روسيا تسعى لإعلان انتصار “الأسد” وإخراج إيران ومليشيايتها من سوريا

يوسف بنده

رؤية

قال الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، يوم الأحد الماضي، إن الوجود الإيراني في سوريا مستمر ما دام النظام السوري يطلب ذلك.

وقال شمخاني: إن هذه الاستراتيجية الإيرانية ثابتة ولا تعرف التغيير ولا تختص بسوريا فحسب. وهو ما يعني أن طهران تصر على سياستها الخارجية وترفض الضغوط الأمريكية والإقليمية للتراجع عن تداخلاتها في دول المنطقة.

دعوة روسيا لخروج الجميع

وتجري الكثير من التغييرات في الملف السوري بعد أن نجحت روسيا في عقد تفاهمات مع فصائل مسلحة بالانسحاب وسيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد على العاصمة دمشق ومحيطها.

وتسير تلك التغييرات عكس مصالح إيران التي تبدو غير مرغوب فيها على الأراضي السورية من روسيا التي لا تفتأ تشدد على ضرورة انسحاب جميع القوات الأجنبية (والمقصود أساسا إيران وميليشياتها)، ومن الأسد نفسه الذي يفضل أن يبقى تحت المظلة الروسية على الرغم من التصريحات المجاملة لطهران والتي يطلقها بعض وزرائه أحيانا.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الإثنين، إن قوات الحكومة السورية فقط هي التي يجب أن تتواجد على الحدود الجنوبية للبلاد والقريبة من الأردن وإسرائيل، في إشارة واضحة إلى ضرورة انسحاب القوات المحسوبة على إيران والتي كانت وراء هجمات إسرائيلية متتالية.

ويقول محللون: إن روسيا تدافع عن توسيع دائرة سيطرة القوات الحكومية السورية لتشمل مناطق كثيرة بينها الجنوب، بهدف إحراج إيران ودفعها إلى سحب الميليشيات الحليفة لها، خاصة أن طهران وحزب الله غلفا تدخلهما في سوريا بمساعدة النظام على استعادة سيطرته على الأراضي السورية، وهو ما يجعل استمرار وجودهما الآن غير مبرر.

ويشير هؤلاء، إلى أن روسيا تريد أن تفرغ من تفكيك وجود الميليشيات اللبنانية والعراقية والباكستانية المتمركزة في مناطق سيطرة النظام، وهي مناطق تحررت بفضل القوات الروسية وواقعة فعليا تحت حمايتها، قبل التفرغ لمطالبة الولايات المتحدة وتركيا بالانسحاب من المناطق التي تسيطر عليها.

ويسيطر مسلحو المعارضة على مساحات واسعة من تلك المنطقة، وشنت إسرائيل ضربات جوية مكثفة داخل سوريا هذا الشهر مدفوعة بما قالت إنه قصف صاروخي إيراني من تلك المنطقة على مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.

وقال وزير الخارجية الروسي -في مؤتمر صحفي مشترك في موسكو جمعه بوزير خارجية موزامبيق جوزيه كوندونجوا باتشيكو- “من المؤكد أنه يجب تنفيذ انسحاب جميع القوات غير السورية بشكل متبادل، يجب أن يكون هذا الأمر بمثابة طريق ذي اتجاهين”.

وأشار لافروف إلى أن اتفاقية أستانة حول سوريا، تؤكد سحب القوات الأجنبية من مناطق خفض التوتر.

وأعرب عن أمله بسحب الولايات المتحدة قواتها من منطقة التنف جنوب شرقي سوريا على الحدود مع العراق والأردن، موضحا أن تواجد وحدات عسكرية أميركية في قاعدة عسكرية بالتنف ليس له تفسير منطقي.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شدد منذ أيام، على ضرورة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا بعد تفعيل العملية السياسية، وذلك بعد لقاء له مع الأسد في مدينة سوتشي الروسية في 17 مايو الحالي.

وعقب هذا التصريح، أوضح المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية، ألكسندر لافرنتييف، أن سحب القوات الأجنبية من سوريا يخص جميع الجهات الأجنبية باستثناء روسيا.

نزع فتيل الأزمة

وأحدث هذا التصريح ارتباكا لدى طهران التي اضطرت للتأكيد على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي، على أنها “باقية في سوريا طالما استمر خطر الإرهاب وطالما بقيت الحكومة السورية تطلب المساعدة من إيران”.

