عاد لينتقم.. بايدن ينافس ترامب “رسميا” على مفاتيح البيت الأبيض

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان 
صباح اليوم السبت، أعلن الحزب الديمقراطي الأمريكي تسمية نائب الرئيس السابق جو بايدن، مرشحا رسميا لخوض الانتخابات الرئاسية 2020، وبذلك يصبح بايدن المرشح الفعلي الوحيد ضد الرئيس دونالد ترمب في الانتخابات المقررة مطلع نوفمبر المقبل.

استحوذ بايدن رسميا على ترشيح الديمقراطيين، بعد أن حصل على أصوات أكثر من 1991 مندوبًا للحزب، إذ يتوجب للفوز بترشيح للرئاسة أن يجمع المرشح هذا الرقم على الأقل من أصوات مندوبي الحزب في الولايات المختلفة البالغ عددهم نحو 3979 مندوبا، هذا بعد أن تخطى عقبة منافسيه من الديمقراطيين سواء بإعلان بعضهم الانسحاب أو بفشل البعض الأخر في الانتخابات التمهيدية، وكان أبرز منافسيه طوال الأشهر الماضية إليزابيث وارن واليساري بيرني ساندرز.

وقال بايدن بهذه المناسبة: لقد كان شرفا لي التنافس إلى جانب واحدة من أكثر مجموعات المرشحين موهبة التي قدمها الحزب الديمقراطي على الإطلاق، وأنا فخور بأن أقول إننا سنخوض هذه الانتخابات العامة كحزب موحد، مضيفا هذا وقت صعب في تاريخ أمريكا.. إن سياسات ترامب الغاضبة والمثيرة للانقسام ليست حلا، فالبلاد تصرخ من أجل قيادة توحدنا وتجمعنا، نحتاج إلى رئيس يهتم بمساعدتنا على التعافي.

المواجهة بدأت مبكرا 
بسبب تدابير الحد من انتشار فيروس كورونا، اضطر بايدن لمواصلة حملته من منزله بويلمنجتون منذ منتصف مارس الماضي، ولكن أمام الاحتجاجات الغاضبة التي ضربت عدة ولايات إثر مقتل أمريكي من أصول إفريقية “جورج فلويد” على يد شرطي “أبيض” في الـ25 من مايو الماضي، خرج بايدن من منزله لأول مرة الثلاثاء الماضي متجها إلى فيلادلفيا، حيث ألقى خطابًا محزنًا بشأن العنصرية، متهما ترامب بمحاولة تقسيم الأمة  بدلا من تهدئة الاحتجاجات.

وقال بايدن -أمام تجمع من مؤيديه- إن الكلمات التي ينطق بها رئيس الدولة مهمة، ولذلك عندما يقول الرئيس ما يؤدي إلى الانقسام والفرقة في صفوف الشعب طوال الوقت، فإنه سيؤدي إلى استثارة إظهار أسوأ ما لديهم من سلوكيات، مضيفا هل نعتقد حقاً أن هذا جيد لنا كأمة؟، لا أعتقد والغالبية العظمى من الناس لا تعتقد ذلك.. ربما يوجد في أي مكان من 10 إلى 15% من الأشخاص غير الجيدين جدًا، ولكن لا يعد هذا هو ما نحن عليه..  إن الغالبية العظمى من الشعب أناس لائقين، وعلينا أن نطالب بذلك ويجب علينا أن نسعى لتوحيد الشعب صفًا واحدًا.

ورجح بايدن أن انتخابه لن يقضي على العنصرية الممنهجة بأمريكا، وقال: الكراهية لم تبدأ مع ترامب، ولن تنتهي عنده، إن تاريخ بلادنا ليس خرافة، ولا يضمن نهاية سعيدة، ولكن كما قلت سابقًا، نحن في معركة من أجل روح هذه الأمة.. إنها عمليات شد وجذب مستمرة طوال الـ200 عام الماضية.

ردا على ذلك كتب ترامب تغريدات غاضبة يوبخ فيها منافسه وقال: إن المجنون جو بايدن يحاول التصرف كرجل قوي لكنه في الواقع ضعيف عقلياً وجسديا، مضيفا: الضعف لن يهزم أبدا الفوضويين والسارقين وقطّاع الطرق، وبايدن كان ضعيفاً سياسياً طوال حياته، مؤكدا ضرورة تطبيق القانون والنظام.

كما احتدم الخلاف بين الرجلين حول دور الشرطة وصلاحياتها، فركز بايدن في أول ظهور علني له منذ الجائحة على الدعوة إلى إصلاح منظومة الشرطة الوطنية ومزيد من الرقابة عليها، كما عرض خطة لتنفيذ ذلك في حال فوزه بالانتخابات، متعهدا بإنشاء لجنة وطنية لمراقبة الشرطة في أول 100 يوم له.

في المقابل تعهد ترامب بزيادة دعم رجال الشرطة وقال في تغريدة: الديمقراطيون اليساريون المتطرفون يريدون الحد من تمويل الشرطة.. بايدن “النعسان” يسير خلف الاشتراكيين وأنا عكسه.

