سريلانكا تعلن التخلف عن سداد ديونها.. والأزمة تهدد دولًا أخرى

آية سيد

أعلنت سريلانكا عجزها عن سداد ديونها للمرة الأولى في تاريخها، وسط أزمة اقتصادية وسياسية طاحنة. ويحذر خبراء أن الأزمة قد تمتد إلى دول أخرى.


تخلفت سريلانكا عن سداد ديونها للمرة الأولى في تاريخها، في الوقت الذي تشهد البلاد احتجاجات شعبية وأزمة سياسية بسبب الانهيار الاقتصادي.

وبحسب ما أوردت صحيفة بلومبرج الأمريكية، اليوم الخميس 19 مايو 2022، صرّح محافظ البنك المركزي، ناندالال ويراسينج، إن صناع السياسة في سريلانكا أبلغوا الدائنين بأن الدولة لن تستطيع سداد الديون إلى أن تُعاد هيكلتها، بالتالي فإن البلاد في حالة تخلف استباقي عن الدفع.

انتهاء المهلة المحددة لسداد الديون

ذكرت الصحيفة أن مدفوعات القسائم التي كانت مستحقة في 18 إبريل الماضي، بلغت 78 مليون دولار كإجمالي على سندات استحقاق 2023 و2028، بفترة سماح 30 يومًا انتهت يوم أمس الأربعاء. وتُعد هذه المرة الأولى التي تتخلف سريلانكا عن سداد ديونها السيادية في تاريخها منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1948.

ولفتت الصحيفة إلى أن السندات السريلانكية من بين الأسوأ أداءً هذا العام، ويستعد حاملوها لتكبد خسائر تقترب من 60 سنتًا على كل دولار. وإضافة إلى هذا، توقع ويراسينج أن يواصل التضخم الارتفاع ليصل إلى 40% خلال الشهور المقبلة.

من سيء إلى أسوأ

بعد استقالة رئيس الوزراء في سريلانكا، ماهيندا راجاباكسا، في 9 مايو الحالي، عُيّن رانيل ويكرمسينج خلفًا له. وفي أول خطاب له، حذّر ويكرمسينج أن الأزمة المالية التي تجتاح البلاد ستتفاقم وأن “الشهور المقبلة ستكون الأصعب على البلاد”، بحسب تقرير للجارديان البريطانية في 16 مايو.

وأعلن ويكرمسينج عن نفاد الوقود من البلاد. وقال إن انقطاع الكهرباء الذي كان يستمر لـ8 ساعات في اليوم، سيزداد سوءًا في الشهرين المقبلين. وفي حين أنه توجد سفن تحمل وقودًا في ميناء كولومبو، اعترف رئيس الوزراء أن الحكومة لا تستطيع تحمل تكلفتها حاليًّا.

ووفقًا للجارديان، اعترف ويكرمسينج في خطابه أنه سيضطر مؤقتًا للاستمرار في بعض السياسات الاقتصادية الإشكالية. وقال: “رغمًا عني، أنا مضطر للسماح بالاستمرار في طباعة الأموال لدفع رواتب موظفي القطاع العام، ودفع ثمن البضائع والخدمات الأساسية”.

اعتراض على تعيين ويكرمسينج

على خلفية الاحتجاجات الشعبية الضخمة التي شهدتها سريلانكا، عيّن الرئيس، جوتابايا راجاباكسا، ويكرمسينج كرئيس وزراء مؤقت، وكلّفه بالإشراف على حكومة مشتركة بين الأحزاب بهدف مساعدة الدولة على الخروج من أزمتها.

ولكن في حين أن ويكرمسينج ينتمي إلى حزب معارض لعائلة راجاباكسا، وخدم كرئيس للوزراء 5 مرات من قبل، يعتبره الكثيرون مقرّب من العائلة. وتسبب تعيينه في غضب الكثير من المحتجين الذين يعتبرونه جزءًا من المؤسسة السياسية القديمة، واتهموه بدعم عائلة راجاباكسا عبر موافقته على تولي المنصب. إلا أن ويكرمسينج أصّر على دعمه للحركة الاحتجاجية.

احتجاجات عنيفة

كانت الأزمة المالية في سريلانكا أدت إلى حركة احتجاجات شعبية ضد الرئيس السريلانكي، جوتابايا راجاباكسا، وأفراد آخرين من عائلته الحاكمة الذين كانوا مسؤولين عن سوء الإدارة الاقتصادية الكارثي. وطالبت الاحتجاجات باستقالة الرئيس وعائلته عن مناصبهم ومحاكمتهم.

وفي استجابة للاحتجاجات المستمرة منذ شهور، وشهدت أحداث عنف، قدم بعض أفراد العائلة استقالتهم بالفعل، ومن ضمنهم ماهيندا الشقيق الأكبر للرئيس، إلا أن جوتابايا رفض الخضوع لمطالب الأغلبية وتمسك بالسلطة، بحسب تقرير الجارديان.

التخلف عن السداد يهدد الدول النامية

لفت تقرير في مجلة تايم الأمريكية، في 18 مايو الحالي، إلى أن عجز سريلانكا عن سداد ديونها يطلق تحذيرًا إلى المستثمرين في الدول النامية الأخرى بأن ارتفاع التضخم قد يؤدي إلى خسائر مؤلمة.

في هذا الشأن، قال الرئيس المشارك لقسم ديون الأسواق الناشئة بالعملة الصعبة في “بيكتيت أسيت مانجمنت” للخدمات المالية، جويدو تشامورو، “تخلف سريلانكا عن السداد نذير شؤم للأسواق الناشئة. إن تباطؤ النمو وشروط التمويل الأصعب ستزيد من خطر التخلف عن السداد لا سيما للدول المتاخمة”.

الأسواق الناشئة في خطر

ذكر تقرير مجلة تايم أن أزمة سريلانكا تقدم تحذيرًا للأسواق الناشئة، حيث تجتمع أعباء الديون الثقيلة مع المشكلات الاقتصادية والاضطراب الاجتماعي. وما يجعل التحدي أصعب هو أن الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الكبرى الأخرى ترفع أسعار الفائدة في محاولة لكبح التضخم، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض.

وقالت المديرة التنفيذية لاستراتيجية الأسواق الناشئة في جيه بي مورجان تشيس، ترانج نجوين، “أصبحت هذه الأسواق الآن مجبرة على مواجهة أعباء ديونها، وسط ظروف مالية مشددة”. وأشار التقرير إلى أن الضغوط الإضافية الناتجة عن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة بدأت في التفاقم في دول أخرى.

وتخاطر هذه الضغوط بالتحول إلى أزمة ديون أوسع، وتهديد آخر على التعافي الهش للاقتصاد العالمي من الجائحة. وقال الخبير الاستراتيجي في شركة ويلز فارجو للخدمات المالية بنيويورك، بريندان ماكينا، “قد تكون سريلانكا بداية لاتجاه في الأسواق المتاخمة والناشئة، حيث تواجه الحكومات أزمات ديون، وربما تتخلف عن سداد التزاماتها”.

ربما يعجبك أيضا