وحسب تقرير صحيفة العرب، يعتقد المحللون أن إصرار روسيا على انسحاب القوات الأجنبية من الجنوب السوري يهدف بالأساس إلى إيجاد مسوغ سياسي لدفع إيران إلى سحب مستشاريها والميليشيات الحليفة من تلك المنطقة في سياق تفاهم روسي إسرائيلي تم تبنيه خلال زيارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتتالية إلى موسكو.

وفي تفاعل سريع مع مطالبة لافروف بانسحاب القوات الأجنبية، قال نتنياهو لكتلته في البرلمان في تصريحات بثها التلفزيون الاثنين “موقفنا بشأن سوريا واضح.. نعتقد أنه لا مجال لأي وجود عسكري إيراني في أي مكان في سوريا”.

لكن دفاع روسيا عن سيطرة القوات السورية على مناطق الجنوب ينتظر أن يثير تصعيدا مع الولايات المتحدة، كما سيثير مخاوف لدى الأردن، فضلا عن المعارضة السورية الموجودة في درعا والمشمولة باتفاق خفض التصعيد الذي تم الاتفاق على أن يكون برعاية الولايات المتحدة.

وتتهم المعارضة السورية روسيا بأنها تريد فرض انتصار الأسد على الأرض سواء بالعمليات العسكرية أو عبر اتفاقيات الإجلاء وإفراغ المناطق من المقاتلين، ومن ثمة فرض بقاء النظام كأمر واقع، ما يجعل الحل السياسي مجرد صيغة للاعتراف بانتصار النظام.

قلق أردني

وقال الأردن، الإثنين، إنه يناقش التطورات في جنوب سوريا مع واشنطن وموسكو وإن الأطراف الثلاثة اتفقت على ضرورة الحفاظ على منطقة “عدم التصعيد” التي أقيمت العام الماضي بعد جهود وساطة منها وساعدت في الحد من العنف.

وأشار مسؤول أردني كبير طالبا عدم نشر اسمه إلى أن الدول الثلاث التي وقعت اتفاق العام الماضي لإقامة المنطقة اتفقت على ضرورة الحفاظ عليها كخطوة مهمة “لتسريع وتيرة المساعي للتوصل إلى حل سياسي في سوريا”.

ويتخوف الأردن من أن يؤدي نقض الاتفاق على منطقة خفض التصعيد إلى عودة المعارك على حدوده ما قد يحمله أعباء إضافية مع موجة جديدة من المهاجرين، فضلا عن التداعيات الأمنية.

وقلصت الهدنة، وهي أول مسعى أميركي لحفظ السلام في الحرب السورية في عهد الرئيس دونالد ترامب، العنف في منطقة حساسة على وجه الخصوص تشمل أراضي سورية على الحدود مع إسرائيل.

وكانت الولايات المتحدة قد هددت باتخاذ إجراءات “صارمة” بحق دمشق في حال انتهك نظام بشار الأسد اتفاقا لوقف إطلاق النار وذلك غداة إلقاء الجيش السوري منشورات فوق محافظة درعا الجنوبية تحذر من عملية عسكرية وشيكة.

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت: “نحذر النظام السوري كذلك من القيام بأي تحركات تهدد بتوسيع النزاع أو زعزعة وقف إطلاق النار”، مضيفة أن ترامب أعاد التأكيد مع نظيره الروسي على الاتفاق خلال اجتماع في فيتنام عقد في نوفمبر.

وأوضحت أنه “بصفتها ضامنة لمنطقة خفض التصعيد هذه بالاشتراك مع روسيا والأردن، ستتخذ الولايات المتحدة إجراءات صارمة ومناسبة للرد على انتهاكات نظام الأسد”.

وتسيطر فصائل معارضة تعمل تحت مظلة النفوذ الأردني والأميركي، على سبعين في المئة من محافظة درعا وعلى أجزاء من المدينة مركز المحافظة بحسب المرصد.

وتتواجد الفصائل المعارضة عمليا في المدينة القديمة الواقعة في القسم الجنوبي من درعا فيما تحتفظ قوات النظام بسيطرتها على الجزء الذي يشمل الأحياء الحديثة ومقرات مؤسسات الدولة.

ربما يعجبك أيضا