قضية اختفاء خاشقجي.. ليست بعيدة عن ملف تنظيم الإخوان الدولي

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد
 
اختفاء غامض للصحفي السعودي جمال خاشقجي بعد خروجه من قنصلية بلاده في إسطنبول يشعل وسائل الإعلام و يطرح  العديد من الأسئلة ويفتح الأبواب أمام تكهنات عدة، ليست بعيدة عن ملف تنظيم الإخوان الدولي وخلافات قطر مع شقيقاتها الخليجية.
 
انقطعت أخبار المواطن السعودي خاشقجي، في اليوم الثاني من أكتوبر 2018، بعد مغادرته القنصلية السعودية في إسطنبول، للحصول على بعض الأوراق المطلوبة للزواج من خطيبته التركية خديجة جنكيز.

غادر خاشقجي القنصلية بعد وقت قصير من دخولها ونفت المملكة السعودية، مزاعم السلطات التركية بأن الصحفي قتل داخلها.  يذكر أن خاشقجي انتقل للعيش في الولايات المتحدة عام 2017، وعمل الصحفي المخضرم البالغ من العمر 59 عاما سابقاً كمستشار حكومي في المملكة، لكنه اختار الولايات المتحدة عام 2017، لتكون مقر إقامته.
 
وبعد اختفاء الصحفي البارز، صرح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان لوكالة “بلومبرغ” بأنه مستعد للسماح للسلطات التركية بتفتيش القنصلية السعودية، مضيفاً: “المنشآت أرض ذات سيادة، لكننا سنسمح لهم بدخولها وتفتيشها وفعل كل ما يريدونه… ليس لدينا ما نخفيه”. ونشرت وكالة “رويترز” صورًا للقنصلية السعودية من الداخل، حيث تحدث القنصل، عن أن خاشقجي غير موجود في المبنى.

الاتهامات ما زالت توجه إلى إيران وقطر وتركيا، صحيفة “عكاظ” نشرت في أحد تقاريرها بأن تركيا أصبحت غير آمنة.
 
وكان خاشقجي يستعد للزواج من التركية خديجة جنكيز، ولإتمام ذلك لا بد له من الحصول على وثيقة طلاق من زوجته الأول، وفق ما ذكرته خديجة، وسبق أن رفضت القنصلية في السفارة السعودية بواشنطن إصدار تلك الوثيقة، وطلبت منه مراجعة القنصلية السعودية في إسطنبول.
 
  وتقول خديجة جنكيز إنّها وخاشقجي كانا يعدّان للزواج، ولهذا السبب توجّه الصحافي إلى القنصليّة، وتابعت في مقالها أنّه و”بعد لقاء أوّل إيجابي مع موظّفي القنصليّة قبل أيام من حادثة اختفائه، عاد خاشقجي إلى مقرّ القنصلية في الثاني من أكتوبر 2018 “.
 
نشرت صحيفة “صباح” الموالية للحكومة التركية، صورا وتفاصيل عن وفد سعودي، قالت إنهم وصلوا إلى مطار أتاتورك في إسطنبول على متن طائرتين خاصتين يوم 2 أكتوبر2018 والصور تعود إلى مصلحة  الجوازات بالمطار وأقام الوفد في فندقي “ويندهام” و”موفنبيك” بإسطنبول في نفس الحي الذي تقع به القنصلية.
 

الرئيس الأمريكي ترامب من جهته قال: إنه يعتزم الاتصال بالسعودية بشأن اختفاء جمال خاشقجي. ونقلت وكالة أنباء بلومبرغ الأمريكية عن ترامب قوله في المكتب البيضاوي، إنه لم يتحدث مع القادة السعوديين بشان هذا الموضوع بعد ولكنه “سوف يتصل بهم”. وأضاف أنه ليس لديه علم عما حدث لخاشقجي غير ما قرأه في التقارير الإخبارية.

