زيارة نادرة.. ماذا يفعل بوتين في الصين؟

الزيارة هي الثانية منذ إصدار «الجنائية الدولية» مذكرة اعتقال بحق بوتين

آية سيد
زيارة نادرة.. ماذا يفعل بوتين في الصين؟

تسلط زيارة بوتين الضوء على اعتماده على الصين من أجل الدعم في الوقت الذي تتجه حربه في أوكرانيا إلى طريق مسدود.


وصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى بكين، اليوم الثلاثاء 17 أكتوبر 2023، لمقابلة نظيره الصيني، شي جين بينج.

وحسب ما أوردت وكالة أنباء رويترز، هذه الزيارة، الثانية منذ إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق بوتين في مارس الماضي، تهدف إلى إظهار الثقة والشراكة “اللا محدودة” بين البلدين.

منتدى الحزام والطريق

استقبل وزير التجارة الصيني، وانج وينتاو، بوتين عند وصوله إلى مطار بكين العاصمة الدولي صباح اليوم. ومن المقرر أن يحضر بوتين حفل الافتتاح الرسمي لـ”منتدى الحزام والطريق” في نسخته الثالثة، ويعقد محادثات مع قادة فيتنام، وتايلاند، ومنغوليا، ولاوس، اليوم الثلاثاء، وفق ما نقلت رويترز عن وسائل إعلام روسية.

زيارة نادرة.. ماذا يفعل بوتين في الصين؟

الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعد وصوله إلى مطار بكين العاصمة الدولي

وبصفته الضيف الرئيس للمنتدى، سيُلقي الرئيس الروسي كلمة بعد نظيره الصيني يوم غد الأربعاء، وسيعقد معه محادثات ثنائية في وقت لاحق من اليوم نفسه.

ووفق رويترز، يركز المنتدى على مبادرة الحزام والطريق، وهي خطة كبرى أطلقها شي جين بينج منذ عقد ويأمل أن تشيّد بنية تحتية وشبكات طاقة عالمية تربط آسيا مع إفريقيا وأوروبا عبر طرق برية وبحرية.

دلالة التوقيت

تأتي الزيارة في خضم الاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط بعد هجوم حماس على إسرائيل، الذي أعقبه قصف إسرائيلي لغزة وتوقعات بشن اجتياح بري. وحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أحجمت روسيا والصين عن اتباع خطى الدول الغربية في إدانة حماس مباشرة.

ودعت الدولتان إلى إنهاء العنف وإحياء المحادثات بشأن إقامة دولة فلسطينية. واتهم وزير خارجية الصين إسرائيل بالتمادي في انتقامها من غزة، في حين حث بوتين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على “منع وقوع كارثة إنسانية في قطاع غزة”، في مكالمة هاتفية أمس الاثنين.

طموحات مشتركة

زيارة نادرة.. ماذا يفعل بوتين في الصين؟

شي جين بينج وفلاديمير بوتين

أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن هذا التوافق الصيني الروسي بشأن صراع حماس وإسرائيل يعكس طموحاتهما الجيوسياسية. فالدولتان حاولتا تصوير أنفسهما كقادة للعالم النامي، جزئيًا لتعزيز موقفهما في العالم العربي، وعززتا علاقتهما بسبب المصلحة المشتركة في إضعاف القوة العالمية الأمريكية.

وتسلط زيارة بوتين الضوء على اعتماده على الصين من أجل الدعم في الوقت الذي تتجه حربه في أوكرانيا إلى طريق مسدود. وحسب نيويورك تايمز، يُعد شي أهم شريك لبوتين على الساحة الدولية، وقدم له غطاءً دبلوماسيًا وطوق نجاة مالي بعدما فرضت الدول الغربية عقوبات على روسيا.

صفقة مرتقبة

تشمل أولويات بوتين مقترح إنشاء خط أنابيب “باور أوف سيبيريا 2″، الذي سيساعد في إعادة توجيه إمدادات الغاز الروسية إلى الصين بدلًا من أوروبا. ولفتت نيويورك تايمز إلى أنه ليس من الواضح إلى أي مدى تدعم بكين المشروع، الذي سيتطلب إنشاء خط أنابيب عبر منغوليا.

وقد يتعقد إتمام الصفقة أيضًا بسبب الصراع بين إسرائيل وحماس، الذي قد تكون له تداعيات غير متوقعة على الشرق الأوسط ويؤثر في أسعار الغاز العالمية.

المصالح الصينية

في ظل اتجاه القتال في أوكرانيا نحو حرب استنزاف مطولة، وتوقعات الخبراء العسكريين بأن الجانبين لا يملكان فرصة قوية لتحقيق انتصار حاسم يُنهي الحرب، أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الوضع الراهن يناسب مصالح الصين.

هذا لأن استقرار خطوط المواجهة في أوكرانيا يعني أن الصين ليست مضطرة للتدخل إلى جانب روسيا لمنع هزيمتها عسكريًا. وكذلك فإن الحرب غير الحاسمة تترك موسكو معتمدة اقتصاديًا ودبلوماسيًا على بكين، ومشتتة بدرجة لا تسمح لها بمواجهة الصين في المناطق حيث تتداخل مصالحهما الجيوسياسية، مثل آسيا الوسطى.

شريك أساسي

يأتي اللقاء المرتقب بين شي وبوتين في الوقت الذي تعمل بكين وواشنطن لوقف التدهور في العلاقات بينهما. لكن المحللين يقولون إن مصالح الصين على المدى البعيد تفضل العلاقات الوثيقة مع روسيا، وفق الصحيفة الأمريكية.

وفي هذا السياق، قالت مديرة برنامج الصين بمركز ستيمسون الأمريكي، يون صن، عن شي وبوتين: “العلاقة الوثيقة تزداد قوة، ولم تتأثر في جوهرها بالتحسن في العلاقات الأمريكية الصينية”، مضيفة أن “الصين لا تؤمن باستدامة هذا التحسن، ولذلك تظل روسيا شريكًا أساسيًا” في مواجهة الولايات المتحدة.

ورأت صن أن الصين تركز حاليًا على تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وقد تعرض المساعدة لتخفيف أزمة غزة إذا كان هذا يعني كسب بعض النفوذ على واشنطن. وقالت: “على المستوى الاستراتيجي، تتنافس الصين على النفوذ في الشرق الأوسط، لكن على المستوى التكتيكي وفي المدى القريب، سيوّد الصينيون أن تطلب واشنطن المساعدة”.

ربما يعجبك أيضا