سياسي عراقي: على إيران الاعتراف بفشل وهزيمة مشروع الثورة الإسلامية الصفوية

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

برلين – أكد الخبير السياسي العراقي المقيم بألمانيا الدكتور ضرغام الدباغ في حديثه لـ«رؤية»، أن مشروع الثورة الإسلامية الصفوية يهرب من حقيقة بارزة أمامه المتمثلة بفشل ذريع لحق به فلم يعد ينفعه لا طبيب ولا علاج، وأوضح أنه ربما ما زال  بعض من وقت للانسحاب المنظم، وأضاف وهو أفضل من انسحاب أقرب للهزيمة المبعثرة فبعد انطلاقة بدت مبهرة، أبهرت العرب والمسلمين، فيها الكثير من العداء اللفظي للإمبريالية وإسرائيل، وكلام معسول جميل عن تحولات اجتماعية مهمة مرتقبة، وفي حوار معه جاءت إجاباته  كالتالي:

من وجهة نظركم لماذا فشلت الثورة الاسلامية الصفوية؟

 لأن الآمال العريضة بدأت تتلاشى والاحتمالات تتبدد مبكراً في الواقع، ولم نشهد أي تحولات داخلية، بعد أن صدعوا رؤوسنا ببحار الاقتصاد الإسلامي وأزهار ورياحين الديمقراطية الشوروية في حين كانت الترجمة الواقعية لهذه الأحلام القمع بلا هوادة وإعدام وإبادة كل صوت معارض بما في ذلك تلك القوى المهمة الفاعلة في محاربة النظام الشاهنشاهي. فكانت افتتاحية إرهاب الجمهورية الإسلامية أن بطشوا بشيوعي حزب تودة، المناضلين الأكثر صلابة على مدارعهود الرجعية الملكية، ثم أردف و هم مجاهدي خلق المناضلين المضحين في عهد الشاه، والمناضلين في إسقاط نظام الشاه وإقامة الجمهورية الإسلامية، وأخيرا وليس آخرًا انقضوا على الحركة الوطنية الديمقراطية الإيرانية (البزركان وصحبه) التي شاركتهم الحكم في أعقاب سقوط نظام الشاه، أما الحركات القومية غير الفارسية (من الأكراد والعرب والآذريين والبلوش والتركمان) فليس لها غير الموت الزؤام، أمعنوا فيهم قتلاً وتصفيات.

 لماذا يعتمد النظام الإيراني على العنف في حكمه؟

النظام الإسلامي الإيراني يتربع على قمة الأنظمة التي تقتل، تغتال، تعدم لأسباب سياسية، وتتفوق على غيرها من دول الطغيان والاستبداد في تربعها على مركز الصدارة بين الأنظمة التي تقمع شعوبها، فالقدر الأكبر من حالات تنفيذ عقوبة الإعدام شهدتها إيران (2020) بواقع 507 حالات. وقد نفذت إيران في العقود الأربعة الأخيرة مئات أحكام الإعدام بتهم منها زعزعة الأمن وتهديد استقرار الدولة، ولا تزال طهران مستمرة في تنفيذ أحكام الإعدام بكثرة رغم الإدانات الدولية وشيوع الفقر، وهجرة العقول والأيدي العاملة يتصدر الإيرانيون قوائم اللجوء السياسي.

لماذا يعتمد النظام الإيراني في حكمه على تهديد المنطقة ولمصلحة من؟

إفلاس  من حكام الدولة الإيرانية، وأضاف بعد 43 عاماً ثبت لنا في الواقع المادي، أن هذه الثورة لم تحارب إلا العرب والمسلمين وفشلت في أن تكون عنصرًا إيجابيًا في المنطقة، بل واصلت دورها البارز كمخلب قط للعالم الغربي في توازنات المنطقة.

والنتيجة الحالية!

السقوط الأعظم بتقديري هو أنها سقطت (كنظام “ولاية الفقيه” ديني ثيوقراطي) لدى الشيعة أنفسهم، سقطت لدى الشيعة أنفسهم، سقطت في أذربيجان والعراق وسوريا، وقبلهم في إيران نفسها، فلم تعد المرجعيات تقنعهم، وسياسة التخلي عن المصالح الوطنية لمصلحة السيادة الفارسية، والتخلي عن الرباط القومي، لصالح الدولة الإيرانية المتعددة الأعراق والقوميات .. والتخلي عن الأهداف الاجتماعية الطبقية، لصالح خرافات لا أساس مادي لها، فهذه فرضيات لم تعد مقبولة. وأضاف هكذا نسف الواقع الموضوعي أصباغ وبهرجة الشعارات وطوباويتها، والآن غدت القوة المسلحة، بل بأشكالها المفرطة، والأجهزة الأمنية والأدوات القمعية هي الأداة الوحيدة المعبرة عن الدولة، وخط الدفاع الرئيسي عن نظام الملالي الآيل للسقوط. وكشف عن الهوية الأساسية لهذه الدولة القمعية، والتستر خلف الشعارات الدينية لا يمحو صفتها الفاشية.

لماذا تصف الدولة الإيرانية بالفاشية؟

قمع في الداخل وتوسع في الخارج، هذا هو جوهر الدولة الفاشية، هي دولة لا تأخذ بنظام التطور اللارأسمالي، دولة قمعية أسوأ بأضعاف مضاعفة عن نظام الشاه. ما تغير هو أن الحكام استبدلوا البدلة الحديثة بالعباءة الدينية، وأكمل فقط القيادة الإيرانية تدرك أن أوراقها احترقت، والسقوط سيكون له تبعات ولواحق.

