سوريا 2017.. مناطق سيطرة أطراف الصراع ونفوذها

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

مع نهاية عام 2017م، تغيرت خارطة النفوذ والسيطرة السياسية والعسكرية على الأرض السورية، فبعض جبهات القتال تشهد حتى يومنا هذا معارك عسكرية ضارية وحجم قصف هائل، والكثير من المعارك التي دارت في هذا العام شهدت كرًا وفرًا وعدم ثبات للسيطرة، خصوصًا في مواقع التماس بين القوى المتحاربة، وبالرغم منذ ذلك فما يزال 50 % من الأراضي السورية خارج سيطرة النظام والمتحالفين معه من دول عدة.

وقد استغلت روسيا مؤتمر أستانة وما أسمته “اتفاق خفض التصعيد”، لتبريد جبهات واسعة مع الجيش السوري الحر، حيث وجهت غالب القوات العسكرية التابعة للنظام وللمليشيات الشيعية التابعة لإيران للتقدم في شرق سوريا وخصوصا باتجاه حقول الغاز والنفط، ولكن تمكنت مليشيات سوريا الديمقراطية (التي تهيمن عليها وحدات الحماية الكردية) بدعم التحالف الدولي، من السيطرة على غالبية مصادر الطاقة أولا.   
كذلك شنت قوات الأسد والمليشيات الشيعية الأجنبية؛ حملات قصف غير مسبوقة على المدنيين في مناطق سيطرة فصائل الثورة السورية بكافة أنواع الأسلحة “القنابل الفسفورية وغاز الكلور والخردل والسارين والقنابل العنقودية، البراميل، الألغام البحرية، صواريخ أرض – أرض” وحتى استخدموا الأسلحة الكيماوية في الهجوم على مدينة خان شيخون بريف إدلب، أثناء اندلاع معارك ريف حماة الشمالي، الأمر الذي استدعى ردا أمريكيا بقصف مواقع ومطارات عسكرية للأسد.

وبالرغم من ذلك استطاعت الفصائل السورية المقاتلة امتصاص الضربات الروسية وتقدمت على الأرض في بعض مناطق ريف حماة الشمالي والقنيطرة، كما تمكنت من قصف قاعدة حميميم الروسية، وشنت عمليات نوعية حيث بدأت في استخدام سياسية حرب العصابات لاستهداف مفاصل النظام والمليشيات الشيعية والقوات الروسية.

وقد نجح الجيش السوري الحر في صد هجمات كبيرة استهدفت ريف حلب الجنوبي والغوطة الشرقية وحوران، ونجح في التقدم بشكل كبير في البادية السورية واقترب من فك الحصار عن القلمون الشرقي ولكن اضطر للتراجع عن مساحات في الصحراء فيما بعد، ولكن أخطر ما حدث في عام 2017م كان المعركة التي فتحها الجيش الحر بإتجاه دمشق ووصل إلى كراجات العباسيين، ومن ثم تراجع بسبب القصف، والمعركة التي نجح فيها أخيرا في السيطرة على إدارة المركبات ذات الموقع الاستراتيجي الهام في دمشق.

وتتقاسم الجغرافيا السورية 5 قوى رئيسية يسيطر كل منها عسكريًا على أجزاء من البلاد ويمكننا أن نعرضها كالتالي:

1- الجيش النظامي المدعوم بالحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس ومليشيا “حزب الله” اللبنانية ومليشيات النجباء والإمام وحزب الله العراقي والعصائب الشيعية العراقية ومليشيا “فاطميون” الأفغانية ومليشيا “زينبيون” الباكستانية ولواء القدس الفلسطيني و”جيش التحرير” و”الجبهة الشعبية القيادة العامة” برًا، أما جوًا فيتم دعمه عبر الطيران الحربي الروسي، كما قدمت إيران دعمًا جويًا للنظام عبر الطائرات بدون طيار.

2- الكتائب الثورية المسلحة وأبرزها “كتائب الجيش السوري الحر – أحرار الشام – فيلق الشام – جيش الإسلام – قوات درع الفرات – نور الدين الزنكي – الجبهة الجنوبية – فيلق الرحمن – جيش إدلب الحر – الكتلة الشامية – كتلة السلطان مراد”.

