسعى لإحداث ضجة في تلك العلاقات بحسب مسؤولين في الهند.

العلاقات الهندية الإسرائيلية

تصادف الانفجار مع ذكرى مرور 29 عامًا على إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين الهند وإسرائيل، حيث بدأت الدولتان علاقاتهما الثنائية في 29 يناير 1992، ورغم عدم تبني أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، إلا أن اختيار الموعد لم يكن عبثيًا.

وخلال السنوات الماضية، تنامت العلاقات الثنائية بين الطرفين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في مجالات التجارة والتكنولوجيا والدفاع، حتى باتت الهند الهدف الأول للتصدير للصناعات الدفاعية الإسرائيلية.

فيما بلغ التبادل التجاري بين الدولتين 5.24 مليار دولار في 2019، باستثناء المبيعات الدفاعية، بحسب موقع السفارة الهندية لدى تل أبيب.

وعلى مر السنين، أصبحت الهند ثالث أكبر شريك تجاري لـ”إسرائيل” في آسيا، بعد الصين وهونج كونج، وتقوم العلاقات على الواردات الهندية من الزراعة والخدمات و”الهايتك” وتصدير الأحجار الكريمة والمعادن والمواد الكيميائية والمنسوجات إلى “إسرائيل”.

وعززت العلاقات الزيارات التي قام بها المسؤولين، ففي عام 2017، زار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إسرائيل، وقام نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة للهند بعد ذلك بعام.

وقد يكون هناك من يعارض مثل تلك العلاقات بسبب انتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين واستمرار البناء الاستيطاني، لكن هناك أيضًا تعزيزات إسرائيلية وتأهب أمني حول سفاراتها في مختلف أنحاء العالم، لاسيما بعد اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في نوفمبر الماضي، والذي اتهمت فيه طهران إسرائيل وتوعدتها بالرد.

رد انتقامي لطهران

لعل ما يرجح فرضية تورط إيران في الهجوم قرب السفارة الإسرائيلية في نيودلهي، عثور الشرطة الهندية على رسالة موجهة للسفير الإسرائيلي ورد فيها اسما قائد ما يسمى “فيلق القدس” قاسم سليماني، والعالم النووي الإيراني الذي تم اغتياله مؤخراً محسن فخري زاده، وهو ما ذكرته صحيفة “إنديا توداي” بالأمس، نقلًا عن مصدر بالشرطة الهندية.

وأشار المصدر الهندي إلى أن الرسالة التي تم العثور عليها من موقع الانفجار تشير إلى أنه مجرد بداية لموجة هجمات أخرى.

وفي السياق ذكر السفير الإسرائيلي لدى الهند، أن هناك دليل يشير إلى أن الانفجار الصغير الذي وقع بالقرب من سفارة بلاده في نيودلهي كان “هجوماً إرهابياً”.

وفي الوقت نفسه، أعلنت منظمة إرهابية يطلق عليها اسم “جيش الهند” مسؤوليتها لكن أجهزة أمنية ما زالت تتحقق من صحة المزاعم، حسب وسائل إعلام هندية.

يأتي الاتهام لطهران، في ظل التهديدات المتصاعدة لإسرائيل على خلفية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده ، حيث توعدت طهران بالرد على اغتياله، بعد إعلان إسرائيل رسميًا ضلوعها في اغتياله بسبب دوره في البرنامج النووي الإيراني.

ويبقى احتمال أن ترد إيران على إسرائيل عبر ساحات الدول الأخرى، كما حدث في العراق باستهداف القواعد الأمريكية ردًا على اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

رسالة موجهة لـ«مودي»

ويبقى الاحتمال الأخير أن يكون الانفجار موجه لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على خلفية احتجاجات المزارعين الهنود بشأن قوانين الإصلاح الزراعي، حيث وقع الانفجار على بعد أقل من كيلومترين من اجتماع بين مودي، والرئيس رام ناث كوفيند ومسؤولين كبار آخرين.

يأتي ذلك تزامنًا مع تصاعد الاحتجاجات والاشتباكات بين مئات معارضي وأنصار المزارعين الهنود على قوانين الإصلاح الزراعي التي تسببت في تعطيل الحركة في العاصمة الهندية لأكثر من ثمانية أسابيع، وأسفرت عن مواجهات عنيفة بين الشرطة والمحتجين أدت إلى مقتل مزارع وإصابة ما يقرب من 400 من رجال الشرطة.

وبعد فشل 6 جولات على الأقل من الحوار بين حكومة مودي وزعماء المزارعين حول القوانين الجديدة، أشار قادة المزارعين أنهم يستعدون لمعركة طويلة الأمد.

بدوره، قال رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي: إن احتجاجات المزارعين على ثلاثة قوانين أقرتها حكومته وراءها دوافع سياسية، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي وسط نجاح برنامجه الزراعي الذي دشنه العام الماضي.

وتأتي هذه القوانين الجديدة في ظل صراع دائم بين كبار التجار والمضاربين والسماسرة من جانب وصغار المزارعين من جانب آخر، من أجل السيطرة على سوق المنتجات الزراعية، في ظل ترحيب الحكومة الهندية دائمًا بهذه الشركات العملاقة متعددة الجنسيات للعمل في الزراعة بدلاً من آلاف الشركات الصغيرة والوسطاء.

ومع تعدد الرسائل المبطنة من وراء الانفجار، إلا أن قربه من السفارة الإسرائيلية يؤكد احتمال وقوعه كرد فعل انتقامي أو بداية لهجمات أكدت إسرائيل نفسها أنها تلقتها قبل وقوع الانفجار وأبدت استعداداتها لها بتعزيز قواتها حول سفاراتها في مختلف أنحاء العالم، في وقت تتجهز لرد طهران على مقتل العالم النووي.

ربما يعجبك أيضا