العصر الجيوسياسي الجديد وتمسك جونسون بالسلطة.. جولة في مقالات الرأي

آية سيد

هل الحرب الروسية الأوكرانية مسؤولة عن أزمة الطاقة العالمية؟ ولماذا يُفسد تمسك بوريس جونسون بالسلطة الديمقراطية؟ وما العواقب العالمية للحرب المطولة في أوكرانيا؟


أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار النفط حول العالم، وربما لم تكن السبب الوحيد وراء أزمة الطاقة الحالية.

وفي جولة في أهم الصحف العالمية، نستعرض ما أبرزته مقالات الرأي عن أزمة الطاقة التي يواجهها العالم، وكيف أن تمسك بوريس جونسون بالسلطة في بريطانيا يُفسد الديمقراطية، والعواقب العالمية للحرب المطولة في أوكرانيا.

هل الحرب الروسية الأوكرانية مسؤولة عن أزمة الطاقة الحالية؟

في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في 23 إبريل 2022، رأت أستاذة الاقتصاد السياسي بجامعة كامبريدج البريطانية، هيلين تومسون، أن أزمة الطاقة الحالية وتكاليفها والسياسة المتعلقة بها لن تنتهي قريبًا.

وأشارت تومسون إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية ليست وحدها من سببت الأزمة. فقبلها بعام صارع العرض كي يلبي الطلب، ما جعل الأسعار ترتفع. وإضافة إلى هذا انخفض إنتاج النفط الصخري الأمريكي في 2020 وتراجع معدل نمو الغاز الصخري.

وفضلًا عن هذا، عجز الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن إحياء اتفاق إيران النووي الذي كان سيعيد النفط الإيراني إلى الأسواق. هذا جعله يطلب من المنتجين الآخرين زيادة إنتاجهم العام الماضي، لكن دون جدوى. وفي الوقت نفسه ارتفع طلب الصين على واردات الغاز بنسبة 21% في 2021، ما ساعد في رفع أسعار الغاز الأوروبي 6 أضعاف تقريبًا في الفترة بين مارس وديسمبر.

عصر جيوسياسي جديد

لفتت تومسون إلى أن أوجه الشبه بين الفترة الحالية والسبعينات واضحة، عندما كانت صدمة النفط في أعقاب حرب أكتوبر 1973 مدمرة اقتصاديًّا وجيوسياسيًّا. ثم أعقبتها الثورة الإيرانية في 1979 وغزو العراق لإيران الذي أقحم الدولتين المُنتجتين للنفط في حرب طويلة.

أدى هذا إلى تبدد عصر جيوسياسي، عندما كانت الولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط وبريطانيا هي الضامن العسكري لمصالح الطاقة الغربية في الشرق الأوسط. وعندما تولت الدول العربية السيطرة على الإنتاج والأسعار من الشركات الإنجليزية-الأمريكية الـ7 الكبرى، ركدت الاقتصادات الغربية تحت الضغط التضخمي. أدى هذا إلى إشعال الاحتجاجات والاضطرابات وإعادة المواءمات الانتخابية.

ارتفاع الطلب الآسيوي على الطاقة

الآن، ارتفع الطلب الآسيوي على الطاقة، والطلب على الغاز والفحم ربما يتجاوز الإنتاج العالمي على مدار السنوات القليلة القادمة. وبحسب تومسون، يبدو أننا دخلنا عصرًا سيتعين على الدول فيه أن تتنافس على الوقود الأحفوري المتبقي، وعلى الحكومات أن تختار التحالفات الجيوسياسية لتأمينه.

هذا من شأنه أن يزيد التوترات الجيوسياسية على الغاز في مناطق مثل البحر المتوسط. وأن غياب روسيا قد يعيق إحياء الاتفاق النووي مع إيران. وأيضًا، سيؤثر في السياسة الداخلية حيث سيعطل التحول إلى الطاقة النظيفة والمتجددة.

