حرب ناقلات جديدة.. هل يصبح مضيق هرمز ساحة مواجهة بين واشنطن وطهران؟

إيران تمتلك فرصة مثالية لاستهداف السفن في مضيق هرمز

آية سيد
حرب ناقلات جديدة.. هل يصبح مضيق هرمز ساحة مواجهة بين واشنطن وطهران؟

بما أن واشنطن سترد على مقتل جنودها الـ3، قد تنتقم طهران عن طريق إيذاء السفن التي تعبر مضيق هرمز.


ردًا على مقتل 3 جنود أمريكيين في هجوم بمسيّرة نهاية يناير الماضي، شنت الولايات المتحدة ضربات على أهداف مرتبطة بإيران في العراق وسوريا في 2 فبراير الحالي.

لكن، أيا كانت الخطوات الأخرى التي ستتخذها واشنطن، سيصبح الشحن البحري في مضيق هرمز في موقف صعب، نظرًا لأن السفن التجارية تعتمد بشدة على الممر المائي الذي تتحكم إيران في جانب منه وتضايق السفن باستمرار.

ارتفاع المخاطر

في تحليل بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، أمس الثلاثاء 6 فبراير 2024، لفتت الزميلة بشبكة القيادة الأوروبية، إليزابيث براو، إلى أن الولايات المتحدة تأمل أن تبعث الضربات رسالة واضحة لإيران دون تصعيد الصراع غير المباشر إلى مواجهة مباشرة. وقد تتبع الضربات أعمال انتقامية أخرى.

لكن حتى إذا لم ينتشر القتال، فإن المضيق أصبح أكثر خطورة. ويُعد مضيق هرمز مسطحًا مائيًا حيويًا. وفي 2022، عبر 21 مليون برميل من النفط المضيق يوميًا، أي ما يساوي 21% من الاستهلاك العالمي للسوائل البترولية.

ويُعد المضيق أيضًا نقطة اختناق، فهو مسطح مائي ضيق منقسم بين إيران وعمان، حيث يمكن تعطيل حركة الملاحة بسهولة بسبب العواصف، أو الحوادث، أو الأفعال المتعمدة من الأطراف المعنية.

حرب ناقلات جديدة.. هل يصبح مضيق هرمز ساحة مواجهة بين واشنطن وطهران؟

معلومات عن مضيق هرمز

حرب الناقلات

خلال حرب إيران والعراق في الثمانينات، بدأ العراق مهاجمة السفن المتجهة لإيران، وبعد فترة انتقمت إيران، وسرعان ما أصبح الخليج العربي ومضيق هرمز غارقان في ما أصبح يُعرف بـ”حرب الناقلات”. وحسب براو، كانت حربًا جامحة، واستهدفت الدولتان السفن بالصواريخ والألغام البرية، وتعرضت سفن من بلاد مختلفة للهجوم.

إلا أن السفن واصلت الإبحار في المضيق والخليج على أية حال لأن العالم احتاج إلى النفط. وبنهاية حرب الناقلات، قُتل أكثر من 320 بحارًا تجاريًا، أو أُصيبوا، أو فُقدوا، في حين تضررت 340 سفينة تجارية، وحوالي 30 مليون طن من الشحنات، وغرقت 11 سفينة.

تعلم الدرس

رغم أن حرب الناقلات لم تكن فكرة إيران، أشارت براو إلى أن الإيرانيين تعلموا الدرس الواضح، وهو أنه طالما العالم يحتاج إلى النفط، ستحتاج السفن إلى التوجه إلى الخليج العربي، وهذا يمنح طهران فرصة مثالية لاستهداف السفن التي تختارها.

وفي الواقع، هذا هو ما كانت تفعله على مدار الـ5 أعوام الماضية. وفي أغسطس الماضي، دفعت هذه الهجمات على السفن التجارية الولايات المتحدة إلى إرسال قوة مهام تضم بحارة، وجنود مارينز، وسفينة هجومية برمائية، وسفينة إنزال، وغيرها من السفن، إلى المضيق لحماية سفن الشحن.

تقييم الخطر

الآن، بما أن واشنطن سترد على مقتل جنودها الـ3، قد تنتقم طهران عن طريق إيذاء السفن التي تعبر مضيق هرمز. وفي هذا الصدد، قال الأدميرال الأمريكي المتقاعد، أندرو لويس، إن خسارة نفط الخليج العربي “لن تؤثر في أمريكا كثيرًا، لكنها ستؤثر في حلفائنا”.

ووفق براو، تقيّم صناعة الشحن خطر وقوع المزيد من الهجمات في المضيق. وفي هذا الشأن، قال مدير شركة “دي إن كيه” للتأمين البحري، سفين رينجباكين: “لقد بحثنا هذ المسألة باستفاضة”.

وأضاف: “بغض النظر عما إذا كانت هذه نهاية الرد الأمريكي أو قررت الولايات المتحدة الانتقام من الحرس الثوري، يمكن أن يهاجم الإيرانيون السفن التجارية. وهذا هو ما كانوا يفعلونه لسنوات، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأنهم لن يستغلوا هذه الفرصة”.

3 بؤر توتر في الشرق الأوسط تؤثر في الأسواق العالمية

خريطة لموقع مضيق هرمز

حرب غير معلنة

أشار رينجباكين إلى أن الإيرانيين قد يختارون فعل ذلك خلسة، وقال: “يمكن أن يختبئوا خلف الإنكار المقبول ويتظاهروا أن التدخل مرتبط بحادثة سابقة، مثل التهريب أو ما شابه، أو ينفذون هجمات خارج مياههم مثلما فعلوا في 2019”.

وطالما لا تعلن إيران الحرب على الولايات المتحدة أو الدول الأخرى المرتبطة بالسفن التي تعبر مضيق هرمز، لا يوجد الكثير لتفعله القوات البحرية الأمريكية أو غيرها لحماية السفن هناك، وفق براو.

وفي هذا السياق، قال الأدميرال المتقاعد لويس: “إذا لم تكن حربًا معلنة، توجد حدود بناءً على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”. وأضاف رينجباكين: “القوات البحرية يمكنها المراقبة وربما التدخل في المياه الدولية، لكن بخلاف ذلك، لا يوجد الكثير لتفعله”.

تداعيات التصعيد

من جهة أخرى، قال أمين لجنة الحرب المشتركة، التي تقيّم المخاطر البحرية، نيل روبرتس، إن إيران “لديها قدرة مثبتة، لكنها لن تستفيد من إغلاق مضيق هرمز، ولهذا كانت حريصة على إبقاء أعمالها السابقة محدودة”.

وأشارت براو إلى أن إيران لن تحتاج إلى محاولة إغلاق المضيق، ويمكنها فقط أن تنقل أن المخاطر على الشحن التجاري هناك سترتفع. وإذا كانت طهران ستصعّد للدرجة التي تؤدي إلى حرب ناقلات جديدة، سيتعين على شركات الشحن والتأمين إجراء حسابات كبيرة.

ونوّهت الباحثة إلى أن تصعيد الهجمات على سفن الشحن في مضيق هرمز سيكون أخطر بكثير من هجمات الحوثي في البحر الأحمر.

ربما يعجبك أيضا