في زمن كورونا .. إدارة ترامب تحاول شرعنة خطة السلام الأمريكية

محمود سعيد

رؤية –  محمود سعيد

رغم جائحة “كورونا” التي عطلت خطط إدارة ترامب في فلسطين المحتلة لعدة أشهر، إلا أن اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها يوم الثلاثاء 3 نوفمبر من عام 2020، عجلت بالحراك الأمريكي، حيث يعول ترامب على دعم إسرائيل واللوبي اليهودي في أمريكا له، لذا فهو يحاول تقديم المزيد لإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.  

وللتذكير صفقة ترامب أو خطته التي أعلن عنها في 28 يناير الماضي، تتضمن إقامة دولة فلسطين في بعض مدن وقرى تربطهت جسور وأنفاق، وجعل مدينة القدس المحتلة بشقيها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، وحتى الأغوار يتم وضعها تحت سيطرة الاحتلال، فضلا عن ضم مستوطنات الضفة التي تتزايد في كل يوم، وهو ما ظهر جليا في تصريحات بومبيو التي قال فيها إن القرار في هذا الخصوص يعود لإسرائيل، وتقدر مصادر فلسطينية، إلى أن الضم الإسرائيلي سيصل إلى ما هو أكثر من 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، وتعمل لجنة إسرائيلية – أمريكية على وضع خرائط المناطق التي ستضمها إسرائيل في الضفة، والتي ستعترف الولايات المتحدة بضم تل أبيب لها.

وتأتي زيارة بومبيو كذلك في ظل هجمات مجهولة ودامية تستهدف مليشيات الحرس الثوري الإيراني في سوريا بشكل متواصل، وخشية إقليمية من إقدام الأردن على التراجع عن اتفاقية السلام التي وقعتها مع إسرائيل في العام 1994 في حال أقدمت إسرائيل على ضم غور الأردن التي تتشارك معها الحدود، ولا ننسى أنه حتى المرشح الرئاسي الأمريكي الديمقراطي جو بايدن يعتبر الضم من جانب واحد قرارا “غير حكيم”.

زيارة بومبيو

وأجرى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، مباحثات مع رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث ناقشا رؤية ترامب السلام، وخطط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية الفلسطينية، وقال: “إن التزام الولايات المتحدة تجاه إسرائيل لم يكن أقوى مما هو عليه حاليا”.

وناقش بومبيو ملف إيران، قائلا “تحدثنا بصراحة عن إيران كما فعلنا دائما”، وحتى خلال انتشار الوباء، يستخدم الإيرانيون موارد نظام خامنئي، لإثارة الإرهاب في أنحاء العالم، في وقت يكافح فيه شعب إيران بقوة شديدة، ولن تسمح واشنطن لإيران بالحصول على سلاح نووي”ـ مشيرا إلى “بقاء العقوبات الاقتصادية والعزلة الدبلوماسية وجميع العناصر الأخرى التي تهدف إلى إقناع النظام الإيراني بالتصرف بطريقة تتماشى مع المعايير الدولية”، من جانبه شكر نتنياهو إدارة ترامب على اتخاذها “لموقف قوي” ضد من وصفهم بـ “سادة الإرهاب الإيراني”، وتؤكد مصادر عدة بأن إسرائيل ضاعفت ضرباتها للمواقع الإيرانية في سوريا المجاورة في الأيام الأخيرة.

وقال بومبيو أيضا إن المحادثات تركزت كذلك على تدابير مكافحة كورونا، وكذلك الدور الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا والخبرة الطبية الإسرائيلية، ووجّه بومبيو، انتقادات إلى الصين دون أن يسميها، وقال موجها كلامه إلى نتنياهو “أنت شريك عظيم، أنت تشارك المعلومات، على عكس دول أخرى التي تحاول تشويش المعلومات وحتى إخفاء هذه المعلومات، ونحن سنتحدث عن هذه الدولة أيضا”.

السفير الأمريكي

السفير الأمريكي في دولة الاحتلال، ديفيد فريدمان، أعلن أن بلاده مستعدة للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية، في الأسابيع المقبلة، وقال فريدمان في حديث مع صحيفة “إسرائيل اليوم”، إن واشنطن “لا تخطط لفرض أي شروط جديدة على هذه الخطوة”، لكنه طالب باستكمال “العديد من العمليات قبلها”.

وكان نتنياهو قد اتفق مع غانتس، أن تبدأ عملية الضم في الأول من يوليو/ تموز المقبل، وتشمل غور الأردن وجميع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية.

مقاطعة فلسطينية واقتحامات

زيارة الوزير الأمريكي قوبلت بمقاطعة من الفلسطينين الذين يقاطعون الإدارة الأمريكية منذ قرارها نهاية العام 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية اليها، الرئيس الفلسطيني محمود عباس ندد بتصريحات بومبيو.، وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إن فريق بومبيو لم يتواصل مع الفلسطينيين قبل الزيارة. وإن “تعاون إدارة ترامب مع إسرائيل فيما يتعلق بخطة الضم الخاصة بها، يعد محاولة لدفن حقوق الشعب الفلسطينية وهجوم صارخ على نظام دولي قائم على قواعد”.

حماس من جهتها أدانت أي تغيير في الوضع الراهن في المنطقة لمصلحة إسرائيل، وهي بحسب مراقبين في حالة انتظار وترقب. فلا تزال المفاوضات بشأن تشكيل الائتلاف الحاكم في إسرائيل قائمة.

في السياق قتل جندي، خلال اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي حيا سكنيا فلسطينيا شمالي الضفة الغربية، بعد إصابته بـ”حجر” رشقه أحد الفلسطينيين.

من جهة أخرى قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن “سياسة تضييق الخناق على التجمعات السكانية الفلسطينية تتخطى الضفة الغربية وقطاع غزة، لتطال الفلسطينيين في البلدات والقرى الفلسطينية داخل إسرائيل”، وأضافت المنظمة أن هذه السياسة “تنحاز إلى مصلحة المواطنين اليهود ضد مواطني إسرائيل الفلسطينيين” (عرب الداخل أو عرب الـ 48)، وتقيد “بشدة إمكانية وصول الفلسطينيين الى الأراضي بغرض السكن وإتاحة نمو سكاني طبيعي”.

إدارة ترامب مستمرة في خطواتها الأحادية التي تحابي إسرائيل، غير مهتمة بالقوانين الصادرة عن الأمم المتحدة، وهناك رفض فلسطيني كامل لخطة ترامب التي أطلقت عليها بعض وسائل الإعلام الدولية والعربية “صفقة القرن”، وهذا الانحياز الأمريكي الكامل الذي يعارضه حتى بعض مرشحي الرئاسة الامريكية وأعضاء كبار في الكونجرس، يؤكد أن الخطة الأمريكية لن تمر. 

ربما يعجبك أيضا