باكستان باتت مرتعًا لتنظيم داعش.. ماذا يحدث؟

أحمد ليثي

انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان العام الماضي، أدى إلى ظهور داعش كتهديد مرة أخرى في باكستان، وظهرت داعش في الهجوم الأخير الذي نفذته الجماعة


تساهلت باكستان تجاه الجماعات الدينية المتطرفة، فضلًا عن أنها تزرع بذور التطرف الديني والطائفي منذ عقود، لذلك كانت مسألة سهلة بالنسبة لـ”داعش” أن تجد تربة خصبة في البلاد.

وفق تقرير الصحفي الباكستاني، محمد أكبر، المنشور أول من أمس 9 إبريل، في موقع ذا ديبلومات الأمريكي منذ ولادة داعش عام 2014، عندما اجتاح التنظيم الإرهابي شمال العراق وشرق سوريا، كان من المتوقع أن لا يستغرق التنظيم وقتًا كبيرًا حتى يصل إلى باكستان.

هل توسع داعش في باكستان رغم حملات القمع؟

بحسب التقرير، اتخذت باكستان إجراءات قوية ضد الجماعات الإرهابية الأخرى، لا سيما الجماعة السنية المسلحة، جيش جهنكوي، الذي يمكن أن ينضم إلى داعش. والصراع بين جيش جهنكوي والسلطات الباكستانية منذ سنوات، وفي إحدى الحملات الأمنية ضد الجماعة، أسفرت عن مقتل الشريك المؤسس وزعيم الجماعة، مالك إسحاق، في 29 يوليو 2015 في تبادل لإطلاق النار بينه وبين الشرطة.

يوضح أكبر أن قتل إسحاق لم يمنع “داعش” من التوسع في باكستان وأماكن أخرى في المنطقة، لا سيما في أفغانستان المجاورة، حتى في أثناء وجود القوات الأمريكية، على الرغم من حملات القمع التي شنتها الدولة، كان تنظيم داعش قادرًا على الانتشار في باكستان، لأن التطرف الديني كان له وجود واسع، عبر كل من الجماعات المحظورة مثل جماعة عسكر.

لماذا ظهر داعش كتهديد لباكستان مرة أخرى؟

يوضح التقرير أن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان العام الماضي، أدى إلى ظهور داعش كتهديد مرة أخرى في باكستان، وظهر داعش في الهجوم الأخير الذي نفذته الجماعة، من خلال انتحاري تابع للتنظيم، في 4 مارس بمسجد شيعي في مدينة بيشاور الشمالية الغربية، خيبر بختونخوا، فقد أسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 64 شخصًا وإصابة عشرات آخرين.

من جهتهم، يعتقد محللون أمنيون أن مقاتلي داعش انتقلوا من أفغانستان إلى باكستان، وهو ما يشير إلى أن احتمالات توسيع العمليات الإرهابية التي يقودها تنظيم داعش عالية للغاية. ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن الطائفية والتطرف الديني أصبحا منذ فترة طويلة حقيقة من حقائق الحياة في باكستان.

كيف رعت باكستان جذور التطرف الديني على أراضيها؟

يوضح محمد أكبر أن الطائفية غيرت بالفعل المشهد الباكستاني على مدى العقود الثلاثة الماضية، ما ساعد في زيادة التهديد من تنظيم داعش للمسلمين الشيعة، وهم من بين الأقليات الدينية الأخرى، الذين تحملوا العبء الأكبر للتشدد السني، فلقي الآلاف من المسلمين الشيعة مصرعهم في أعمال عنف في باكستان، حتى قبل وصول تنظيم داعش.

وبحسب أكبر، فإنه بجانب التطرف زاد في ظل قيادة الديكتاتور السابق الجنرال ضياء الحق، 1977-1988، وقد ازداد أيضًا بسبب التنافس الإقليمي الإيراني السعودي، فأدت مصالح إيران بتصدير وجهات نظرها الثورية عن الإسلام الشيعي، إلى زيادة مخاوف السعودية من تنامي النفوذ الإيراني، واستجابت السعودية إلى دعم مجموعات المجاهدين التي تقاتل الغزو السوفييتي لأفغانستان، وداعش أحد وجوه هذه المجموعات.

كيف انتقل داعش من أفغانستان إلى باكستان؟

نوه أكبر، في تقريره، بأن مقاتلي تنظيم داعش، انتقلوا من أفغانستان إلى باكستان في أعقاب الحملة القمعية ضدهم من حركة طالبان الأفغانية، فتمكنت الحركة من تحييد تهديد داعش في أفغانستان، وهذا لا يبشر بالخير لباكستان، التي قد تصبح القاعدة المفضلة للجماعة الإرهابية، خاصة أن البلدين يشتركان في حدود طويلة وسهلة الاختراق مع سوء الإدارة.

وبحسب التقرير، فقد دفع خطر تحركات الجماعات الإرهابية، مثل داعش عبر الحدود، السلطات الباكستانية إلى تسييج الحدود مع أفغانستان، لكن حكومة “طالبان” كانت ضد هذه الخطوة، وأزالت الأسوار في بعض أجزاء الحدود مع باكستان، في معارضة صريحة للسياج الحدودي. ووسط الخلاف بين الحكومات، لا يزال بإمكان عناصر داعش، التنقل بين البلدين هربًا من القمع من الجانبين.

ربما يعجبك أيضا