ميزانية استثنائية للجيش الألماني بعد «سنوات مثيرة للسخرية».. أجواء وتفاصيل

هالة عبدالرحمن

لسنوات، تعرضت ألمانيا للسخرية بسبب البخل في الإنفاق على دفاعها الوطن، وأكبر مثال على ذلك استهزاء الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عام 2016 حول استغلال البوندسفير للضمانات الأمنية الأمريكية وعدم دفع نصيبهم العادل تجاه الدفاع الجماعي للناتو.


لتمويل صندوق استثنائي بقيمة 100 مليار يورو، وقّعت الحكومة الألمانية والمعارضة، اتفاقية تجعل الخروج عن قواعد الميزانية في الدستور الوطني ممكنًا.

وبعد عدة أسابيع من المناقشات، توصلت الحكومة والمعارضة المحافظة في ألمانيا، إلى اتفاق، مساء الأحد الماضي 29 مايو 2022، من أجل تحديث الجيش الوطني في مواجهة التهديد الروسي، وفقًا لصحيفة “لوموند” الفرنسية الإخبارية، أول أمس الاثنين.

جيش ألمانيا

التحايل على الدستور لتمرير الميزانية الاستثنائية

أفادت “لوموند” أن هذا الحل سيجعل المستشار أولاف شولتس، يفي بوعده الذي قطعه على نفسه، نهاية فبراير الماضي، بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية، بالإفراج عن 100 مليار يورو، لإعادة تسليح البلاد، خلال السنوات المقبلة وتحديث البوندسفير، الذي لم يجر تجهيز معداته منذ زمن. وسوف يجري دفع هذا المبلغ في “صندوق خاص”، خارج الميزانية الوطنية، وتمويله من خلال ديون إضافية.

وأضافت “لوموند” أنه لإجراء ذلك، كان من الضروري التحايل على القواعد المنصوص عليها في الدستور الوطني، التي تسمى “كبح الديون”، والتي تحد بصرامة من احتمالات حدوث عجز في الميزانية، لذلك احتاجت الحكومة إلى دعم قوة المعارضة الرئيسة، لأنها كانت بحاجة إلى أغلبية الثلثين في البرلمان، لتمرير هذا الاستثناء.

مفاوضات بين الحكومة والمعارضة الألمانية

سوف تكون برلين، في الوقت نفسه، قادرة على تحقيق الهدف الذي حدده حلف شمال الأطلسي (ناتو) بتخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي القومي لألمانيا سنويًّا للدفاع. وسوف يتحقق هذا الهدف “في المتوسط ​​على مدى عدة سنوات”، حسب “لوموند”.

وقد استمرت المفاوضات عدة أسابيع، بين الائتلاف المكون من الديمقراطيين الاجتماعيين وعلماء البيئة والليبراليين، والحزب الحاكم المحافظ، ليس فقط في ما يتعلق بمسألة استخدام الأموال، ولكن أيضًا بشأن السياسة تجاه أوكرانيا، وهي ما تتنازع عليه الحكومة والمعارضة منذ أسابيع.

أسباب ضعف الجيش الألماني

منذ نهاية الحرب الباردة، قلصت ألمانيا حجم جيشها كثيرًا، من نحو 500 ألف شخص، عندما جرى توحيد البلاد في عام 1990، إلى 200 ألف فقط اليوم، بالإضافة إلى ذلك يشكو المسؤولون العسكريون بانتظام، من حدوث أعطال في طائراتهم المقاتلة أو سفنها الحربية أو دباباتها، لذلك كانت حرب روسيا ضد أوكرانيا بمثابة صدمة للحكومة الألمانية التي طالما تقاعست عن تحديث جيشها.

وقالت صحيفة “فاينانشال تايمز” إن هذه الخطوة كانت جريئة، لأن المشاعر السلمية لدى الشعب الألماني قوية، فيظل الكثيرون منهم حذرين من جيش بلادهم، وذلك لأنهم يحتفظون بذكرى الدور الخطير للجيش الألماني في الفظائع النازية، بما تحمله من ذكريات قاسية.

السخرية العالمية من تقشف الجيش الألماني

لسنوات تعرضت ألمانيا للسخرية بسبب البخل في الإنفاق على دفاعها الوطني، وأكبر مثال على ذلك استهزاء الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، عام 2016، باستغلال البوندسفير للضمانات الأمنية الأمريكية وعدم دفع نصيبهم العادل تجاه الدفاع الجماعي للناتو، موجهًا اللوم جزئيًّا إلى أنجيلا ميركل، خلال فترة رئاستها، وضاعف دونالد ترامب هذه السخرية، قائلًا لميركل: “أنجيلا يجب أن تدفع”.

وكان منطق ترامب بسيطًا خلال قمة الناتو، عام 2014، لأنه بعدما وعدت ألمانيا بالتحرك نحو إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، لم تحقق هذا الهدف، وبعد سنوات من التقشف تركت البوندسفير في ضائقة مالية، وقال قائد الجيش الألماني، ألفونس ميس، يوم بدء الحرب الروسية الأوكرانية إن الجيش الألماني “انكسر”، وفقًا لـ”فانينانشال تايمز”.

بوندسفير2 10

أرقام في ضوء إمكانات الجيش الألماني

وفقًا لإحصاءات نشرتها “دويتشه فيله” الشهر الحالي، فإن تعداد قوات الجيش الألماني يقدر بنحو 185 ألف فرد دون الاحتياط، ويقع الجيش الألمانى في المرتبة 16 عالميًّا، في حين يمتلك 617 طائرة و266 دبابة و9 آلاف و217 مدرعة و121 مدفعًا ذاتي الحركة و38 راجمة صواريخ، ويتكون أسطوله الحربي من 80 وحدة بحرية.

وفي العام المقبل، ستقود ألمانيا فريق العمل المشترك عالي الجاهزية التابع للناتو، وهي فرقة قادرة على الانتشار سريعًا في أي مكان بالعالم في غضون أيام، وكانت آخر مرة قادت ألمانيا القوة عام 2019، في وقت بدأت تظهر فيه التصدعات الناجمة عن سنوات من نقص التمويل، حتى إن الضباط افتقروا إلى المعدات اللازمة للمهمة، واضطروا إلى الحصول على معدات من فروع أخرى من الجيش.

ربما يعجبك أيضا