3- هيئة تحرير الشام (تحالف جبهة فتح الشام مع مجموعة فصائل)، كما يقاتل في سوريا “الحزب الإسلامي التركستاني” وكتائب “الإمام البخاري” من وسط آسيا.

4- تنظيم الدولة المعروف إعلاميًا باسم “داعش”.

5- حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي pyd “جناحه المسلح “وحدات حماية الشعب الكردي” وهو بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني pkk في تركيا” وتطلق عليه بعض وسائل الإعلام اسم قسد “قوات سوريا الديمقراطية” .

وتتركز سيطرة الجيش النظامي والقوى المتحالفة معه على محافظتي طرطوس واللاذقية الساحليتين، ومحافظة السويداء الجنوبية، ومدينة حماة وأجزاء من ريفها الغربي والشرقي، ومدينتي حلب وحمص ودرعا المدينة، وأجزاء واسعة من جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية الشمالي، كذلك يسيطر على معظم أحياء دمشق (أخيرا السيطرة على أحياء القابون والقدم).

وقد استطاع الجيش النظامي والمليشيات الشيعية الأجنبية، إحكام الحصار على الغوطة الشرقية في ريف دمشق رغم توقيع اتفاقات لخفض التصعيد في الغوطة، والسيطرة على أجزاء واسعة من البادية السورية (حيث سيطروا على مساحة تقدر بـ 5 آلاف كم مربع من البادية الممتدة بين ريفي السويداء ودمشق على حساب الثوار، والذين تراجعوا نحو منطقة التنف) والسيطرة كذلك على تدمر وأجزاء من دير الزور وكامل البوكمال وصولا إلى نهر الفرات ومناطق من الريف الشرقي لحماة.

أما الجيش السوري الحر والكتائب الثورية، فيسيطرون على بعض الأحياء الدمشقية وأحياء جنوب دمشق وغالبية ريف دمشق “الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي” ومعظم البلدات والمدن الواقعة في محافظات في ريفي حلب الجنوبي والشمالي حتى مدينة الباب الإستراتيجية ذات الكثافة السكانية العالية وعلى كامل محافظة “إدلب” باستثناء بلدتي “الفوعة وكفريا”، وكامل محافظة “درعا” باستثناء “خربة غزالة وإزرع ودرعا المدينة” والقنيطرة جنوبًا، بالإضافة إلى غالب بلدات الريف الشمالي والشرقي لمحافظة حمص “تلبيسة، الرستن، حي الوعر الحمصي”، وأجزاء من جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية الشمالي، كما نجح في التقدم في دمشق وسيطر أخيرا على إدارة المركبات.
أما وحدات “حماية الشعب الكردي” الجناح العسكري لـpyd أو التي تعرف باسم قوات سوريا الديمقراطية، فتسيطر على مناطق منفصلة شمالي البلاد بمحاذاة الحدود التركية، وهي شمال محافظة الحسكة لاسيما مدينة القامشلي، وتل أبيض شمال شرقي محافظة حلب، ومنطقة عفرين شمال غرب المحافظة ذاتها، ومدينة منبج ومحافظ الرقة، وأجزاء واسعة من محافظة دير الزور غربي نهر الفرات.

كذلك انتشرت قطاعت من الجيش التركي في محيط منطقة عفرين، حيث تم تطويقها، وسط تهديدات من الرئيس التركي بشن هجوما كبيرا عليها للقضاء على “وحدات الحماية الكردية” فيها. 

أما تنظيم الدولة، فخسر معظم المحافظات السورية المحاذية للحدود العراقية؛ وكامل محافظة الرقة، ومدينة البوكمال،  وانسحب إلىى الصحراء، ورغم خسارته لتلك المناطق الشاسعة إلا انه بدأ في انتهاج حروب العصابات، واستراتيجية حرب الاستنزاف لتحقيق أكبر قدر من الخسائر في صفوف قوات النظام وخصوصا نخبته العسكرية.

وحتى الآن ما زال أكثر من 50% من الأراضي السورية خارج سيطرة قوات الأسد والمليشيات الشيعية، بل إن كثير من المناطق الخاضعة له مناطق صحراوية ليس لها أهمية استراتيجية، ومنطقة كالبادية السورية التي يدعي النظام السيطرة عليها تحتاج لمليون جندي لإنها عبارة عن مساحات من الأراضي الصحراوية الشاسعة.

ربما يعجبك أيضا