بحصانة مدى الحياة.. بوتين يستعد للسيناريو الأسوأ

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصر على الذهاب إلى أبعد مدى للحفاظ على قبضته الحديدة، حتى وإن لم يؤكد بعد ترشحه لولاية جديدة بعد عام 2024، فمنذ أيام وقع قانونا يمنح الرؤساء السابقين حصانة مدى الحياة بمجرد مغادرتهم للكرملين، ليفتح باب التكهنات بشأن خططه المستقبلية كزعيم للبلاد.

“سأفعل ما هو في مصلحة البلاد”، هكذا رد بوتين خلال مؤتمره السنوي للرد على أسئلة الصحافة والمواطنين، عندما سئل الأسبوع الماضي عن خططه لما بعد انتهاء ولايته عام 2024.

بوتين يمنح نفسه حصانة مدى الحياة

وقع الرئيس الروسي، الثلاثاء الماضي، قانونا يمنح الرؤساء السابقين وعائلاتهم حصانة مدى الحياة من الملاحقة القضائية على جرائم ارتكبوها أثناء الحكم، كما يعفيهم من إجراءات مثل التفتيش أو الاعتقال أو الاستجواب من قبل الشرطة أو أجهزة النيابة.

ويمنح التشريع الجديد لرئيس البلاد عند انتهاء صلاحياته حق العضوية مدى الحياة في مجلس الشيوخ، وهو منصب يكفل له الحصانة القضائية.

ووفقا لوثيقة القانون الذي أًصبح نافذا منذ الـ22 من ديسمبر الجاري، يحصل الرئيس السابق للبلاد، على صفة عضو في مجلس الشيوخ منذ لحظة تقدمه بطلب إلى مجلس الاتحاد، ويتم منحه لذلك ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء صلاحياته كرئيس.

كما يسمح القانون لرئيس الدولة الحالي بتعيين أعضاء مجلس الشيوخ، على ألا يزيد عددهم عن 30 منهم سبعة يمكنهم التقدم بطلب للحصول على عضوية مدى الحياة، وفي هذه المادة باب يضمن لبوتين تعيين أعضاء بمجلس الشيوخ من دائرته المقربة وأيضا منحهم العضوية مدى الحياة وبالتبعية الحصانة البرلمانية.

بحسب القوانين الروسية  من الممكن تجريد رئيس سابق من “الحصانة” إذا وجهت إليه تهمة الخيانة العظمى أو أدين في جرائم خطيرة من قبل المحاكم العليا والدستورية، لكن التشريع الجديد الذي وقعه بوتين سيعطل هذه المادة على الأرجح.

“تشريع الحصانة” يأتي استكمالا للتعديلات الدستورية التي استهل بها بوتين العام، ليفتح لنفسه المجال للبقاء في السلطة حتى العام 2036.

مناورة بوتين 68 عاما للبقاء بالسلطة بدت واضحة مع مطلع العام الجاري حينما بدأت تتسارع الخطى لإقرار أو بالأحرى تفصيل تعديلات دستورية في مجلس الدوما تتيح لبويتن البقاء في السلطة لأكثر من فترتين متتاليتين بعد انتهاء صلاحية لعبة تبادل الكراسي مع رجله الأول ديمتري ميدفيديف، وبالفعل في العاشر من مارس الماضي أقر البرلمان الروسي هذه التعديلات التي بدأت بإقرار زيادات للمخصصات الاجتماعية والرعاية الصحية والتعليم وانتهت بتعديل يسمح لبوتين بالترشح لولايتين قادمتين في 2024، و2030.

وفي حال صحت التكهنات بأن بوتين -الذي يحكم روسيا منذ 20 عاما-  سيترشح لولاية جديدة بعد 2024، فأنه بذلك سيتغلب على الزعماء التاريخيين للبلاد وتحديدا ستالين الذي حكم روسيا لنحو 29 عاما.

لماذا يستعد القيصر؟

تحركات بوتين التشريعية غذت شائعات بأن “القيصر” يخطط للتنحي عن الحكم بسبب تدهور حالته الصحية، وهو ما نفاه الكرملين في أكثر من مناسبة، ونفاه بوتين بظهوره الأسبوع الماضي أمام عدسات المصورين خلال مؤتمره السنوي للرد على أسئلة المواطنين.

قبل تشريع بوتين المثير للجدل كان الرؤساء الروس السابقون يتمتعون بالحصانة القضائية أثناء وجودهم في مناصبهم فقط، ويمكن للهيئات القضائية ملاحقتهم على الجرائم المرتكبة أثناء فترة حكمهم بعد خروجهم من الكرملين، لكن هذا بات مستحيلا الآن.

القانون أيضا يحصن موظفي النظام القضائي وإنفاذ القانون والهيئات التنظيمية والعسكرية وموظفي وكالات الاستخبارات التابعة للاتحاد الروسي، وينص على سرية المعلومات الخاصة بهم، ويشترط لذلك أن يكونوا شاركوا بشكل مباشر في مكافحة الإرهاب أو أدوا خدمات خاصة لضمان أمن الاتحاد الروسي.

إذا قيصر روسيا يود أن يحصن نفسه وموظفيه من أصحاب الولاء وجنوده، تحسبا لكل السيناريوهات فالرجل ربما يفكر في التنحي عن السلطة في 2024، لكن مع الحفاظ على موقعه كرئيس لمجلس الاتحاد أو عضو بمجلس الشيوخ، بما يضمن له البقاء ممسكا بزمام الأمور بالحد الأقصى.    

بوتين بالفعل قد يواجه ملاحقة قضائية واسعة في حال رحيله عن الحكم، فالرجل بحسب تقارير صحفية عدة لديه ثروة طائلة تقدر بـ200 مليار دولار، جمع جزء كبير منها بطرق غير شرعية كالضغط على أصحاب الشركات للحصول على حصص من الأسهم، كما أن بوتين متورط إلى أبعد حد في تصفية معارضيه سواء في الداخل أو الخارج، أمثال العميل السابق لجهاز الاستخبارات السوفيتي ألكسندر ليتفينينكو، ونائب رئيس الوزراء الروسي السابق المعارض بوريس نيمتسوف، وبالطبع لا ننسى هنا الإشارة إلى قضية محاولة تسميم المعارض الروسي ألكسي نافالني والتي كانت العنوان الأبرز لمواجهات روسيا مع الاتحاد الأوروبي هذا العام، وفي أحدث فصولها وجه نافالني اتهاما مباشرا لبوتين بإصدار أوامر بتصفيته.

ومنذ أيام أعلن نافالني أنّه خدع خبير أسلحة كيميائية في وكالة الاستخبارات الروسية وحصل منه على اعتراف بأن جهاز الأمن الفيدرالي سعى لقتله هذا الصيف عبر وضع السم في ملابسه، وأوضح المعارض الروسي البارز أنه تمكن من الوصول إلى رقم هاتف خبير الأسلحة من سجلات مسربة وسجلات سفر، الأمر الذي بات غير قانوني بموجب تشريع سرية بيانات عملاء المخابرات الجديد.

بوتين أيضا قد يواجه ملاحقة قضائية دولية جراء تدخله في سوريا فهو أبرز حلفاء نظام بشار الأسد المتهم فعليا بارتكاب جرائم حرب ضد شعبه بدعم روسي وإيراني.

ربما يعجبك أيضا