دفاعًا عن “البريكست”.. تيريزا ماي على حافة الهاوية

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان
 
عقارب الساعة في بريطانيا يبدو أنها تعود للوراء، تحديدا إلى العام 1990 عندما أعلنت المرأة الحديدية مارجريت تاتشر انسحابها من الانتخابات وتم التصويت بمجلس العموم على سحب الثقة من حكومتها، في واحد من أهم التحولات الدراماتيكية في تاريخ المملكة المتحدة، اليوم الثلاثاء، سيشهد  قصر وستمنستر الشهير تحولا جديدا أثاره ستمتد لأجيال.

بحلول المساء سيصوت مجلس العموم على صفقة تريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي، ليسدل الستار على خمسة أيام من الجدل المتواصل حول “صفقة ماي”، وسواء تم رفض الصفقة  – وهو الأمر المرجح- أو تم تمريرها، فإن حرب البريكست ستستمر لأجيال – كما تقول صحيفة الجارديان في افتتاحيتها-  الضجيج سوف يستمر، سواء ربح فريق البقاء في الاتحاد الأوروبي أو خسر، لكن إجراء استفتاء جديد سيكون جحيما من نوع آخر.

مساء أمس، أصدر مجلس اللوردات البريطاني توبيخاً لاذعاً لصفقة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وحذر من مخاطر الخروج من دون اتفاق، وذلك في تصويت أولي على رفض الصفقة بمجلس العموم اليوم، وأظهرت نتائج التصويت رفض الصفقة من قبل321 عضوا مقابل 152 صوتا فقط لصالحها.

هذه الانتكاسة لحكومة ماي عشية التصويت الحاسم بمجلس العموم، جعلت عناوين الصحف البريطانية اليوم ترجح بقوة أن ثاني أٌقوى سيدة بالعالم ستواجه هزيمة ساحقة تحت قبة وستمنستر، بعد أن صارعت الوقت طوال شهر كامل لكسب الدعم الكافي لتمرير صفقتها دون جدوى.
 

تحتاج رئيسة الوزراء إلى 318 صوتًا داخل البرلمان لتمرير الصفقة، وفي حال منيت بهزيمة ثقيلة سيكون أمام حكومتها 21 يوما لتقديم خطة بديلة، الأزمة هنا أن تيريزا ماي ستحضر إلى مجلس العموم بخفي حنين، والأمر الأصعب أن صفقتها نجحت في تجزئة المجلس إلى فصائل متناحرة سياسيا.. إليكم نظرة سريعة على أهم هذه الفصائل:

فريق “نعم” لصفقة ماي:

الوزراء والعاملين بالحكومة: هي مجموعة فردية تتزعمها تيريزا ماي، وتتكون – بحسب صحيفة الجارديان-  من نحو 150 نائبًا، غالبيتهم من حزب المحافظين ويمكن للسيدة ماي أن تضمن أصوات الوزراء والمستشارين الحكوميين في لوبي “نعم للاتفاق”، إلا أن هذا لن يكون كافيا.

مجموعة تأمين ولادة البريكست: هي عبارة عن تحالف فضفاض من نواب المحافظين، الذين يعتقدون أنه يجب تمرير صفقة البريكست وإنهاء الكابوس، وذلك على الرغم من أن الكثير منهم غير متحمس بشكل كامل لصفقة ماي أو حتى الخروج من الاتحاد الأوروبي، ورأس هذه المجموعة: النائب المحافظ سيمون هارت.

مجموعة دعم الخطة البديلة: هذه المجموعة تتكون من أعضاء حزب المحافظين أمثال نايك بولس ونيكي مورغان، ولديهم مشروع قانون لإنهاء مأزق الانفصال في حال تم رفض خطة ماي، فكرته الأساسية تعتمد على منح لجان برلمانية مختارة مسؤولية التوصل إلى خطة بديلة لتأمين الانفصال، وعلى الرغم من ذلك أعلنوا أنهم سيصوتون لصالح صفقة ماي اليوم.

متمردي حزب العمال: هي مجموعة صغيرة برئاسة النائب جون مان، وكانت ماي تأمل في أن تكون هذه المجموعة أكبر بشكل يؤمن لها النصر المنشود إلا أن هذا لم يحدث، والبعض يرجح أن تنضم بعض الأصوات الجديدة إلى هذه المجموعة خلال اللحظات الأخيرة، بفعل الجدل القائم حول موقف زعيم حزب العمال جيرمي كوربين من اليهود ومعاداة السامية.

