هل يحسم الاقتصاد انتخابات الرئاسة التركية؟

آية سيد
انتخابات تركيا

مع انطلاق سباق الرئاسة التركية، هل يؤثر الوضع المتدهور لاقتصاد تركيا في نتيجة الانتخابات؟


انطلقت، اليوم الأحد 14 مايو 2023، انتخابات الرئاسة التركية التي وُصفت بأنها الأصعب في مسيرة الرئيس المنتهية ولايته، رجب طيب أردوغان.

ولفت الزميل المقيم بصندوق مارشال الألماني بأمريكا، قدري تاستان، إلى أن شعبية أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” بلغت أدنى مستوياتها في السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن تدهور الاقتصاد قد يكون أحد الأسباب المؤدية لخسارة أردوغان في الانتخابات.

أزمة اقتصادية

في تحليل نشره المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، أول من أمس الجمعة 12 مايو 2023، قال تاستان إن الأزمة الاقتصادية، الناتجة عن انهيار الليرة التركية، دمرت جميع الأسر وتؤدي إلى انهيار الطبقة المتوسطة.

وكذلك فإن الإجراءات التي اتخذها أردوغان في السنوات الأخيرة، والخفض التدريجي لاستقلال البنك المركزي التركي، دفعوا التضخم إلى أعلى مستوى منذ ربع قرن، ليتجاوز 85% في أكتوبر 2022. ونتيجة لهذا، شهدت تكلفة المعيشة ارتفاعًا هائلًا.

اقرأ أيضًا| «إس أند جلوبال» تخفض التصنيف الائتماني لتركيا إلى سلبي

ضربة قاضية

أضاف تاستان أن الزلزال، الذي ضرب تركيا في فبراير الماضي، كان بمثابة “الضربة القاضية” للوضع الاقتصادي والمالي المزري في تركيا. وحسب تقديرات البنك الدولي، بلغ الضرر المادي المباشر للزلزال أكثر من 34 مليار دولار، ما يساوي 4% من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا في 2021.

وعند إضافة تكلفة التعافي وإعادة الإعمار والآثار الثانوية في الاقتصاد، قد تتجاوز التكلفة 100 مليار دولار. وأشار تاستان إلى أن استجابة الحكومة غير الكافية في الأيام الأولى للزلزال، ومعاناة الضحايا في المناطق المتضررة، قد تكلف الحكومة أصواتًا في الانتخابات.

اقرأ أيضًا| خسائر الزلزال المدمر تضاعف الضغوط على الاقتصاد التركي

ماذا يقدم كليتشدار أوغلو؟

حسب تقرير لشبكة بلومبرج الأمريكية، أمس السبت 13 مايو، يتصدر الاقتصاد القضايا التي تشغل الناخبين الأتراك. وفي هذا السياق، يقول مرشح المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، إنه سيعود إلى الاقتصاد السائد في حالة فوزه.

ووفق الشبكة الأمريكية، هذا يعني رفع سعر الفائدة في المدى القريب لكبح التضخم، على الرغم من أن الإصلاح الشامل لأدوات البنك المركزي قد يستغرق وقتًا أطول.

وتتوقع بلومبرج إيكونوميكس أن يرفع أردوغان أسعار الفائدة إذا ربح، وإن كان بمعدل أقل وفي وقت لاحق. إلا أن وزير المالية التركي، نور الدين نباتي، يقول إن هذا لن يحدث أبدًا.

جلب الاستثمارات

يقول كليتشدار أوغلو إن مئات المليارات من الدولارات ستتدفق إلى تركيا في حالة توليه السلطة. ووفق بلومبرج، قد يبحث المستثمرون العالميون، الذين سحبوا استثماراتهم بعد التحول في سياسة أردوغان، عن فرصة للعودة إلى تركيا.

لكن من الصعب التنبؤ برد فعل الأسواق تجاه أي تغيير سياسي كبير، حسب بلومبرج. وإذا كان المستثمرون يترقبون حدوث تحول في السياسة الاقتصادية، يتطلع شركاء تركيا الغربيون إلى تغيير المسار في دبلوماسيتها.

وبينما يُنظَر لتركيا على أنها جنحت نحو روسيا تحت حكم أردوغان، تقول المعارضة إنها ستصلح العلاقات مع واشنطن وبروكسل.

اقرأ أيضًا| بعد انسحاب مرشح رئاسي.. هل تعززت فرص المعارضة التركية؟

التاريخ يعيد نفسه

بالعودة إلى تحليل قدري تاستان، لفت الباحث في الشؤون التركية إلى أن الظروف الحالية متشابهة إلى حد كبير مع تلك التي أدت إلى وصول أردوغان وحزب العدالة والتنمية إلى السلطة. هذا لأنهم وصلوا إلى السلطة في وقت كانت البلاد تمر بواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية، وتتعافى من زلزال 1999 المدمر.

وخلال فترة التعافي من الأزمة، حقق الاقتصاد التركي نجاحات كبيرة، بفضل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي طبقتها حكومات حزب العدالة والتنمية والظروف المواتية التي قدمتها مفاوضات عملية الانضمام للاتحاد الأوروبي والتيسير الكمي للبنوك المركزية الكبرى، الذي أدى إلى تدفق كبير لرأس المال للأسواق الناشئة.

إلا أنه في غضون سنوات قليلة، اختفت المعجزة الاقتصادية، وأثر الوضع الاقتصادي الخطير في السياسة التركية وشعبية أردوغان وحزبه، وفق تساتان. وتُظهر استطلاعات الرأي ارتفاعًا في دعم أحزاب المعارضة على حساب حزب العدالة والتنمية وشريكه في الائتلاف، حزب الحركة القومية اليميني المتطرف.

اقرأ أيضًا| كليتشدار أوغلو ضد أردوغان.. استطلاعات لانتخابات الرئاسة التركية

هل يحسم الاقتصاد النتيجة؟

على خلفية ما سبق، قال تاستان إن السؤال الذي ينبغي طرحه هو: هل يخلع الاقتصاد أردوغان عن عرشه؟ إلا أن الإجابة ليست بهذه البساطة، وفق الزميل بصندوق مارشال الألماني.

فعلى الرغم من تراجع معدلات دعم أردوغان وحزبه في السنوات الأخيرة، بسبب ارتفاع الفقر والوضع الاقتصادي المزري، تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب العدالة والتنمية سيتصدر الانتخابات البرلمانية وأن أردوغان سيخوض منافسة محتدمة مع كمال كليتشدار أوغلو.

وأشار تاستان إلى أن هذا يوضح أن الاقتصاد ليس العامل الحاسم الوحيد للناخبين في تركيا، لافتًا إلى وجود عوامل أخرى مثل الدور الحاسم للانتماء الأيديولوجي والهوية، وكذلك نظام المحسوبية والشبكات التي بناها حزب العدالة والتنمية طوال سنوات حكمه.

ربما يعجبك أيضا