ترامب يطارد “الحمائم” .. وقف المحادثات السرية بين أمريكا وإيران

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يبدو أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، جاد وحازم في تهديداته نحو البرنامج النووي الإيراني بالخروج منه، الذي يصفه بالاتفاق الأسوأ على مر التاريخ؛ إن لم يتضمن “سد الثغرات الفظيعة” ويتضمن المسألة الصاروخية. وقد خصص ترامب 12 مايو/ أيار المقبل كمهلة أخيرة للاتفاق النووي، وإن لم يتم إصلاح الاتفاق النووي، سيرفض تمديده، وستستأنف الولايات المتحدة تطبيق العقوبات المعلقة على إيران.

مؤشرات
قرار عزل وزير الخارجية الأمريكي “ريكس تليرسون”، وكذلك قرار إبعاد الموظفة الأمريكية من أصل إيراني، “سحر نوروز زاده”، ووقف المحادثات السرية مع إيران التي كان يتولاها أبرز مساعدي وزير الخارجية الأمريكي، ورئيس إدارة السياسات، “برايان هوك”، الذي ربما يتم عزله لاحقًا؛ يعني أن ترامب جاد وحازم في تعامله مع إيران، وعازم على إخراج كافة معسكر الحمائم واستبداله بالصقور من أجل الضغط أكثر على طهران للاستجابة لمطالبه وإلا ستواجه مزيد من العقوبات.

“تليرسون” و”سحر نوروز زاده”
لم يكن لوزير الخارجية الأمريكي السابق الخبرة الكافية للتعامل مع ملفات الولايات المتحدة الشائكة مثل ملف “إيران”، ولهذا اعتمد على تجارب الديموقراطيين في السياسة الخارجية، وهو ما يخالف سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقام باتخاذ مسار موازٍ لسياسة الرئيس السابق أوباما ووزراء خارجيته هيلاري كلينتون وجون كيري؛ من أجل التمهيد للدخول في إتفاق جديد مع إيران، وقام بإعادة الموظفة السابقة في الخارجية الأمريكية، “سحر نوروز زاده”، وهي من أصل إيراني.

وقد استبعدها ترامب في 22 أبريل 2017، بسبب ارتباطها الوثيق بالاتفاق النووي مع إيران، ولأنها واحده من أهم الفاعلين في ملف إيران خلال حقبة أوباما. كما أنها من أعضاء اللوبي الإيراني “المجلس القومي للإيرانيين في أميركا” (ناياك) أي (National Iranian American Council (NIAC. ثم استبعدها مرة أخرى بعد الإطاحة بوزير خارجيته “تليرسون”.

وكانت “نوروز زاده” قد طلبت قبل عزلها، في رسالة إلكترونية من “برايان هوك”، وهو مديرها المباشر ومدير برنامج التخطيط السياسي في الخارجية الأمريكية، أن يوصيها كيف أن تصحح تاريخها بعد خدمتها الطويلة لمدة 12 عاما في البيت الأبيض.

“برايان هوك”

يمثل “برايان هوك” الجانب الأمريكي في اجتماعات مجموعة 5 1 لمتابعة التزام إيران بالاتفاق النووي. وكانت هذه الاجتماعات الدورية تتضمن اجتماعات سرية بين الممثل الأمريكي ونظيره الإيراني. وكان الاجتماع الثالث قد تم يوم الخميس 15 مارس الماضي، من أجل إبقاء أمريكا في الاتفاق النووي.

لكن الانتهاء من تكرار هذه الاجتماعات بعد قرار عزل “تليرسون” يعني أن “ترامب” قد أعلن انتهاء “العشاء الأخير مع إيران” وأن احتمال خروج واشنطن من الاتفاق النووي أقرب ما يكون للتحقيق، إن لم تقدم طهران ما يساعدها على كسب ثقة القوى الغربية.

وقد امتنع “هوك” عن عقد الجلسة الثنائية مع الجانب الإيراني برئاسة كبير المفاوضين “عباس عراقتشي” الجمعة الماضية، على هامش اجتماعات فيينا ضمن مجموعة 5 1، كما سافر “هوك” إلى واشنطن دون أن يشارك في اجتماع مجموعة 5 1 أمس الإثنين في بروكسل.

كان “تليرسون” يطمح من خلال هذه الاجتماعات السرية بين برايان هوك” و”عباس عراقتشي”، إلى الانتقال لمحادثات معلنة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، حول اتفاق جديد “نووي-صاروخي”، ضمن اجتماعات 5 1،على غرار المفاوضات في عهد أوباما.

لكن تنحيته من منصب وزارة الخارجية، يعني أن ترامب بات مهتمًا أكثر باتخاذ سياسة أكثر صرامة مع إيران، سيما بعدما شعر أن سياسته باتت تؤتي ثمارها مع كوريا الشمالية التي قبلت الدخول في مفاوضات مباشرة مع واشنطن.

كما أن تعيينه “مايك بومبيو” وزيرًا جديدًا لخارجيته، وهو المعروف برفضه الشديد للاتفاق النووي مع إيران، وتأكيده أن الهدوء لن يعود للشرق الأوسط إلا إذا تم تغيير النظام في إيران؛ يعني أن ترامب قد يتحرك بالفعل إلى تصعيد أكبر مع إيران، وأنه قد يسارع إلى هذا التصعيد إذا انسحب ذلك بالمكاسب على مستقبله السياسي وعلى سياسته الداخلية والخارجية.

الضغط  أكثرعلى النظام

قد يذهب الرئيس الأمريكي إلى ما هو أبعد من الخروج من الاتفاق النووي وممارسة العقوبات على إيران، ويقوم بالضغط أكثر على النظام الحاكم في إيران. ففي خطابه بمناسبة عيد “النوروز” الذي يحتفل به الإيرانيون، فصل ترامب بين الشعب الإيراني والحكومة والحرس الثوري، وقال: إن الحرس الثوري لا يمثل الشعب الإيراني، وإن عيد النوروز أقدم من الجمهورية الإسلامية في إيران، وإن حكام إيران يعملون لمصالحهم وليس لصالح الشعب الإيراني.

وأضاف ترامب، أن الحرس الثوري معادٍ وكاذب وسبب القحط لإيران، فهو قد استهلك 16 مليار دولار من ثروات إيران على الحروب الخارجية في سوريا والعراق واليمن منذ العام 2012م، وهو ما سبب الفقر والبطالة في إيران.

وقال -في خطابه- إن الولايات المتحدة الامريكية ستقف إلى جانب الشعب الإيراني، وأنه سيدعم الإيرانيين في الحصول على المعلومات عبر الفضاء الإلكتروني.

تشير تصريحات ترامب -في خطاب النوروز- إلى الاستهداف المباشر للنظام الإيراني، وأن الأمر لا يقتصر على مسالة تعديل الاتفاق بل تعديل السلوك الخارجي الذي ينبع من الداخل الإيراني. ولذلك فمن المتوقع أن يقوم ترامب بتغييرات واسعة في المؤسسات المعنية بالداخل الإيراني للضغط أكثر على النظام الحاكم، مثل مؤسسة صوت أمريكا وراديو فردا والمؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان. بما يحرك المؤسسات الإيرانية في الخارج للضغط على النظام الحاكم في المحافل الدولية.

ربما يعجبك أيضا