بعد إقرار المحكمة للنتائج.. ضبابية المشهد ترسم ملامح الحكومة العراقية المقبلة!

حسام السبكي

حسام السبكي

مراحل عديدة وعصيبة، شهدتها الانتخابات النيابية العراقية، منذ إعلان النتائج، ورفض العديد من الكتل السياسية، وتهديدات بتفجير الأوضاع، حتى وصلت إلى محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مرورًا بتوافقات حول بحث الطعون، التي لم تغير كثيرًا في النتائج، حتى إقرار المحكمة الاتحادية بشكل نهائي للنتائج وإصدار قرارها بشأن الطعون، غير أن المواقف المتباينة من مختلف الدوائر السياسية، ستشكل ملامح أولية للحكومة المقبلة.

إقرار النتائج والبت النهائي في الطعون

المحكمة الاتحادية العراقية
المحكمة الاتحادية العراقية

صادقت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أمس (الإثنين)، على نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في 10 تشرين الأول/أكتوبر، في بيان صادر عنها، وكانت المحكمة قد رفضت إلغاء النتائج الانتخابات بعد رد الدعوى المقدّمة من القوى السياسية الممثلة للحشد الشعبي.

فقد أعلنت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، أمس (الإثنين)، مصادقتها على نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في 10 أكتوبر، بعدما رفضت في وقت سابق الدعوى المقدمة من القوى السياسية الممثلة للحشد الشعبي بإلغاء النتائج.

وأوضح مسؤول إعلامي في المحكمة في بيان مقتضب: “المحكمة الاتحادية العليا تصادق على نتائج انتخابات مجلس النواب”. ويفتح هذا القرار المجال أمام البرلمان الجديد للانعقاد خلال الأسبوعين المقبلين، وانتخاب رئيس له ورئيس للجمهورية قبل أن يتم اختيار رئيس للحكومة وتشكيل حكومة جديدة.

وكانت قوى شيعية بارزة موالية لإيران قد نددت بعد يومين من الاستحقاق، بحصول “تلاعب” و”احتيال” في نتائج العملية الانتخابية، بعد أن سجلت تراجعا كبيرا في الانتخابات التشريعية، ما فتح الطريق أمام مفاوضات صعبة بين الكتل السياسية الساعية للهيمنة على “برلمان مشرذم“.

وأفاد أن ذلك الإطار التنسيقي لقوى شيعية الذي يضم خصوصا تحالف الفتح وائتلاف رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، في بيان “نعلن طعننا بما أعلن من نتائج وعدم قبولنا بها وسنتخذ جميع الإجراءات المتاحة لمنع التلاعب بأصوات الناخبين”.

وأظهرت النتائج الأولية التي نشرتها في حينه المفوضية الانتخابية العليا، تصدر التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، لنتائج الانتخابات. وأكد التيار حصوله على أكثر من 70 مقعدا في مجلس النواب المؤلف من 329 مقعدا.

وسجلت الانتخابات -وهي الخامسة منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003 بعد الغزو الأمريكي- نسبة مقاطعة غير مسبوقة، فيما أعلنت السلطات عن نسبة مشاركة بلغت 41 بالمئة.

وتمت الدعوة للانتخابات قبل موعدها الأصلي في 2022، لتهدئة غضب الشارع بعد الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في خريف 2019.

مواقف متباينة

مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري

على الصعيد السياسي، دعا الزعيم الشيعي العراقي، مقتدى الصدر، مساء أمس (الإثنين)، للإسراع بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، فيما رحب بمصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.

ودعا الصدر في تغريدة له إلى “الحفاظ على السلم والسلام، فالوطن أمانة في أعناقنا، وذلك بالإسراع بتشكيل حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية، يضيء نورها من أرض الوطن وليفيء على الشعب بالخدمة والأمان”.

بدوره، أعلن رئيس تحالف الفتح هادي العامري في بيان صادر عن مكتبه قبول قرار المحكمة رغم “إيماننا العميق واعتقادنا الراسخ بأن العملية شابها الكثير من التزوير والتلاعب”.

5c2650fb95a597767c8b4612

وورد في البيان: “من باب حرصنا الشديد على الالتزام بالدستور والقانون وخوفنا على استقرار العراق أمنياً وسياسياً، وإيماناً منا بالعملية السياسية ومسارها الديمقراطي من خلال التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات، نلتزم بقرار المحكمة الاتحادية”.

20181120 1542669351 718512

كما أعلن رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، أن “الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية واحترام السياقات القانونية والدستورية بخصوص المصادقة على نتائج الانتخابات خطوة باتجاه تحقيق المسار الديمقراطي بعيدًا عن خيارات الفوضى والانفلات”.

1764

من جانبه، أكد القيادي الشيعي العراقي عمار الحكيم، التزامه بقرار المحكمة الاتحادية في البلاد، برفض إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية، وذلك رغم تحفظاته على العملية الانتخابية، وذلك في أول رد فعل على قرار المحكمة بشأن الانتخابات التي تحتج كتل خاسرة على نتائجها بشكل قوي وصل إلى احتجاجات عنيفة في الشارع.

وقال عمار الحكيم، في تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أمس (الإثنين)، عقب إصدار المحكمة حكمها برد دعوى الطعن في نتائج الانتخابات: انطلاقا من إيماننا العميق بسيادة الدستور والقانون، نعبر عن التزامنا بقرار المحكمة الاتحادية بخصوص النتائج، بالرغم من ملاحظاتنا الجدية على العملية الانتخابية.

ومن جهة أخرى، نقلت قناة “العهد” الفضائية العراقية، اليوم (الثلاثاء)، عن جماعة عصائب أهل الحق أسفها لرد دعوى إلغاء نتائج الانتخابات “رغم كثرة الأدلة القانونية والفنية”.

وقالت عصائب أهل الحق: إن “المحكمة الاتحادية قبلت الدعوى شكلاً وردتها بعد ثلاث جلسات بحجة عدم الاختصاص”. وأضافت: “المحكمة الاتحادية تعرضت لضغوط داخلية وخارجية”.

%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86

في السياق، علق رئيس ائتلاف دولة القانون في العراق نوري المالكي، أمس (الإثنين)، على أن رد الدعوى المقامة لإلغاء نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية متوقع.

6183e8f54c59b75c005cc4af

وأضاف المالكي، وفق قناة NRT العراقية: كان متوقعًا ولأسباب تتعلق بوضع البلد، أنه لا يمكن إلغاء الانتخابات وإعادتها، مع أن الخلل الواضح وبالوثائق والأدلة موجود

وتابع المالكي: لكن كنا نأمل من المحكمة الاتحادية أن تنصف المتضررين من الكتل والقوائم، وما يتعلق بمشكلة الكوتا النسائية. 

الخلاصة

مع حالة الاستقطاب السياسي البارز في الأوساط العراقية، تبدو ملامح الحكومة المقبلة ضبابية، خاصة مع حرص بعض الكتل الشيعية وعلى رأسها التيار الصدري “الفائز في الانتخابات”، للدخول إلى الخطوة التالية، ورفض بعد القوى الأخرى، والتي “تطرفت” سابقًا في إبراز اعتراضها، ما يهدد الوضع الأمني في العراق، وينذر بمصير غير محمود العواقب في بلاد الرافدين.

ربما يعجبك أيضا