عن ماذا تكشف نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة التركية؟

تجرى يوم 28 مايو 2023، جولة إعادة لحسم الانتخابات الرئاسية التركية، بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو.

وتفاقم نتيجة الجولة الأولى التوترات داخل تركيا، في ظل استعداد المعسكرين لأسبوعين من الحملات الانتخابية الكثيفة في أول جولة إعادة في الانتخابات الرئاسية التركية على الإطلاق، حسب ما ذكره تقرير لصحيفة وول ستريت الأمريكية.

تداعيات داخلية وخارجية

في الجولة الأولى للانتخابات التركية، حصل أردوغان على 49.51% من الأصوات، في حين حصل كليتشدار أوغلو على 44.88%. وأشار تقرير وول ستريت جورنال، المنشور أمس الاثنين 15 مايو 2023، إلى أن نتيجة الاقتراع قد يكون لها آثار متلاحقة في الداخل والخارج على حد سواء.

فعلى الجبهة الخارجية، رفع أردوغان مكانة تركيا ببراعة في مفترق الطرق بين الشرق والغرب، وأدخل بلاده في منافسات القوى العظمى ومارس النفوذ في الشرق الأوسط، وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوكرانيا.

وفي حين أن تركيا عضو في الناتو، تقارب أردوغان من روسيا ورئيسها، فلاديمير بوتين، ما تسبب في خلاف مع الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين. وسعى أردوغان أيضًا للعب على كل الأطراف في الحرب الروسية الأوكرانية، ببيع الأسلحة إلى كييف وتوسيع التجارة مع موسكو.

مؤيدو أردوغان في أنقرة

تأثر الاقتصاد

على الجبهة الداخلية، يواجه أردوغان غضبًا بسبب السياسات الاقتصادية، التي تركت الكثير من الأتراك أكثر فقرًا، وكذلك يواجه استياءً بسبب التحركات الرامية إلى تشديد قبضته على السلطة وإضعاف المؤسسات الديمقراطية.

وقال المستثمرون والمحللون إن نتائج الجولة الأولى تزيد من خطر أن تواجه تركيا تصفية حسابات مالية في الأشهر والسنوات المقبلة. وحسب التقرير، هبطت أسعار الأسهم والسندات التركية، أمس الاثنين، بعد التصويت غير الحاسم، الذي منح أردوغان الصدارة.

ولفت التقرير إلى أن المستثمرين الأجانب سحبوا أموالهم من تركيا، تحت حكم أردوغان، الذي دفع البنك المركزي إلى تبني سياسة غير سائدة تعتمد على تخفيض أسعار الفائدة، رغم ارتفاع التضخم. وتشمل الاختلالات الاقتصادية في تركيا عجزًا واسعًا في الحساب الجاري وعملة مبالغ في تقدير قيمتها.

اقرأ أيضًا| هل يحسم الاقتصاد انتخابات الرئاسة التركية؟

انقسام حاد

تُظهر نتائج الجولة الأولى أن تركيا تظل منقسمة بشدة، ويحظى أردوغان بحب الملايين بصفته بطلًا للمحافظين في البلاد، في حين يكرهه آخرون كونه قائدًا قوّض المؤسسات الديمقراطية وحبس معارضيه، وفق ما جاء في التقرير.

وفي هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة كوتش في إسطنبول، مراد سومر: “ما نراه مجددًا هو أن المجتمع التركي منقسم”، مضيفًا أن سياسة الاستقطاب هذه “تصبح قوية جدًا بمجرد أن تصبح حالة سياسية، أو حالة توازن”.

اقرأ أيضًا| هل يرجح الغضب الشعبي التركي كفة أوغلو على أردوغان؟

السيطرة على البرلمان

في خطاب صباح أمس الاثنين، أعلن أردوغان حصول تحالفه الحاكم على الأغلبية في البرلمان، موجهًا ضربة قوية للمعارضة، التي من المرجح أن تشكل تصورًا بأن الرئيس لديه ميزة قبل الاتجاه إلى جولة الإعادة، وفق وول ستريت جورنال.

وفاز حزب العدالة والتنمية بـ266 مقعدًا على الأقل، ليظل الحزب الأكبر في البرلمان. وإلى جانب شركائه في الائتلاف، ستحتفظ الكتلة الحاكمة بسيطرتها على البرلمان. إلا أن حصة حزب العدالة والتنمية من الأصوات انخفضت من 42.56% في انتخابات 2018 إلى 35.49%، ما يعكس المخاوف العامة بشأن اقتصاد تركيا.

وقال أردوغان لمؤيديه في أنقرة: “نحن متقدمون بفارق كبير”. في حين تعهد كليتشدار أوغلو بمواصلة القتال، وقال: “أنا هنا، وسأقاتل حتى النهاية”.

لوحة دعائية لكمال كليتشدار أوغلو

كيف توزعت الأصوات؟

أفاد التقرير يأن النتائج أظهرت تقدم أردوغان في المناطق الريفية والمحافِظة، على الرغم من حصوله على ملايين الأصوات من المدن الكبرى، وتصدره في محافظة بورصة، موطن رابع أكبر مدينة في تركيا بنفس الاسم، وفي غازي عنتاب، وهي مدينة كبيرة أخرى ومركز صناعي مهم بالقرب من الحدود السورية.

وفي المقابل، تقدم كليتشدار أوغلو في أكبر المدن التركية، مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير، وحصل على أغلبيات كبيرة في المحافظات ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، حسب النتائج التي نقلتها وكالة الأنباء الرسمية.

وأشار تقرير وول ستريت جورنال إلى حصول السياسي اليميني المتطرف، سنان أوغان، على 5.17% في الجولة الأولى، ما يعني أن كتلته من الأصوات قد تلعب دورًا مهمًا في تحديد نتيجة جولة الإعادة.

اقرأ أيضًا| فوز أردوغان في إعادة الانتخابات التركية بين يدي سنان أوغان