صريحة وحازمة.. الرئيس الصيني يطلق هجومًا غير مسبوق على واشنطن

محمد النحاس

حلقة جديدة من حلقات التوتر "المحموم"، بين الصين والولايات المتحدة.. فما أبعادها؟


قال سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى اليابان، رام إيمانويل، إن سلوك الصين “العدائي”، يوحّد المنطقة ضدها.

ويأتي ذلك، وسط مخاوف من صدام عسكري محتمل بين الولايات المتحدة والصين، فما أبعاد ذلك؟ وهل نشهد مواجهة بين القطبين أو أن العلاقات الاقتصادية تمنع الانزلاق في هذا الطريق؟ وهل تغيرت حقًّا نبرة التصريحات الصينية؟

لمَ اتجهت دول شرق آسيا إلى العسكرة؟

أبدى السفير الأمريكي لدى اليابان، رام إيمانويل، استغرابه، من صدمة الصين من اتجاه دول شرق آسيا لتعميق التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن هذا الموقف طبيعي بالنظر إلى “سلوك الصين العدواني”.

ويأتي هذا وفقًا لما نقلت شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية، الأربعاء 8 مارس 2023، بعد إجرائها حوارًا مع الدبلوماسي الأمريكي، بعد أيام من التصعيد الكلامي المتبادل بين بكين وواشنطن، وبعد أشهر من زيادة التحركات العسكرية بمنطقة الباسيفيك على نحوٍ غير مسبوق.

مواجهة التصعيد العسكري

خلال المقابلة التي أجريت بمقر السفير في طوكيو، لفت إلى أنه “على مدار الثلاث أشهر الأخيرة، صعّدت الصين عسكريًّا، ونفذت نوعًا من المواجهات مع دول مثل اليابان، وأستراليا، والهند، والفلبين”.

Cropped 16201107832019 12 10T164340Z 1350150937 RC2GSD9VHWAL RTRMADP 3 USA SUMMIT scaledوتعقد اليابان تحالفات عسكرية مع واشنطن، التي دعمت استراتيجيتها للأمن القومي العام الماضي، والتي شهدت تحولًا تاريخيًّا تجاه مزيدٍ من العسكرة، وتعقد الفلبين كذلك شراكة عسكرية مع الولايات المتحدة، تسمح بموجبها باستخدام 4 قواعد بالفلبين، في خطوة استنكرتها بكين ورأت أنها موجهة ضدها.

اقرأ أيضًا: استراتيجية الأمن القومي الياباني.. تحول تاريخي في العقيدة العسكرية

تعاون أمني وعسكري

كذلك الهند التي تشترك مع الولايات المتحدة وأستراليا واليابان في تحالف “كواد” الأمني الرباعي، شهدت الأشهر الأخيرة توترات حدودية بين الجارتين الآسيويتين الكثيفتين سكانيًّا.

وسبق تصريحات الدبلوماسي الأمريكي، تصريحات لوزير الخارجية الصيني الجديد، تشين جانج، الذي قال إن المواجهة مع الولايات المتحدة، لا مفر منها، بعد أيام من تحذير واشنطن عدة مرات من عواقب وخيمة، إذا ما قدمت الصين دعمًا عسكريًّا إلى روسيا.

اقرأ أيضًا: «دعم مميت».. هل تخطط الصين لدعم روسيا بمسيّرات ضد أوكرانيا؟

تحذير أمريكي للصين من دعم روسيا.. وبكين تصف سلوك واشنطن بـ«الهستيري»

محاولة لتطويق الصين

خلال أول مؤتمر صحفي له بعد تولي المنصب، قال الدبلوماسي الصيني، إن واشنطن تدعي أنها في حالة تنافس مع بكين، ولكنها في الواقع تحاول “تطويق واحتواء الصين”، وحذر  من مغبة “الاستمرار في هذه اللعبة صفرية المحصلة”، واصفًا إياها بـ”سباق الحياة أو الموت”.

اقرأ أيضًا: وزير الخارجية المصري الأسبق لـ«رؤية»: ما زلنا في عصر الهيمنة الأمريكية والصدام العسكري مع الصين مستبعد

ودعا وزير الخارجية الصيني، الولايات المتحدة إلى “كبح جماحها”، مشيرًا إلى أن “الإسراع في الاتجاه الخاطئ سيقود حتمًا إلى مواجهة مع الصين”، وتفرض واشنطن على بكين قيودًا واسعة النطاق على الرقائق الإلكترونية الحيوية لكل الصناعات التقنية، والعسكرية، وتحشد جهود حلفائها لدعم هذا الاتجاه.

