دعم أوروبا لأوكرانيا يستفز روسيا.. وقلق في دول البلطيق

بسام عباس

 

أعلن وزير الدفاع البيلاروسي، فيكتور خرينين، اليوم الأحد، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، قررا استمرار التدريبات العسكرية بين البلدين، وذلك بسبب زيادة النشاط العسكري بالقرب من الحدود الشرقية للبلاد وتفاقم الوضع في دونباس شرقي أوكرانيا، وفق ما ذكرته شبكة سي إن إن.

وقالت بيلاروسيا إن الجنود الروس الذين يشاركون في تدريبات مشتركة، والبالغ عددهم 30 ألف جندي، سيبقون في البلاد إلى أجل غير مسمى رغم تعهدات سابقة من موسكو بأنهم سيعودون إلى قواعدهم.

تصعيد جديد على خط المواجهة

قالت صحيفة فاينانشيال تايمز الأمريكية إن هذا الإعلان جاء في اليوم الذي كان من المقرر أن تنتهي فيه المناورات العسكرية المشتركة في بيلاروسيا، ما يزيد من مخاوف الغرب إزاء مخططات روسيا لغزو أوكرانيا، خاصة في ظل حشد موسكو نحو 190 ألف جندي على الحدود الأوكرانية، بما في ذلك الجنود المشاركون في التدريبات في بيلاروسيا.

وذكرت الصحيفة أن الصراع بين الانفصاليين المدعومين من روسيا وقوات الحكومة الأوكرانية في دونباس تصاعد في الأيام الأخيرة، وأن الانفصاليين اتهموا القوات الأوكرانية بخرق وقف إطلاق النار، وأمروا بإجلاء المدنيين في خطوة قالت كييف وحلفاؤها الغربيون إنها قد تكون مقدمة لغزو روسي، وقد نوهت كييف بقصف عنيف على مواقعها على خط المواجهة.

ولفتت الصحيفة إلى أن أكثر من 14 ألف شخص لقوا مصرعهم في شرق أوكرانيا في حرب بطيئة الاشتعال اندلعت بعد أن انتزعت موسكو شبه جزيرة القرم من كييف بالقوة في عام 2014.

الدعم الغربي يشجع كييف على الحل بالقوة

قال المتحدث باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، للتلفزيون الحكومي اليوم الأحد، إن “التوترات تصاعدت إلى أقصى حد على خط التماس” في دونباس. وحذر من أن “أي شرارة أو أي حدث غير مخطط له أو استفزاز بسيط يمكن أن يؤدي إلى عواقب لا رجعة فيها”.

وأضاف بيسكوف أن المزاعم الغربية بأن روسيا كانت تخطط لغزو وشيك هي مزاعم “استفزازية” و”يمكن أن تكون لها نتائج كارثية”، مكررًا نفي بوتين أن روسيا ستهاجم أوكرانيا، كما زعم أن الدعم الغربي يشجع كييف على “حل مشكلة دونباس بالقوة”، وهو اتهام نفته أوكرانيا كثيرًا.

فيما ألقى خرينين باللوم في التوترات المتزايدة على دعم الناتو لأوكرانيا وعمليات الانتشار الأخيرة في الدول المجاورة، والتي قال إنها تهدد روسيا وبيلاروسيا، وأضاف: “هناك استنتاج واحد تنبعث رائحة البارود منه بقوة في أوروبا”.

محاولات أوروبية لحل الأزمة

ذكرت الصحيفة الأمريكية أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأحد، في أحدث محاولة غربية لإقناع الرئيس الروسي بسحب قواته من حدود أوكرانيا وإلغاء أي غزو.

وأضافت أنه بعد مكالمة منفصلة أجراها ماكرون مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم السبت، قال مسؤول فرنسي رفيع المستوى: “ما يفعله الرئيس ماكرون اليوم هو جزء من آخر الجهود الممكنة والضرورية لتجنب صراع كبير”.

ومن جانبه، حذر رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، اليوم الأحد روسيا من أنها ستواجه “أشد العقوبات المالية الممكنة” كجزء من الإجراءات التي تستهدف إدارة فلاديمير بوتين في حال قرر غزو أوكرانيا، وقال لبرنامج صنداي مورنينج التلفزيوني على شبكة بي بي سي: “سنوقف مع أصدقائنا الأمريكيين المتاجرة بالجنيه والدولار”، مضيفاً أنَّ الحكومة تتخذ مزيدًا من الخطوات “لتفكيك واجهة الممتلكات العقارية الروسية سواء في هذه المدينة أو في أي مكان آخر”.

مخاوف في دول البلطيق

رغم أنه من غير المرجح حدوث هجوم وشيك على دول البلطيق، فإن الدول الثلاث، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، تشعر بالقلق تجاه قدرة روسيا على عزلها عن بقية أوروبا عبر فجوة سوالكي، التي تقع بين بولندا وليتوانيا، العضوتين في الناتو، على حدود يبلغ طولها 65 كيلومترًا، والتي يُنظر إليها على أنها إحدى أكثر نقاط الناتو ضعفًا، فإلى الغرب منها يوجد معقل كالينينجراد الروسي المسلح بكثافة، وإلى الشرق بيلاروسيا.

يذكر أن دول البلطيق، التي ضمتها موسكو عنوة وعلى نحو غير قانوني بعد الحرب العالمية الثانية، هي الدول السوفيتية السابقة الوحيدة التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، تقدم نموذجًا يحتذى لدول مثل أوكرانيا، فيما تمثل استفزازًا لروسيا بدفاعها الشرس عن حرياتها.

ونقلت صحيفة فاينانشيال تايمز عن السكرتير الدائم بوزارة الدفاع الإستونية، كوستي سالم، قوله: إن المناورات الحربية في بيلاروسيا تعني أن عدد القوات الروسية في المنطقة يبلغ عشرة أضعاف ما يمتلكه الناتو في الجناح الشرقي في دول البلطيق وبولندا، مضيفًا أن إظهار قوة روسيا وجاهزيتها العسكرية كان “تغييرًا جذريًا لم يحدث منذ عقود”، لافتًا إلى أن استمرار الوضع الحالي يستدعي أن يكون هناك تغيير جذري في وضع القوة في الناتو أيضًا.

ربما يعجبك أيضا