بريطانيا ما زالت بحاجة إلى التعاون الأمني مع دول الاتحاد الأوروبي

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد
 
قالت الحكومة البريطانية في بيان لها يوم 17 سبتمبر 2017، إنها ترغب في إبرام معاهدة أمنية جديدة مع الاتحاد الأوروبي تتيح استمرار التعاون بين الطرفين في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، وقالت الحكومة في بيان أصدرته عشية نشرها وثيقة عمل حول هذا الموضوع إن هدفها هو إبرام “معاهدة توفر قاعدة قانونية لمواصلة التعاون الشُّرطي والأمني والجنائي بعد خروجنا من الاتحاد الأوروبي”.
 
ويقول “جوناثان إيفانز”، الذي رأس جهاز المخابرات الداخلية (إم إي 5) حتى قبل ثلاث سنوات، أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يضعف تبادل معلومات المخابرات بينها والدول المجاورة لها، وقال في مقال في صحيفة “صنداي تايمز” إن مكافحة الإرهاب لعبة جماعية والاتحاد الأوروبي أفضل إطار متاح، ولا يمكن لبلد النجاح بمفرده”.
 
 التقارير كشفت بان التهديدات التي تستهدف بريطانيا  كانت تمثل 74 بالمئة بانها تهديدات داخلية، وغالبية منفذي العمليات، كانوا من  ذوي الجنسية البريطانية، وهو ما يؤكد تصاعد تهديدات الإرهاب المحلي. كشفت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن الإرهابيين العائدين من سوريا والعراق والمقدر عددهم بـ400 يتجولون في شوارع بريطانيا بحرية ويشكلون تهديدا وشيكا. تقارير الاستخبارات كشفت بانها تراقب أكثر من (7000 )متطرف في بريطانيا ويمثل بينهم أكثر من ألف عنصر خطر يمثل تهديدا قائم على أمن بريطانيا.
 

أبرز الهجمات
 
يوم 22 مارس 2017 : قامَ مهاجم بدهسِ مجموعةٍ من المارة على جسرِ و”يستمنستر” ثم قامَ بعدها بطعنِ ضابطِ شرطة ، ما أدى إلى مقتلِ 3 أشخاص , ويدعى منفذ العملية “خالد مسعود” 52 عام بريطاني الجنسية، وتبنى تنظيمُ داعش الإرهابي الهجوم.
 
يوم 22 مايو 2017 : قُتل 22 شخصا وأُصيب نحو 50 آخرين في انفجار بقاعة للحفلات الموسيقية في مدينة “مانشستر” بشمال بريطانيا،ويدعى منفذ العملية “سلمان العبيدى” البالغ من العمر 22 عاما من أصول ليبية ويقطن في لندن ، وتبنى تنظيمُ داعش الإرهابي الهجوم.
 
يوم 3 يونيو 2017 : دهست شاحنة المارة على الجانب الجنوبي من جسر لندن، قبل أن يترجل المهاجمون من الشاحنة و يبدءوا في طعنهم بالساكنين، وأسفر الهجوم عن مقتل سبعة أشخاص وجرح 48 آخرين، ونفذ العملية ثلاثة أشخاص ، ويدعى منفذوا العملية “يوسف زغبة” 22 عاما إيطالى الجنسية من أصول مغربية،و”خرام بات “27 عاما هو مواطن بريطاني مولود في باكستان، و”رشيد رضوان” 30 عاما مغربي .
 
وقع انفجار في مترو الأنفاق غربي العاصمة لندن، صباح يوم 15 سبتمfر 2017، وأوقع 22 جريحا ونفذ الاعتداء بواسطة “عبوة ناسفة يدوية الصنع.
 
يقول وزير الأمن البريطاني” بن والاس” إن التهديد الإرهابي يتزايد في بريطانيا، بسبب خسائر تنظيم داعش في سوريا والعراق، وأضاف “والاس” أن المتطرفين يحاولون شن هجمات داخل بريطانيا، إما لأنهم أصبحوا غير قادرين على الانضمام إلى صفوف التنظيم خارج البلاد، أو لأنهم قد عادوا من هناك،وأردف أن أوروبا تتعرض الآن لـ”هجوم مستمر” من الجماعات الإرهابية.
 
تنظيم داعش من جانبه، طلب من عناصره البقاء في بلدانهم وتنفيذ عمليات انتحارية خاصة في أوروبا، بدلا من الالتحاق بالقتال بصفوفه في سوريا والعراق ومناطق أخرى.
 

إجراءات جديدة في مكافحة الإرهاب
 
كشفت  وزيرة الداخلية البريطانية “أمبر رود” إن بريطانيا  اتخذت عدة إجراءات جديدة أبرزها :
 
أوامر الاستبعاد المؤقتة: بموجب أوامر الاستبعاد المؤقتة، يُمكن حظر عودة البريطانيين الذين يشتبه في قتالهم في الخارج إلى بريطانيا لمدة تصل إلى عامين.
 
 إلغاء وثائق سفر المقاتلين الأجانب ورفض إعادة دخولهم ما لم يوافقوا على شروط مثل التسجيل في برنامج لنبذ التطرف أو إبلاغ الشرطة على أساس منتظم..
 
تبني قواعد جديدة في 26 يونيو 2017، لشنّ حملة على الأموال التي تستخدم لتمويل الجريمة والإرهاب، وتلزم هذه القواعد، بنوكاً ووكلاء عقاريين ومحاسبين وشركات دفع بزيادة عمليات الفحص لحركة الأموال.وقالت الحكومة إنه رغم أن معظم الأعمال تلتزم الحذر، فإن القواعد الجديدة ستحسن جودة عمليات الفحص لضمان أن ترصد الشركات الأنشطة المشبوهة وتبلغ عنها. وقال “ستيفن باركلي” من وزارة الخزانة، في بيان “هذه القواعد الجديدة ستشدد دفاعاتنا، وستحمي سلامة نظامنا المالي وستساعد في حماية البريطانيين من الهجمات الإرهابية والأنشطة الإجرامية”.
 
من المرجح أن تكون بريطانيا أقل أمنا وأكثر تعرضا من قبل الجماعات الإرهابية، فرغم أن خروجها يعطيها قوة أكثر في مسك حدودها الخارجية، لكنها سوف تخسر الكثير من الدعم المعلومات، فالتهديدات لم تعد تقليدية وتأمين الأمن لم يعد بمسك الحدود أمام عالم وسائل التواصل الاجتماعي و”السايبر”، ولم تعد أي دولة قادرة على مواجهة الإرهاب بمفردها.
 
الاتحاد الأوروبي ممكن أن يوفر إلى بريطانيا معلومات في مجال الأمن والاستخبارات، عبر وكالة فرونتيكس وكذلك المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب في لاهاي داخل المفوضية الأوروبية، ما عدا ذلك أن جغرافية الجماعات المتطرفة والمقاتلين الأجانب باتت مترابطة داخل أوروبا، وهذا يعني أن بريطانيا لا يمكن أن تواجه الإرهاب بمفردها دون تعزيز التعاون مع بقية دول الاتحاد الأوروبي. ما عدا ذلك الحقائق كشفت أن أوروبا والغرب أيضا يحتاج التعاون الاستخباراتي وتقاسم المعلومات أيضا مع بعض دول المنطقة التي تحارب الإرهاب على أراضيها، وهذا يعني أنه لا توجد دولة تحارب الإرهاب بمفردها، ولا توجد دولة بمأمن من العمليات الإرهابية.
 
*باحث في قضايا الإرهاب والاستخبارات
 

ربما يعجبك أيضا