فريق “لا” للصفقة:

جبهة صقور حزب العمال: هو فريق لا يستهان به يتجاوز عناصره الـ 230 نائبا بزعامة كوربين، ولم تحاول ماي طوال الفترة الماضية فتح قنوات تشاور مع حزب العمال، وبغض النظر عن موقفه الرافض للصفقة، فلدى الجبهة العمالية أهداف سياسية يجب وضعها في الاعتبار، لعل أهمها  رغبتها في الدخول إلى الحكومة عبر الإصاحة بحكومة ماي والذهاب إلى انتخابات عامة مبكرة، وليس أدل على ذلك من تصريحات كوربين بشأن خطط الحزب للمطالبة بتصويت حجب الثقة عن ماي في حال خسرت تصويت اليوم.

جبهة حمائم “العمال”:  خلال الأسبوع الماضي تجدد الأمل في أن بعض نواب الحزب يمكن ضمهم إلى “لوبي نعم”، في حال قبلت الحكومة بتعديل على بنود الصفقة يمنح ضمانات إضافية لحقوق العمال بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أن بعض رموز هذه الجبهة أمثال كارلين فلينت وغاريث سنيل صرحوا بأنهم سيصوتون ضد الصفقة.

متمردو المحافظين: مجموعة من نواب المحافظين يتحدون رئيسة الوزراء ويعتقدون أن صفقة ماي كانت بمثابة إذلال لبريطانيا، لذا من المرجح أن يسعون اليوم إلى الإطاحة بالسيدة ماي بعد أن فشلوا في طردها من داوننج ستريت في ديسمبر الماضي، أبرز رموز هذه المجموعة الوزراء السابقون بوريس جونسون وديفيد ديفيس ودومينيك راب.

فريق الاستفتاء الثاني: مجموعة نواب من مختلف الأحزاب السياسية، تطالب بالأساس يإعطاء الناخبين فرصة جديدة للتصويت على ملف الانفصال، وأبرز وجوه هذا الفريق  النائبة سارة ولاستون والوزير السابق جو والنائبة كارولين لوكاس.

حزب الديمقراطيين الأحرار: بحسب موافقه العلانية هذا الحزب سيصوت ضد الصفقة.

الحزب القومي الاسكتلندي: من المتوقع أن يعارض نوابه الـ35 أيضا الصفقة، فهو ضد أي انفصال.

خيارات ماي

رئيسة الوزراء حذرت في وقت سابق، من أن رفض صفقتها سيفتح الباب أمام احتمال وقف عملية الخروج أو أن تنفصل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، ما يعني مزيد من الفوضى، ووعدت ماي بأن ردها سيكون سريعا إذا آلت الأمور إلى الهزيمة اليوم.. إذا ما هي الخيارات أمام السيدة ماي؟

الخطة البديلة:
في حال الهزيمة، ربما تلجأ ماي إلى طرح خطة بديلة للانفصال تتضمن تنازلات للفريق المعارض للصقفة، وربما تطلب مجموعة أخرى من التطمينات من الاتحاد الأوروبي، وتعود بخطتها الجديدة إلى البرلمان.

الانسحاب:
يرجح البعض أن تلجأ ماي إلى الاستقالة باعتبارها الخيار الأكثر أمانا، وفي هذه الحالة سيكون على حزب المحافظين اختيار البديل، دون الحاجة لانتخابات عامة.

سحب الثقة:
هو خيار سيكون إجباري، في حال قرر رئيس حزب العمال تنفيذ تهديده والمطالبة بالتصويت على سحب الثقة من الحكومة، بغية تولي مقاليد الأمور، وهذا الخيار قد يقود البلاد إلى انتخابات عامة مبكرة، في حال فشل “العمال” في تأليف حكومة جديدة أو دعت ماي قبل سحب الثقة إلى إجراء الانتخابات.

استفتاء جديد:
هذا الخيار يتحكم فيه بصفة أساسية البرلمان، وبحسب الصحف المحلية هناك أغلبية من مختلف الأطياف السياسية تؤيده، لكن كخطوة ثانوية حتى اللحظة، إذ يتطلب موافقة الاتحاد الأوروبي على تمديد الفترة اللازمة للخروج والتي يتعين أن تنتهي مارس المقبل.

إلغاء أو تأجيل الانفصال: هي خطوة مستبعدة من قبل حكومة ماي، لكنها بحسب كثيرين وشيكة فرفض الصفقة، على الأرجح سيتبعه تقنيا تمديد المادة 50 من معاهدة لشبونة، لتأجيل الانفصال وأعطاء فرصة للبريطانيين لإجراء استفتاء جديد أو إجراء انتخابات مبكرة أو التعديل على الصفقة بدعم من الشركاء الأوروبيين.

بحسب تحليل لصحيفة الجارديان هناك أكثر من 200 نائب تأكد أنهم سيصوتون الليلة ضد صفقة ماي، فيما أكد النائب المحافظ كريس فيليب رصد تحولات في مواقف نواب مجلس العموم، يمكن التعويل عليها لضمان النجاة للصفقة باعتبارها الطريق الأفضل لتحقيق نتائج استفتاء 2016.

 

ربما يعجبك أيضا