 تهديدات إيران لجيرانها مصدر فخر لهم لماذا؟

مرة كتبت أن فلسفة الفارسي أن بوسعه أن يؤذي، لذلك يفتخرون اليوم أنهم قادرون على غلق باب المندب ومضيق هرمز وهذه  أعمال تستطيع دولة من الدرجة العاشرة فعلها بإغراق سفينة في الممر الملاحي الضيق، وخاصة في مضيق هرمز، ووضع ناقلة نفط مهترئة بباب المندب يهدد بتلويث البيئة البحرية، ويمكن إصلاح الموقف بساعات. يفتخرون أن لدينا هنا وهناك مليشيات تعبث تقتل وتفجر وتخرب، هذه يعتبرها المسؤولون الإيرانيون منجزًا كبيرًا، ولا يتصور درجة احتقار الناس لهم وكراهيتهم.

كيف تقيم هذه الأفعال الإجرامية؟

بداية عقل الملالي بحكم تركيبته وتكوينه، وبالتالي لا يتجه للمشكلة مباشرة ولا يفكر بشكل جاد في البحث عن حلول واقعية لها، وأضاف موضحا في أواخر شهر آذار / مارس، عقدت إيران اتفاقية مع الصين عرف من موادها المنشورة، تسليمها مطارات وموانئ البلد للصين، أما البنود السرية، فهي تدخل في حقل ” ما خفي كان أعظم “. والناس في إيران أدركوا ما وراء الأكمة، فخرجوا ساخطين منددين، والسلطات الإيرانية لا تجد (كما هي دوما كذلك)، سوى إطلاق القوى الأمنية لإخماد سخط الجماهير، وفعلاً تمكنوا من إخمادها، التي سوف لن تكون الأخيرة، ولكنهم لن يتمكنوا من وقف العملية التاريخية المتمثلة بتراكم الثورات والانتفاضات، وهذه ستبلغ ذات يوم حداً لن يكون بمقدور قوى أمنية التعامل معها.

علاقة إيران مع دول الغرب غير مفهومة لماذا؟

نظام الملالي لم يقدم على هذه الاتفاقية تفهماً منه للنضال ضد الإمبريالية بالطبع، فهذا النظام، وقبله النظام البهلوي (1925 ــ 1979)، والقاجاريون (1779 ــ 1925) من قبلهم، كانوا قد وجدوا في الارتباط بالغرب ضمانة لبقاء لدوام سلطانهم، في خضم الدوامات السياسية في الشرق الأوسط وأواسط آسيا، وأضاف مؤكدا نظامهم كان أعجز من أن يواجه الحقب الاستعمارية الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية، واستبدل بنظام رضا بهلوي، الذي كان قد التحم كنظام أهداف سياسية بصفة كلية مع الإنكليز ومخططاتهم.

لماذا يحرص الغرب على عدم الشفافية في علاقتها مع إيران؟

 الارتباط بالغرب هو شيفرة الأنظمة الإيرانية منذ أكثر من 250 عاماً، حيث تواصل في زمن الشاه، وبعد أن عمد الأمريكان “بقلة ذكاء” على إزاحة النظام الملكي الشاهنشاهي، تحت قناعة أن النظام الشاهنشاهي أخذ يتطلع للتوسع إقليميا، ونظام تحت هيمنة الملالي و بالشعارات الدينية الطائفية قادر على تمزيق كيانات الشرق الأوسط وبث عناصر الفرقة بينها، مما يمهد للكيان الصهيوني فرص البقاء والتجذر في المنطقة، ونجح هذا المخطط ولكن جزئياً، بسبب محدودية قدرات نظام الملالي وعجزه عن إيصال الخطط  إلى نهاياتها المطلوبة، إضافة أن النظام غطس في مشاكل داخلية : اقتصادية / اجتماعية / ثقافية عميقة هو أعجز من أن يجد لها الحلول الناجحة المقبولة.

ما هي أوجه الفشل الإيراني التي منعته من تحقيق أطماعه؟

الفشل الشامل كامل الأبعاد: فشل داخلي في تقديم نمط حياة أفضل لعموم الشعب الإيراني

الفشل في المحيط العربي والإسلامي

الفشل في إقناع أبناء الطائفة الشيعية، بأنهم النظام المرتجي

الفشل في إقناع الحلفاء التاريخيين (الغرب الرأسمالي) أنهم حليف موثوق ولهم وزن في الشرق الأوسط

صحيح أن عالم العلاقات الدولية المعاصر مليء بالفخاخ والتآمر، وتسعى الدول إلى تعزيز كياناتها بطرق شتى ،وهناك قاعدة أكيدة، أن التحالف بين طرف قوي وطرف آخر أقل قوة ضعيف، فسيكون مآل التحالف لصالح القوي، لأن الوسط القوي قادر أن يؤثر على الوسط الضعيف، الطرف القوي سيوظف قدرات الأضعف لصالحه، وهنا بيت القصيد.

الدول العربية ماذا تفعل للتصدي لتدخلات إيران؟

 على الدول أن تكون حذرة في الحفاظ على كياناتها، داخليا بإجراءات عديدة، وكذلك خارجياً. والنظام الإيراني يعاني من مشكلة خطيرة، أنه ككيان سياسي قائم على تعدد أعراق، وثقافات، واقتصاد منهك. وأنه في التحالف يبحث عن قوى يتراصف خلفها لحماية كيانه.

تحذير من التدخلات الخارجية

بتقديري أن النهج السياسة الأصح يتمثل في عدم اللجوء إلى أطراف خارجية لحل مشكلات داخلية، فهذه خطيئة كبيرة ترتكبها أي دولة في حل لمشكلاتها. الحليف / الصديق الخارجي سوف لن يفعل ذلك كهبة مجانية، بل مقابل مكتسبات يحققها على أصعدة مختلفة.

ربما يعجبك أيضا