 
أبرز الثغرات في رواية الحكومة التركية هي :
 
ـ أن خطيبة جمال خاشقجي، كانت موجودة خارج القنصلية، وهو مؤشر يفند رواية تركيا، لو افترضنا أن المملكة السعودية كانت متورطة بالاغتيال، لما تركت خطيبة خاشقجي حرة، خارج القنصلية.
 
ـ أن مشهد تجمع عدد من الشخصيات خارج القنصلية السعودية، مدعومة من قطر ومن الإخوان بينها الناشطة توكل كرمان، يثير الكثير من التكهنات حول تورط تركيا وقطر، باستخدام قضية خاشقجي، وسيلة لتأليب الرأي ضد المملكة. القضية ليست بعيدة عن ملف خلافات قطر مع شقيقاتها الخليجية، وملف الإخوان والتنظيم الدولي.
 
ـ رمت الحكومة السعودية، الكرة بملعب تركيا، بتقديم مشروع دخول فريق فني من تركيا لتفتيش مبنى القنصلية، يذكر بأن الفحوصات الجنائية منها ال DNA، يمكن الكشف عنها حتى وإن تأخر دخول القنصلية.
 
ـ إن جمال خاشقجي لم يكن يمثل تهديدا على الأمن القومي السعودي، ليدفع السعودية بتنفيذ فرضية الاغتيال. فهو يعد إصلاحيا، وهناك العديد من المعارضين السعوديين طلقاء.
 
ـ أن تسريب الحكومة التركية صور وفد حكومي سعودي زار قنصلية بلاده في إسطنبول، كان مخالفًا للأعراف الدبلوماسية، ويفترض بالحكومة التركية عدم تسريبه إلى الصحافة، والتسريب يدعم فكرة أن تركيا تقف وراء تصعيد وفبركة قضية جمال خاشقجي من أجل تأليب الرأي العام ضد الممكة.
 
ـ لم تحذر واشنطن جمال خاشقجي من وجود خطر على حياته أو منعه من السفر إلى إسطنبول وفقا إلى قانون عام 2015 والذي  يلزمها بتحذير الأشخاص المهددين سواء كانوا مواطنين أمريكيين أم لا وهذا يعني أن جمال خاشقجي لم يكن لديه مشكلة مع حكومة بلاده.
 
ـ أن جمال خاشقجي لم يكن معارضا وعمل مستشارا سابقا للحكومة في المملكة، وترأس تحرير وإدارة بعض وسائل الإعلام السعودية.
 
من المرجح أن تكون قضية اختفاء جمال خاشقجي، ليست بعيدة عن ملف خلافات قطر مع شقيقاتها الخليجية، والعمل المشترك ما بين الدوحة وانقرة في إدارة التنظيم الدولي للإخوان. أما دخول الولايات المتحدة على الخط، ربما يأتي ضمن محاولات ترامب لوضع ضغوط على المملكة العربية السعودية، والحصول على مكاسب اقتصادية.
 
إن الضجة الإعلامية التي أدارتها تركيا وقطر ضد المملكة، تعتبر سابقة، ربما لم تشهدها تركيا من قبل رغم وقوع عدد من الاغتيالات إلى معارضين على أراضيها، فلماذ قضية خاشقجي ولماذا هذه الضجة ضد المملكة العربية السعودية.
 
لقد خرجت أنقرة عن السياقات الدبلوماسية، عندما تعاملت مع القضية، عبر وسائل الإعلام وليس عبر القنوات الدبلوماسية، ما عدا توجيهها الاتهامات إلى المملكة في قضية اختفاء خاشقجي، كان ينبغي على حكومة أردوغان أن تتعامل مع القضية قضائيا وجنائيا وليس التصعيد الإعلامي. تبقى الاتهامات موجهة إلى تركيا في قضية اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي، كون الاختفاء حصل على أراضيها.
 

ربما يعجبك أيضا