بقاء بوريس جونسون في السلطة يُفسد الديمقراطية

نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقالًا للكاتب جوناثان فريدلاند، في 22 إبريل 2022، رأى فيه أن بقاء رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في السلطة يُفسد النظام الديمقراطي. وذكر فريدلاند أن سلطة جونسون انتهت عندما أمل هو وفريقه في توجيه أعضاء حزب المحافظين في البرلمان لمنع أو تأجيل اقتراح حزب العمال بالتحقيق مع جونسون بتهمة تضليل البرلمان عمدًا. ورفض الكثير من المحافظين فعل ذلك.

ووفقًا لفريدلاند، أظهر استطلاع لـ”يو جوف”، الأسبوع الماضي، أن 78% من البريطانيين يعتقدون أن جونسون كذب بشأن “بارتي جيت”. ورأى 17% من الناخبين المحافظين أنه قال الحقيقة. ولفت فريدلاند إلى وجود العديد من أعضاء حزب المحافظين يعتقدون أن رئاسة جونسون في حالة تدهور لا رجعة فيه.

وأشار فريدلاند إلى أن فضيحة “بارتي جيت” ورفض جونسون التنحي عن منصبه تضر بنظام الحكم. ولفت إلى أن الشرطة قررت أن تسلك مسار العمل الملائم للحكومة في التحقيقات. وبحسب فريدلاند، فإن بقاء جونسون في السلطة يضر بالعناصر الأساسية للهيئة السياسية الديمقراطية، وينتشر الفساد عبر المؤسسات. هذا سيؤدي إلى انخفاض الثقة في الشرطة، لأنها جعلت نفسها تبدو منحازة سياسيًّا.

العواقب العالمية للحرب المطولة

أوردت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، في 20 إبريل 2022، تحليلًا للكاتبين ليانا فيكس ومايكل كيميج ذكرا فيه أن روسيا وأوكرانيا قد لا تحققان أهدافهما من الحرب. ويتمثل هدف أوكرانيا في طرد القوات الروسية بالكامل من أراضيها، وهدف روسيا هو السيطرة على أوكرانيا.

وبدلًا من التوصل إلى حل نهائي، ربما تأذن الحرب بحقبة جديدة من الصراع تتسم بدورة من الحروب الروسية في أوكرانيا. وفي هذه الحالة، قد يكون الوقت في صالح روسيا. وأشار التحليل إلى أن الحرب المطولة في أوكرانيا ستكون لها عواقب وخيمة على أوروبا، التي لن تصبح كاملة وحرة وتعيش في سلام.

وأن عواقبها العالمية ستشمل مفاقمة المجاعة، التي تُعد محركًا للاضطراب العالمي. وربما تتعرض الشعوب في إفريقيا والشرق الأوسط إلى أزمات سياسية بسبب آثار الحرب. ومع استمرار الحرب، ستزداد العقوبات وتستمر أسعار النفط والسلع في الارتفاع. وسيشعر الأوروبيون بالآثار الاقتصادية للحرب، ما يجعل دعمهم لأوكرانيا يضعف كلما طالت الحرب.

لماذا تفضل روسيا وأوكرانيا الحرب المطولة؟

بحسب التحليل، رغم أن الحرب كانت خطأ استراتيجيًّا من روسيا، فمن المستبعد أن يعترف بوتين بإخفاقه. ولذلك، ربما يلجأ إلى حرب الاستنزاف. ولفت التحليل إلى أن الحرب المطولة قد تسمح لروسيا بتجنيد مئات الآلاف من الجنود الجدد وتدريبهم، وإعادة بناء جيشها.

وستسمح لبوتين بالضغط على التحالف العابر للأطلسي. وربما يراهن على التحولات السياسية في أوروبا والولايات المتحدة، مثل إعادة انتخاب ترامب في 2024 أو فوز مارين لوبان في فرنسا.

وبالنسبة لأوكرانيا، فلديها أسباب كثيرة لعدم القبول حاليًّا باتفاق لوقف إطلاق النار حسب الشروط الروسية، نظرًا للأداء المدهش الذي يقدمه الجيش الأوكراني، لكن الحرب المطولة تفرض تحديات سياسية على أوكرانيا، التي ستحتاج إلى الحفاظ على نظامها السياسي وديمقراطيتها حتى الانتخابات الرئاسية القادمة في 2024.

ربما يعجبك أيضا