الواقع أنها ليست المرة الأولى التي يحتدم فيها الصراع بين الرجلين، لكن موقفهما حيال الاحتجاجات الأخيرة أظهر التناقض الصارخ بينهما فيما يتعلق بمفهوم القيادة، فبالنسبة لترامب القيادة تعني “القوة المطلقة”، أما بايدن فالقيادة أقرب إلى القوة الناعمة.

أيضا الاحتجاجات كانت مفصلية في تعميق الفارق بين الرجلين في عدة استطلاعات رأي جرت أخيرا، ففي استطلاع لـ”فوكس نيوز” نشر منذ يومين، تقدم بايدن على ترامب بشكل ملحوظ، ففي ولاية تكساس – وهي أحد معاقل الجمهوريين والتي فاز فيها ترامب بفارق كبير على منافسته هيلاري كلينتون عام 2016- تعادلت شعبية بايدن مع ترامب، فيما تفوق عليه في ولاية ويسكونسن بفارق 9%، وفي أوهايو بفارق 2%، وفي أريزونا بفارق 4%.

وفي استطلاع أجرته شبكة “إيه بي سي” وصحيفة “واشنطن بوست” شمل عينة من الناخبين من مختلف الولايات، أظهر بايدن تقدما على ترامب بـ10%، حيث حصد تأييد 54% من المشاركين في الاستطلاع مقابل 44% لترامب.

في 12 مايو أي قبل مقتل فلويد بنحو 13 يوما، أظهر استطلاع رأي لـ”رويترز”، أن 41% من الأمريكيين أيدوا أداء إدارة ترامب، في تراجع أربع نقاط عن استطلاع مماثل أجري في منتصف أبريل، بينما قال 38% فقط إنهم سيصوتون لترامب في الانتخابات مقابل 46% أيدوا بادين.

حظ سيئ لـ”ترامب”
بينما كان ترامب يراهن على الاقتصاد كنقطة مفصلية في حملته الانتخابية واعدا بمزيد من الازدهار والنمو، إلا أن جائحة كورونا التي ضربت أمريكا بعنف لم تشهده الصين – حيث ظهرت أولى الإصابات بالمرض- ضربت هذه الاستراتيجية في مقتل، حيث سجلت البلاد أسوأ معدل بطالة منذ الكساد الكبير، وخلال الربع الأول من العام  انخفض الناتج المحلي بنحو 2.4%، وسط توقعات بتراجعه بأكثر من 3% وارتفاع معدل البطالة بأكثر من 15% بنهاية هذا العام، وتسجيل خسائر قد تصل إلى 1.7 تريليون دولار، والدخول في دائرة الركود بشكل أسوأ مما كانت عليه عام 2008.

وواجه ترامب منذ بداية الجائحة التي حصدت حتى اللحظة أرواح أكثر من 109 آلاف أمريكي، انتقادات واسعة من الخصوم والحلفاء على حد سواء، بسبب أسلوب إدارته للأزمة، إذ لم يبادر لفرض قيود صارمة على حركة السفر والتنقل وإغلاق البلاد بشكل تام للحد من انتشار الفيروس على غرار ما فعلته غالبية الدول، خشية التأثير سلبا على حركة الاقتصاد، فتأخر إغلاق أمريكا في مواجهة الجائحة إلى منتصف مارس، ما فاقم من حجم الخسائر البشرية، لتصبح أمريكا من أكثر البلاد تضررا من المرض.

حتى الآن ما زالت البلاد تسجل معدلات وفاة بالمرض قياسية، فبحسب أحدث البيانات سجلت أمس 922 وفاة، ومع ذلك أصر ترامب على إعادة فتح الاقتصاد ووجه انتقادات صارخة لحاكم الولايات التي عارضت قراره، وفي خضم هذه الأزمة، تفجرت في البلاد منذ 25 مايو الماضي، احتجاجات أعادت نكأت جراح العنصرية في المجتمع الأمريكي بشكل لم يحدث من الستينيات من القرن الماضي.

أمام هذا يرى البعض أن ترامب في حاجة إلى معجزة لهزيمة بايدن في نوفمبر المقبل.

من هو جو بايدن؟
-ولد بايدن عام 1942 في ولاية بنسلفانيا، ودرس القانون، ليصبح محاميا عام 1969.

-عام 1972 انتخب لأول مرة عضوا بمجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير، ليصبح أصغر سيناتور في تاريخ البلاد وقتها.

-أعيد انتخابات في مجلس الشيوخ 6 مرات، إلى أن استقال ليتولى منصب نائب الرئيس عام 2009.

-بين 2009 و2017 عمل كنائب للرئيس السابق باراك أوباما “أول رئيس للبلاد من أصحاب البشرة السمراء”.

-سعى بايدن لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة في عامي 1988 و2008، لكنه لم يوفق.

-خارجيا عارض حرب الخليج عام 1991، فيما صوت لصالح غزو العراق في 2002، وأفغانستان في 2001، ويؤيد الحل الدبلوماسي في الملف الإيراني.

-داخليا يدعم بادين فكرة الجدار الحدودي مع المكسيك، ويعارض برنامج الرعاية الصحية “ميدكير”، فيما يؤيد اتفاقية باريس للمناخ التي انسحب منها ترامب عام 2017.

ربما يعجبك أيضا