اقرأ أيضًا: صراع الرقائق الإلكترونية.. اليابان وهولندا تنضمان إلى الولايات المتحدة ضد الصين

تصريحات غير مسبوقة

هذا الأسبوع، وفي تصريحات غير مُعتادة، أدلى بها الرئيس الصيني شي جين بينج، اتهم الولايات المتحدة صراحةً بشن حملة ضد الصين، لافتًا إلى أن هذه الحملة أدت إلى مشكلات داخلية.

ومن المعتاد أن يشير الزعيم الصيني إلى “الدول الغربية”، أو “الدول المتقدمة”، عندما ينتقد الولايات المتحدة، ولكنه ذكرها صراحةً هذه المرة ما يوضح مدى تدهور العلاقات الثنائية، وجاءت هذه التصريحات بحسب “سي إن إن”، خلال اجتماعه السنوي بمستشاري الحكومة الصينية لدى الشركات الخاصة.

وتتوقع الشبكة الإخبارية الأمريكية أنه بعد هجوم شي “العنيف”، على الولايات المتحدة، ستأخذ أجهزة الدولة الرسمية نهجًا مماثلًا، وستعمل على تعبئة الرأي العام الصيني ضد الولايات المتحدة، ويأتي ذلك أيضًا بعد أسابيع من التوتر والهجوم المتبادل بعد إسقاط ما قالت واشنطن إنه منطاد تجسس صيني.

اقرأ أيضًا: إسقاط المنطاد.. تداعيات وأبعاد حوادث التجسس الصيني في الولايات المتحدة

الصين وسياسة حذرة

في سؤاله عن أبعاد هذه التصريحات ومدى احتمالية وقوع صدام مباشر بين الولايات المتحدة والصين، قال الكاتب الصحفي المتخصص في شؤون شرق آسيا محمد صلاح الدين، إن بكين لن تسعى لدخول مواجهة عسكرية مع واشنطن، موضحًا أن النهج الصيني يتسم بـ “التريث والحذر”.

وأضاف، خلال حديثة مع شبكة رؤية الإخبارية، أنه تبعًا لذلك، لن تبدأ الصين مثل هذه المواجهة، على الأقل في المدى المنظور، لافتًا إلى أن ذات الأمر ينطبق على اليابان، والتي تصطف جنبًا إلى جنب، مع الولايات المتحدة التي تدعم سياستها العسكرية الجديدة.

وفي غضون ذلك، قال مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون للأبحاث ومقره واشنطن، يون صن، إن التصريحات الصينية، تتسق مع “الخطوط العريضة”، لدبلوماسية الصين، مضيفًا: “رغم أنها صريحة وحازمة، فإنها ليست عدوانية”.

نهج صيني جديد؟

شهدت الفترة الماضية عدة مناورات عسكرية أجرتها الصين بالمنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية، وتدّعي الصين سيادتها على جزيرة تايوان، مشددةً على حتمية ضمها، ولا تستبعد السبل العسكرية، في ذلك. وقد بدا هذا النهج أكثر وضوحًا بعد تشديد شي جين بينج قبضته على الحزب الشيوعي العام الماضي، بعد مؤتمر الـ20، للحزب.

article 5ebb56766eadb

مناورات صينية جديدة بمضيق تايوان أكثر توغلًا.. هل اقترب الصدام العسكري؟

في المقابل، تبدو الصين أكثر حذرًا، خاصةً بعد الحرب الروسية الأوكرانية، التي يرى خبراء أنها دفعتها إلى “التفكير مرتين”، قبل الإقدام على خطوة مماثلة تجاه تايوان، ومن جانبه يلفت صلاح الدين في حديثه مع رؤية، إلى أن الصين تبحث في الوقت الحالي عن “بديل استراتيجي للتعامل مع تايوان دون الحل العسكري”.

ويلفت إلى أن صعود حزب المعارضة في تايوان من شأنه تخفيف التوترات مع بكين، إذ يلتزم الحزب نهجًا أقل تشددًا في التعامل مع الصين، مضيفًا أن انتخابات العام المقبل في تايبيه قد ترسخ مزيدًا من الهدوء، إذا ما صعدت المعارضة.

اقرأ أيضًا: رغم التوتر بشأن تايوان.. لماذا ترغب الولايات المتحدة في التقارب مع الصين؟

ربما يعجبك أيضا